صفحات عراقية من الأمس القريب ـ 2 ـ (مسيرة التعليم الابتدائي)

بموجب نظام المدارس الابتدائية رقم 19 لسنة 1930وتعديلاته. إن المدارس الابتدائية الأميرية (الرسمية) معدة لقبول جميع الطلاب بدون تفريق بين العنصر والدين، كما نص على إن الدراسة في المدارس الابتدائية هذه مجانية لجميع الطلاب. وقد حددت مدة الدراسة فيها ست سنوات، وتتحمل الدولة مسؤولية نشره وتوفيره لكل طفل عراقي بلغ السادسة من عمره، وتدرس فيها مواد، الدين واللغة العربية والخط العربي والنشيد والرسم والحساب والهندسة والصحة والزراعة والأعمال اليدوية والتاريخ والجغرافية والمعلومات المدنية والأخلاقية واللغة الإنكليزية. وكانت الدراسة الابتدائية تشتمل على نوعين من المدارس، أولهما مدارس الأحداث والتي يكون التعليم فيها مختلطا من الذكور والإناث، وهيأتها التعليمية مكونة من المعلمات فقط، وقد وصل عدد هذه المدارس (52) مدرسة في العام الدراسي 45-1946، وثانيهما المدارس الابتدائية، وهي مدارس مخصصة لتعليم البنيين على يد معلمين، أو للبنات على يد معلمات.  

وقد قامت وزارة المعارف بناء على هذه السياسة بفتح مدارس ابتدائية جديدة في العاصمة بغداد ، العمارة ، اربيل ،الرمادي ومدينة بدرة. وكانت قد افتتحت عدد من المدارس الأهلية في بغداد بين عامي 1919-1920، وكان أبرزها  (المدرسة الأهلية) و(المدرسة الأهلية الوطنية) و(المدرسة الهاشمية) وعدد من المدارس الخاصة بالطائفتين  المسيحية واليهودية. لقد بدأ التعليم في العراق بداية الحكم الوطني 1921، وكان عدد المدارس بين عامين 1920-1921، قد بلغت (88) مدرسة، (85) منها مخصصة للذكور و(3) مخصصة للإناث، وكان عدد المعلمين (486) معلما منهم (471) معلم و(15) معلمة، وبلغ عدد التلاميذ (7539) من الذكور و(462) من الإناث. يضاف إلى تلك الأعداد، المدارس الابتدائية والأجنبية والطائفية  والكتاب ففي العاصمة كانت هناك ثلاث مدارس أهليه للمسلمين وكان عدد طلابها (946)، خمس مدارس أهليه للمسيحيين وبلغ عدد طلابها (814) طالبا، والمدارس الأهلية اليهودية عددها ستة وعدد طلابها بلغ (4783)، وبلغ عدد الطالبات في المدارس الأهلية المسلمين (1003) طالبه وعدد طالبات مدارس الإناث اليهوديات (918) طالبه،وبلغ عدد الكتاب في بغداد (47). بهذه الإعداد  الضئيلة بدأ العراق كفاحه لنشر التعليم، و لا ينكر إن الحكومات العراقية أولت اهتمامها لتوسيع التعليم الابتدائي بما لديها من موارد مالية فكان التقدم يسير بسرعة كبيرة بالنسبة إلى المدارس والمعلمين والطلاب والميزانية حتى بداية الحرب العالمية الثانية

وكان حتى العام الدراسي 1931-1932، قد بلغ عدد المدارس الابتدائية الرسمية (336) مدرسه وعدد المعلمين قد بلغ (2447) معلم، وعدد التلاميذ (37472) تلميذا وبلغت الميزانية المخصصة للمعارف (193304) دينار عراقي، بسبة (2/8) بالمائة من الموازنة العامة، بعد أن كانت في العام الدراسي 1921-1922 (14245) أي بنسبة (2/3) بالمائة. وقد بلغ عدد التلاميذ في العام الدراسي 1938- 1939 (96620) تلميذا(). وفي العام الدراسي 1941- 1942 ازداد عدد المدارس الابتدائية في العراق لتصل إلى (761) مدرسة، وبلغ عدد المعلمين (3752) معلم، وبلغ عدد التلاميذ (88864) تلميذا، وبلغت ميزانية المعارف (855540) دينار بنسبة (11) بالمائة من الموازنة العامة. أصاب التعليم الابتدائي الركود خلال سنوات الحرب العالمية الثانية،حيث كان عدد التلاميذ للسنوات 1940، 1941، 1942، 1943، 1944 على التوالي: (89482)، (90794)، (88864)، (89744)، (89558) تلميذا، واخذ هذا العدد بالازدياد بعد انتهاء الحرب. أما المبالغ المخصصة لوزارة المعارف للتعليم الابتدائي بالنسب المئوية لها في الميزانية العامة، تدل على الاهتمام الذي أولته الدولة في هذه المرحلة التي عدتها من مسؤوليتها الكبرى، فقد جعلت التعليم مجانيا للجميع دون تفريق. فقد خصصت عام 1945 مبلغ (843/611/1) ديناراً عراقي بنسبة 9 بالمائة من الميزانية، وفي سنة 1946 خصص مبلغ (604/727/1) دينار عراقي ما يعادل نسبة 4/9 بالمائة، أما في عام 1947 فد خصصت الحكومة مبلغ (315/157/2 ) دينار ما يعادل 5/11 بالمائة. أن هذا النمو في التعليم وخاصة التعليم بعد انتهاء الانتداب البريطاني لم يكن متوازنا في مختلف المناطق العراقية. ويعزو البعض سبب ذلك إلى تناثر القرى وابتعادها عن بعضها احد العوائق في إنشاء مدارس منفردة، فضلا عن تكليف ميزانية التعليم كثيرا، ويجعل صعوبة بالغة في الاتصالات الرسمية بين المدارس وإداراتها العليا. كما  ان وزارة المعارف ورثت مشكلات عديدة متمثلة في سوء توزيع المدارس في المحافظات وتسرب عدد من التلاميذ قبل إكمالهم المرحلة الدراسية وإهمال التعليم الريفي والنقص الشديد في المدارس والأثاث واللوازم، وانخفاض نسبة البنات بحيث لم يزد مجموع البنات في المدارس الابتدائية للسنة الدراسية 27-1928 مثلا عن (879/5) طالبة فيما كان عدد البنيين (827/21) طالبا، إلا إن هذه النسبة أخذت بالنمو فقد صار عدد المدارس الابتدائية سنة 29-1930 (289) مدرسة منها (247) للذكور و(42) للبنات، وقفز العدد بالعام الدراسي 30-1931 إلى (314) مدرسه منها (269) للذكور و (45) للإناث، أي بزيادة (12) مدرسه للذكور و(3) للإناث(). وفي العام الدراسي 45-46 أصبحت عدد المدارس الابتدائية في عموم المحافظات العراق (941) مدرسة، منها (723) للذكور، و(166) للإناث، و(52) مدرسة مختلطة بين الجنسين.

ويتبين إن المهمة كانت شاقة على الحكومات العراقية في نشر التعليم وخاصة في المناطق البعيدة عن مراكز المحافظات إلا إن ذلك لم يقلل من أهمية النمو في سير التعليم ولو كان بشكل بطيء. لقد نال التعليم الابتدائي دعم وزارة المعارف وحصل نمو ملحوظ فيه بما يناسب المرحلة التي مرت بها البلاد آنذاك، وتوسيع قاعدة التعليم ليشمل اكبر عدد ممكن من أبناء الشعب. و فعلا ازدادت عدد المدارس من (88) مدرسة في العام الدراسي 20-1921، إلى (941) مدرسة في العام الدراسي 45-1946. و كان عدد المعلمين والمعلمات للعام الدراسي 20-1921، ( 486) وعدد التلاميذ (8001) من كلا الجنسين، وارتفعت في العام الدراسي 45-1946 إلى ( 4779) معلم ومعلمة، وبلغ عدد التلاميذ (117487 ) ذكورا وإناث.