ان لم تستح فافعل ما شئت

 

بعد الاخفاق في معالجة تصريف المياه نتيجة سقوط الامطار في الاسبوع الماضي، جاءت امطار مساء الثلاثاء 19 تشرين الثاني على العاصمة بغداد لتعمق جراحات العراقيين ضحايا هذه الامطار تحت عنوان الاهمال والتقصير في اداء العمل لدى الاجهزة الخدمية في بغداد، المأساة ليست في بغداد وحدها حيث سبقتها المحافظات الوسطى والجنوبية وكانت ضحايا الموجة التي لم تنته وربما يبدأ اليوم انحسار الموجة، سقوط قتلى وهدم منازل ونزوح الكثير من العوائل، وخسائر مادية في المدارس والمستشفيات ودوائر عديدة ودور العبادة. معاينة هذه المآسي عبر شاشات التلفزة والصور التي تنقلها مواقع التواصل الاجتماعي لاتزيد المشاهد سوى الحسرة والالم على قلة الخدمات والتي بامكان الدولة توفرها في اية لحظة، ولكن المليارات التي صرفت وتكشفها الوثائق التي تعرض يوميا تذهب كلها هدرا من المال العام من دون حساب او عقاب يذكر للفاسدين الذين تسببوا في هذه المعاناة، وهم وعوائلهم وعوائل من يوفر لهم الحماية من سلطة القانون يعيشون في تلك القصور في الداخل او تلك المشتراة في الخارج لاسكان عوائلهم الذين تميزوا عن مساكين العراق كونهم ابناء مسؤولين، المشاهد التي تعرض تكفي اي مسؤول عن الكوارث هذه ان يشعر بالخجل ويخرج في وسائل الاعلام بعد امتلاكه الجرأة الكافية ويقدم استقالته احتراما لمعاناة من تحدى الصعاب وتوجه الى صناديق الاقتراع لينتخبهم .والظاهر لايوجد من يتصف بذلك ويفعلها في تعبير واضح على الاستهانة بمعاناة المواطن وربما يضحكون عليها كثيرا وهم يشاهدونها، ليست الامطار فقط فعلت هكذا في بغداد، وجاءت متزامنة معها التفجيرات الارهابية التي حدثت في بغداد يوم الاربعاء 20 من الشهر الجاري لتحصد ارواح الابرياء واصابة المساكين الذين نجوا من غضب الطبيعة، ولكن القدر كان بانتظارهم لتعمق الفواجع وتدمع عيون الشرفاء من ابناء البلد. هذه المشاهد المروعة ضحايا الامطار والسيول والتفجيرات الارهابية لو حدثت في بلد غير العراق لكانت هناك اجراءات كثيرة وعلى اقل تقدير جلسة استثنائية لمجلس النواب لمناقشتها، او احالة المسؤولين المسبيين والمهملين في اداء واجباتهم الى سلطة القانون، والمؤسف الامر يختلف في العراق كليا، وهذا دليل على عدم احترام مشاعر المواطنين في ابسط صورها، ولم يجن المواطن منها سوى الخيبة من المسؤولين والاستعراض امام وسائل الاعلام لتبادل الاتهامات وتسقيط الاخر، وهناك من يعلن سروره بالغريق والحريق لاستخدامه وسيلة للدعاية الانتخابية الرخيصة، والشارع العراقي يعبر عن معاناته من المسؤولين بالقول ان لم تستح فافعل ما شئت .تمر مثل هذه المآسي والكوارث ولكن عندما يهدر صوت الشعب الرافض لهذه السياسات فلا سقوف تحمي المقصرين من العقاب الذي ياتي بصوره المختلفة. ورغم كل الكوارث فان صولات الاتهامات لتبرئة الساحة مستمرة ووسط تلاعب بالالفاظ يخجل من يسمعها، الشعب بحاجة الى المعالجة وليس نغمات تكررت في اكثر من مناسبة، ومن يعرف المسبب ويسكت عن ذكره يكون قد قدم له غطاء دون ان يعلم، الا تخجلوا من انفسكم وشعبكم في هذا الحال؟