الموازنة العامة وسجالاتها

 

خلافات السياسيين ان كانت لها بداية يبدو انها بدون نهاية، واثرت بشكل سلبي على الكثير من الامور الحياتية اليومية وفي اكثر من مفصل، الخلافات امتدت الى السلطة التشريعية ومنعتها من تشريع اكثر من قانون يصب في خدمة المصلحة العامة، في كل عام على العراقيين انتظار موقعة الموافقة على الميزانية، والتي هي عبارة عن بيان تفصيلي يوضح تقديرات إيرادات الدولة ومصروفاتها معبرا عن ذلك في صورة وحدات نقدية تعكس في مضمونها خطة الدولة لسنة مالية مقبلة, وهذا البيان يتم اعتماده من قبل السلطة التشريعية في الدولة.وهذا يعني ان السلطة التنفيذية يقع على عاتقها تقديم الميزانية وتفاصيلها الى السلطة التشريعية اي مجلس النواب، رئاسة البرلمان قررت الغاء عقد جلسة الأحد لعدم تسلم مشروع قانون الموازنة المالية العامة للدولة لعام 2014 من الحكومة، وهناك مدد تم تحديدها دستوريا لابد من مراعاتها من قبل جميع الجهات المعنية عند اعداد الميزانية ومنها عطلة مجلس النواب، بامكان السياسيين التركيز على خلافاتهم وادارتها كيفما تناسبهم ومصالحهم الخاصة، ولايمكن باي شكل من الاشكال ان تخضع الميزانية العامة للدولة للمساومات السياسية لان ذلك يعني غياب المصلحة العامة لديهم، الدورة البرلمانية دخلت اشهرها الاخيرة ومازالت الميزانية لم تصل الى مجلس النواب من قبل السلطة التنفيذية وهذا يعني تاخير المناقشة لمفرداتها لمدة شهر تقريبا والمجلس بحاجة الى كل ساعة لاستغلالها في تشريع مايهم المواطن، قد تكون هناك جلسة استثنائية لقراءتها القراءة الاولى، وبعد ذلك كما في الاعوام السابقة تبدأ السجالات والتصريحات بين اعضاء هذا الكيان او هذه الكتلة واغلبيتهم لاعلم لهم بالميزانية وتفاصيلها، لان من يستطيع البت فيها ومناقشتها اختصاصي المال والاقتصاد، الميزانية عند ارسالها الى مجلس النواب يجب ان تكون مرفقة مع الحسابات الختامية التي ستتضمن الايرادات والمصروفات الفعلية عن السنة المالية المنتهية، هي جزء عضوي ومكمل للموازنة وليست قضية فرعية تتعلق بالتدقيق فقط،الحسابات الختامية تتيح للسلطة التشريعية او مجلس النواب للتحقق عن مدى التزام الحكومة بقانون الموازنة، قد يتكرر ماحدث في السنوات السابقة بالموافقة على الميزانية بدون حسابات ختامية، ومن هنا تاتي مخالفتين للدستور الاولى ارسال الميزانية من قبل الحكومة بدون حسابات ختامية والموافقة على تمريرها من قبل مجلس النواب. الميزانية لها خصوصية هذا العام لانها تاتي قبل اجراء الانتخابات التشريعية،وتفوق ميزانية الاعوام السابقة، ورغم الميزانية الكبيرة برقمها ولكنها لم تقدم شيئا بحجم قيمتها، لان التخصيصات للكثير من القطاعات خيالية دون احراز اي تقدم في هذه القطاعات ولايحتاج الامر لذكرها، وهذا يعني ان سجالات واستعراضات تشهدها لحين الموافقة عليها كونها مادة مهمة للدعاية الانتخابية، ومعها تعود نغمة الاتهامات لهذا الطرف او ذاك وفي النهاية وبعد استهلاك جميع الاتهامات والسجالات بين الكيانات، والاجتماعات الماراثونية لرئاسة مجلس النواب مع قادة الكتل لعدم التوافق بشان الميزانية، تاتي اللحظات الاخيرة ومعها الموافقة على تمرير الموازنة.