الدولة الأضعف والأمة الأضعف

 

مقدمة الموضوع

من هي الدولة والأمة الأضعف؟؟

ينطبق عنوان مقالنا هذا على جميع البلدان التي طالها ربيع التغيير وحالة التحول الى النظام الديمقراطي، والذي جاء برغبة الجماهير وفعلها الذي شٰابَهُ أو دٰاخَلَهُ فايروس التدخل الأجنبي لبعض الدول الكبرى وذيولها الرجعية في المنطقة العربية والإسلامية التي ألحقت به الضرر، وتبين فيما بعد أنه يفتقد لكثير من العناصر ومنها الوحدة الوطنية والأمن والإستقلال والإستقرار والنزاهة، إذ لابد للتحول أن يكون إيجابياً وخالياً من التداعيات التي تلحق الأضرار بالدولة والأمة.

 

فقدان الإستقرار وشراكة الأشرار

وقد يكون بإستطاعتنا القول بأن الدولة الأضعف في العالم في عصرنا المعاش إنما هي الدولة غير المستقرة التي تتشارك في إدارتها مجموعة الكتل والأحزاب المختلفة المتعادية فيما بينها والتي تديرها حفنة أشرار الداخل والخارج وماأكثرهم وأكثر أشكالهم وصورهم.

 

إستقرار أمن الأنظمة الرجعية الحاكمة في المنطقة العربية

ومن الجدير بالذكر أن هناك دولاً قوية مستقرة قد لانجد مجالاً للنقاش في أمر إستقرارها كالدول العظمى، أو المرتبطة بها والتي عادة ما تكون جزءاً منها ومثل هذه الدول الذيول  قائمة على أسس باطلة أصلاً وعلى حساب إرادة الشعوب التي تعاني من حكم أنظمتها الدكتاتورية المستبدة.

 

التدخل الأجنبي وسياسة فرق تسد 

وأما الأمم التي تعيش في ظل مثل هذه الحكومات فهي الأمم الأضعف كما هو الحال في غالبية الدول العربية والإسلامية ومايجاورها من الدول في كل من قارتي آسيا وأفريقيا إضافة الى بعض دول  أوروبا الشرقية.. ويعلم العالم كله مدى التدخل الأجنبي الذي إستغل الإختلافات والتنوعات الطائفية والعنصرية والحزبية لصالحه والتي تركت آثارها السلبية في حياة الشعوب المفتقدة للأمن والأستقرار في العالم.

 

ربيع التغيير من مستنقع الدكتاتورية الى مستنقع الفوضى والدمار

وأما الحديث عن التحولات الديمقراطية في العالمين الإسلامي والعربي الإسلامي فهو خير مثال لما ابتليت به الشعوب التي تعاني من الدكتاتورية، فإذا بها تخرج من مستنقع الدكتاتورية لتدخل مستنقع أكبر من الفوضى والدمار والخراب بفقدان الأمن والإستقرار والحياة الحرة الطاهرة الكريمة.. فأين الفائدة من هذا التغيير الذي يترك البلد في فوضى عارمة؟!

 

ربيع التغييرأسهم في إشعال نار الطائفية والقومية

إن مايدور في المشهد السياسي داخل العالمين العربي والإسلامي والمسمى بربيع التغيير أسهم في إشعال نار طائفية وعنصرية كبرى لاتخمد بسهولة إلاّ بوعي من الجماهير التي لابد لها من النهوض لتغيير طريقة التفكير والعودة الى الرشد والصواب لحماية الدولة والأمة من التداعيات ودرء الأخطار الخارجية والداخلية المهددة للأمن والإستقرار الوطني.

 

حرب الشراكة والشركاء

إن أشد ماتمر به البلدان الإسلامية والعربية هو تصدي الأحزاب والكتل لقيادة الجماهير الغافلة.. إلى حروب وإقتتال دموي داخلي ضد الشركاء من أجل التفرد بالسلطة والتحكم بمقدرات الشعوب رغم الشعارات الزائفة التي ترفعها وتتشدق بها بإسم الديمقراطية وحقوق الطائفة أو القومية بينما يعاني الإنسان من ويلات سياساتهم الرعناء التي لم يحصد منها المواطن غير الموت والدمار والخراب والبطالة والخوف، في الوقت الذي تنعم فيه هذه القيادات بالرخاء والنعيم.

 

ربيع التغيير حقق الثراء للحكام

لقد إتسمت سياسات حكام أغلب الدول العربية ودول الخليج بسياسات نفعية طابعها الثراء في الوقت الذي تعيش فيه الشعوب في بيوت من الطين والصفيح وينال منها المرض وهي تعيش حالة من الجوع والخوف من المستقبل.

 

أفغانستان والأمن الضائع

فهاهي أفغانستان التي إبتدأ فيها التغيير.. مالذي حدث؟ لقد أصبحت أفغانستان دولة ضعيفة تتقاذفها رياح الإرهاب ولاندري ما الذي جنته غير إنهيار الوضع الأمني وعدم الإستقرار.

 

العراق والديمقراطية المريضة

وكان المشروع الثاني لهذا التغيير هو العراق الذي إفتقد الأمن والإستقرار ودبَّ فيه الفساد من كل جانب بإعتراف الجميع.. 

 

المشروع الأجنبي كان مشروعاً باغياً

فالمشروع الأجنبي كان مشروعاً باغياً حَوَّلَ الدول من حكم الدكتاتورية الى حكم هزيل يتنازع فيه الشركاء ويبغي بعضهم بعضا بينما يدفع المواطن كامل الضريبة في نفسه وماله وعرضه، ولم يسمح هذا المشروع بالتوجه الأكاديمي والمهني لتسلم زمام السلطة بل شجع على ولادة الإنقسامات داخل المجتمع الديمقراطي المريض.

 

اليمن والتغيير الفاشل

وأما اليمن فلاتزال تشكو من عدم الأمن والإستقرار وهي تدفع يومياً فاتورة الحساب لعملية التغيير الديمقراطي الفاشلة التي فُصِّلَتْ بحسب مقاسات وأمزجة الدول الخليجية والدول الكبرى.

 

ليبيا التعيسة

وأما ليبيا فلم تكن اسعد حظاً من مثيلاتها فهذه الدول التي ذكرناها باتت أضعف الدول في العالم رغم إمكانياتها المادية ومواردها البشرية وفي نظرنا أن ذلك لم يحدث بمحض الصدفة.

 

مصر وعاصفة التغيير

وأما في مصر فقد دبّ فيها الخراب والدمار، وافتقدت الأمن والإستقرار، وعصفت فيها رياح الخلافات السياسية دون أن تجد طريقاً لكي تهدأ وتهدأ معها العواصف..  فما الذي جنيناه من التغيير في ظل الشراكة الطائفية والعنصرية والحزبية ونحن بعيدون عن إستحقاقات الأمن والعدل والحياة الحرة الكريمة.

 

خداع العالم الإسلامي والعربي بِوَهم الديمقراطية

 لقد خُدِعَ العالم العربي والإسلامي بوهم الديمقراطية وحقوق الطائفة والقومية لأن هذا المشروع حمل بذور فناءه لحظة ولادته ولم يحصل على مكان يريد من الأمن والحرية والعدالة والحياة الحرة الكريمة.

 

دولة البحرين المسكينة

وليس غريباً على دول غربية عظمى أن تقف متفرجة على مايدور داخل دولة البحرين من إنتهاكات لحقوق الإنسان، إذ كيف تسمح لنفسها أن تترك حليفها الحاكم المطيع؟! لتنقذ شعباً معذباً بسياط ذلك الحاكم الظالم.

 

إستباحة الحرمات في الشوارع العامة

فلازال شعب البحرين المسكين يئن من جراحه العميقة، ويعاني من الدكتاتورية والحكم المستبد الذي  زَجَّ بالمعارضة  غير المسلحة المسالمة في السجون والمعتقلات، واستباح الحرمات في الشوارع العامة بقتل الأبرياء الذين خرجوا يطالبون بابسط حقوقهم المدنية.

 

تدخل قوة خارجية وأيدي مرتزقة أجانب

لقد تزايدت حالات الإعدام والتعذيب داخل السجون والمعتقلات البحرينية ولم يسلم من بربرية النظام الحاكم لاالصغار ولاالنساء ولاالشيوخ، ورضي بدخول قوات خارجية سعودية تنال من الشعب المظلوم وتم بأيدي أجنبية مرتزقة غير عربية تلطخت أياديها بالدماء، بينما تتفرج الدول الكبرى وتغض الطرف عما يدور داخل هذه الدولة الظالمة، في الوقت الذي عَمِيَ فيه الإعلام العربي والأجنبي عن ذكر تلك الجرائم التي ترتكب يومياً داخل هذه الدولة.

 

التقارب الغربي الإيراني وآثاره على النظام الحاكم في البحرين

( الحاجة الى رفع الحصانة عن الأنظمة الدكتاتورية عن دول الخليج )

إن طبيعة التفاهم والتقارب حول الملف النووي الإيراني بين الغرب وغيران ينبغي أن ينعكس على موقف الدول الكبرى والدول الغربية بالذات برفع الحصانة عن مثل هؤلاء الحكام لإشاعة الديمقراطية والعيش بسلام بضمان عدم الإعتداء وإحترام مبادئ حقوق الإنسان داخل الدول العربية والإسلامية وجيرانها.

 

تونس والسودان والأوضاع السياسية الهزيلة

ولايختلف الحال داخل كل من تونس والسودان وغيرها من الدول العربية، والإسلامية كالهند والباكستان فالعنف وإنعدام الأمن والإسقرار هو السائد فيها.

 

سوريا وساحتها المستباحة  

وأما مايجري من أحداث دامية في سوريا فيمثل الطامة الكبرى إذ تحولت الساحة السورية الى مسرح لإقتتال داخلي مدعوم من الخارج، ودفع خارجي لمجاميع إرهابية جَرَّتِ البلاد الى أكبر خراب ودمار قوَّضَ كل ماكان ينبغي من العناية والإهتمام بعملية التغيير الديمقراطي ومحاولة إنجاح المشروع الوطني الداخلي.

 

 خاتمة

وأخيراَ نقول نحن لسنا بحاجة الى شراكة سياسية بقدر مانحن بحاجة الى إدارة ناجحة تحقق لنا العدل والمساواة بين أبناء البلد الواحد، ونحتاج الى إدارة تعمل على تجاوز التوجهات الطائفية والعنصرية التي  ابتليت بها الشعوب بسبب الأحزاب والكتل المتخاصمة والخروج من التيه وحالة الضياع ؟