علناً وعلى رؤوس الأشهاد أبرّيء رئيس مجلس الوزراء من تهمة المسؤولية عن غرق بغداد وسائر مدن البلاد وقراها ومساحاتها الزراعية هذا العام والعام السابق والأسبق والعام، بل الأعوام، التالية أيضاً.. أشهد انه بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب. ومع رئيس مجلس الوزراء أبرّيء وزير البلديات وأمين بغداد، الحالي والسابق والأسبق، وكل المحافظين ورؤساء وأعضاء مجالس المحافظات ومدراء البلديات في المحافظات والأقضية والنواحي الحاليين والسابقين أيضاً. هذا الحشد من المسؤولين في دولتنا كله مبرأ من المسؤولية عن الطوفان العظيم الذي نشهده كل عام، وعن الأرواح التي تُزهق والماديات التي تتلف والمعاناة الرهيبة التي يكابدها الملايين منّا زيادة على معاناتهم مع الإرهاب والفساد المالي والإداري والبطالة والفقر والتردي المتواصل والمتفاقم لخدمات الكهرباء والصحة والتعليم والنقل والسكن والحصة التموينية .. إلى آخره حتى ينقطع النفس. من المسؤول إذاً عن هذا الخراب التام والدمار الشامل في حياتنا؟ نحن المسؤولون.. نعم نحن أبناء الشعب جميعاً .. فنحن الذين عيّنا رئيس مجلس الوزراء والوزراء ورئيس مجلس النواب والنواب وكل أمناء بغداد والمحافظين ومجالس المحافظات وسائر المسؤولين البلديين في مناصبهم هذه، وأسندنا اليهم المهام التي لم ينهضوا بها .. نعم نحن الذين وضعنا هؤلاء الرجال والنساء غير المناسبين في الأماكن التي لم يكونوا مناسبين لها ولن يكونوا. فعلنا هذه بدل المرة مرات، بالتصويت لهم في انتخابات مجلس النواب وانتخابات مجالس المحافظات .. حتى الذين لم يذهبوا منّا إلى مراكز الاقتراع مسؤولون، فبمقاطعتهم أعطوا تفويضاً لهؤلاء بحكمنا وإدارة دولتنا على هذا النحو الفاشل والمشين. نعم نحن الذين صوتنا لرئيس مجلس الوزراء والوزراء ورئيس مجلس النواب والنواب والأمناء والمحافظين ورؤساء واعضاء مجالس المحافظات، على أساس الهوية الطائفية والمناطقية والعشائرية.. رضي الكثير منا بأن يبيع صوته مقابل فتات من السحت الحرام المسروق من مالنا العام. بعد خمسة أشهر، عندما يحين موعد انتخابات مجلس النواب، سنعيد إنتاج البضاعة الرديئة التي صنعناها بأصابعنا البنفسجية.. سنكرر انتخاب رئيس مجلس الوزراء والوزراء ورئيس مجلس النواب والنواب الفاشلين على نحو لا نظير له في تاريخنا ولا مثيل له في سائر بلدان العالم. لا ينبغي لنا أن نلوم رئيس مجلس الوزراء ولا الوزراء، ولا يجب أن نحمل على رئيس مجلس النواب والنواب، ولا يتعين أن نشعر بالضغينة تجاه أمناء العاصمة والمحافظين ورؤساء وأعضاء مجالس المحافظات ومدراء البلديات، لأننا غرقنا هذا العام ولأننا سنغرق في الأعوام التالية، فهم ليسوا نتاج سوء حظنا.. بل هم حصيلة سوء اختيارنا. وعلى نفسها جنت براقش!
|