المسؤولية مشتركة! كلكم حواريون فمن يهوذا؟ |
اهمال الخدمات، والفساد الاداري، وشهوة المال والوجاهة والنساء، حلقات تدور حول الثابت المحوري للسلطة في العراق. وهي كلها.. بمجموعها، ليست مستحدثة.. وليدة زلزال 9 نيسان 2003، انما رديف نابع من جوهر فكرة السلطة، وتمظهراتها التطبيقية، منذ دجن الانسان في قرى. وكلمة قرية، هي اسم المكان من الاقراء، اي المأكل والمشرب والمنام والامان.. في قاموس اللغة، خضعت لتصريفات تداولية اثناء الكلام، تبعا لصروف الدولة، فتحولت القرى الى مدن استحالت حواضر وممالك وامبراطوريات وجمهوريات، وفق عمرها في الزمن. اذن الدولة بتركيبتها المعقدة، هي الناتج النهائي لصيرورة كيان، جذره (القرية) التي تطمن احتياجات الفرد وتغطي عوراته الفطرية وتشبع حاجاته الغريزية وتضمن له، دوام وجوده الكريم. "إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر" دور الدولة اقراء المواطن، من خلال العقد المبرم دستوريا، بين الناخب والمرشح، وهو بالتالي يجعل مسؤولية الاخفاق منتشرة، من السلطة التنفيذية الواقعة في صدارة العمل، الى السلطتين التشريعية والقضائية، بل ورئاسة الجمهورية والمواطن.. كل يحمل صليبه سائرا بأكليل الشوك على هامته، متقدما في النهاية فوق سفح الجلجلة. يحق للمواطن النزول الى السوق شاهرا سيفه، بحسب ابي ذر الغفاري، اذا تلكأت الدولة عن (إقرائه) مأكلا وملبسا ومشربا ومناما وأمانا. شرعنة السيف تأتي بعد ان ينقطع الحوار تحت هاجس المثل العربي: "لا تحدث جائعا ولا خائفا" فعند الجوع والخوف يتوقف منطق تبادل الحجج وينقطع الحوار؛ فتجري الاحداث تنفيذا من دون سابق تخطيط او نقاش، اذ يحتكم المواطن الى اشتراطات غريزة البقاء، وهي اقدس المثل واسمى القيم، برغم فرية (الشهادة) في سبيل.. كذا وكذا وكذا.. من خدع هواة الحروب، النازلين الينا من زرقة السماء، برسائل مقدسة، او المنبثقين من بين ايدينا ومن خلفنا وعلى الاجناب، بايديولوجيات وضعت لتستحوذ على منابع المال... ولا تصل الحال الى المجاهرة بالتظاهر والاعتصام.. المسلح والسلمي، الا بعد ان تتخلى الحكومة عن واجبها.. تغمط حق المواطن، بما ينبغي ان يتوفر له من (قرى) حينها يخلي المواطن موقع العمل، لينزل الى السوق شاهرا سيفه. البيضة من الدجاجة والدجاجة من البيضة، وفي ايسر الحلول للمعادلة البلهاء تلك، هو ان المسؤولية مشتركة، من حيث سوء انتخاب المواطن لمن يمثلونه في مجالس النواب والمحافظات، وبالتالي يتبوؤن مراتب يتخذون فيها من صوت الناخب درجة في سلم التعالي عليه صعودا في البيروقراطية المهينة للفرد والمجتمع.. تعطل الاقتصاد وادارة شؤون الدولة. وهي مشتركة ثانية وثالثة؛ لأن المواطن من جانبه، يستسلم للاهمال فيسيء الى وجوده الحضاري ضمن منظومة وطنية وسياقات قيمية لو التزمها، لاعاد ايقاع الدولة الى انتظامه المرتجى، او على الاقل اوفى بالتزامات، من شأنها ان تعري الحكومة وتكشف عورة انشغالها عن واجباتها.. فهل الفرد العراقي شخصية حضارية في المعدل العام لتوصيفه؟ ما يلزم الحكومة بالتخلي عن همجية التهافت على المال والنساء، مهملة الدولة والشعب؟ أشك بذلك، ولسوف نبقى كالثور الدائر، يجر ناعور التساؤل اللانهائي: هل جهل الشعب، يؤدي الى تشكيل حكومة غير مؤهلة لدولة مؤسسات؟ ام الحكومة تعمد الى تجهيل الشعب، بخزعبلات تلهيه عن حقوقه وتسحقه تحت شظف واجبات مفقرة؟ والى ان نجيب على هذا التساؤل، علينا ان البحث عن بطل قومي.. مستبد عادل.. محرر شعوب، ينتشل العراق من نظرية (دولة ضد شعبها) المعروفة في العالم، والتي اسست بريطانيا المملكة العراقية في العام 1921 بموجبها؛ كي تأمن شر قوم لا امان لهم ولا عهود ولا مواثيق.. رجال لا يمسكون من كلمتهم، انما يتسمرون في اماكنهم استجابة لتلويحة السوط، طائعين ومتحمسين و... كفى الله الحكومة شر النزاهة وتوفير الخدمات. |