ايها الرب.. اجرف الساقطين بالسيول وارحنا !! |
سألني الكثير من اترابي واقربائي عن سبب انقطاعي عن الكتابة وقد كانت اجوبتي سطحية للغاية ,فتارة اعزو السبب الى الانشغال اليومي بهذه الحياة العراقية الموبوءة , وطورا الى تصحر عقلي من الافكار القيمة والهادفة , بعدما سأمت من سكب المعاناة في كأس السخط والامتعاض . ان حقيقة سبب ذلك الانقطاع يا احبائي - وسأقولها بعبارات غليضة وساصفها بمفردات قاسية – يقف خلفها اولئك السفلة الطائفيون الناقصون عقل ووعي وادراك ودين , اولئك البشر الجرثوميون – ان جاز التعبير – المنتشرون في المستنقع العراقي سواء كانوا فيسبوكيون افتراضيون او واقعيون , هؤلاء العمي الذين لوث افكارهم وغيب عقولهم من اقسموا بالله ورسوله على شراء الدنيا بالدين , والتغرير بالبسطاء وعامة الناس للانسياق كالنعاج وراء توجهاتهم الحالكة الظلام . وما يعصر القلوب الما هو ان ذلك الوباء التمييزي الطائفي يضم داخل مساحاته القذرة وبيئته المتسخة شخصيات على مستوى من التعلم والتحصيل الاكاديمي . يقول المؤرخون ان مايشهده العراق حاليا لاشبيه له مذ نشوء حضارة بلاد ما بين النهرين . لفجاعة الاحداث التي يعيشها وفداحة الخسائر التي تطال ارواح ابنائه ونفائس ثرواته وادمغة كفاءاته ووطنية ابطاله واصالة وجوده وتاريخه . على متن صفحات الورق البيضاء الناصعة - التي غدت بالنسبة لنا اجمل من اديم الوطن الذي احمر بدماء الضحايا – سطرنا الكلمات لكن لم تشفع لنا ولم تفرج كربتنا , انزوينا في بيوتنا فلم نفلح في مسعانا , فمن على شاشات التلفاز تباغتنا خفافيش السياسة التي لاتعرف العيش والعمل الا في دمس الظلام , وجوه ممسوخة وافواه مشبعة بالحقد والسن لاتنطق الا بالكذب والتحريض وبطون لاتشبع الا بسرقة طعام الشعب ولا تستلذ الا من اموال المعوزين والفقراء والمساكين , ولون برازها اشبه ببشرتها ونتانته اقرب الى رائحة اجسادها الكريهة . وبعدما تلاشى الامل من مجهود البشر لم يبق الا الالتجاء الى الله , اذ سالناه خلاصنا من هذه الزمرة (ساسة وبعض الاناس) , عندها اشرقت شمس الامل من جديد واستمع الرب , فتلبدت السماء بالغيوم المثقلة بالمطر , ليفضح هطول قطراتها العذبة فساد الفاسدين ويزيح الغشاوة عن بصر المخدوعين . ربما التحالف الذي عقدته السماء مع الماء هذه الايام اقوى من كل احلاف خونة الوطن وعملائه , فاملنا في سيول المياه المرتقبة يسبق تطلعاتنا بصناديق الاقتراع , عسى ان تجرف تلك السيول الساسة البرابرة المحصنين في جحور خضراء كالفئران المرتجفة خوفا ورعبا , والانجراف لكل شيوخ الفتنة ودعاة الطائفية ولكل من لبس ثوب التطرف وخبأ تحته سلاحا لاشهاره بوجه اخوته في الانسانية . والسلامة لكل انسان اصيل من غضب الطبيعة وصرختها . |