الملف النووي ( الايراني ـ والغرب ) قراءة مبسطة

 

تفاق أيراني مع المجتمع الدولي ( 5 + 1 ) بشان ملفها النووي..

بعد مباحثات ماراثونية تم الاتفاق بين إيران والدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن ( أمريكا ، روسيا ، فرنسا ، بريطانيا ، والصين -- إضافة إلى ألمانيا ) تكللت بالتوقيع على اتفاقية من شانها مراقبة ملف إيران النووي -- وتلك الاتفاقية التي علق عليها الكثير من الدبلوماسيون إن تقلل حالة الصراع في الشرق الأوسط -- ومن بين أهم الردود الإيرانية وعلى لسان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية ( علي خامنائي ) : إن التوقيع على الاتفاقية لم يتضمن إنهاء البرنامج النووي الإيراني ، وفسح المجال إمام أحقية إيران في امتلاكها للطاقة النووية واستخدامها للأغراض السلمية -- ومن زاوية أخرى علق الرئيس الإيراني المنتخب ( حسن روحاني ) بان إيران وجدت نفسها أمام مكاسب شتى بالتوقيع على الاتفاقية - ونعتبره نصرا للدبلوماسية الخارجية الإيرانية -- ويبدو إن وزير خارجية روسيا هو الأكثر وضوحا في تصريحه : لا خاسر في الاتفاقية -- في حين علق ( جون كيري ) وزير خارجية أمريكا : إن هذه الاتفاقية ليست نهاية المطاف بل الخطوة الأولى لخطوات قادمة -- ولأهمية الاتفاقية صرح ( اوباما ) رئيس الولايات المتحدة الأميركية : بأننا سنراقب تنفيذ بنود الاتفاقية وحذر إيران من مغبة المماطلة وتعطيل الفرص أمام المجتمع الدولي -- ولم تكن تل أبيب ببعيدة عن الاتفاقية واعتبرتها بأنها هدية مجانية تشجع إيران في استفزازها لأمن المنطقة وإسرائيل على وجه الخصوص -- كان ذلك على لسان ( بنيامين نتنياهو ) رئيس وزراء إسرائيل ، وأضاف بان من واجبنا المقدس إن ندافع عن امن وسلام إسرائيل الوطن الوحيد لليهود في العالم -- ومن اللافت للنظر ترقب دول الخليج وخشيتها من تساهل الغرب مع المشروع النووي الإيراني ولذا قام أمراء قطر والكويت لعقد اجتماع طارئ بالسعودية لمناقشة تأثير الاتفاقية على بلدانهم ، بعد إن أججوا كل ما وسعت قدراتهم الإعلامية وأموالهم من محاولات لضرب المفاعلات الإيرانية المتاخمة لحدودهم معتبرين ذلك تهديدا لأمنهم القومي والوطني - وربما ضغطت السعودية من خلال سحب استثماراتها المالية في الغرب والتي يخمن قيمتها بأكثر من تريليون ونصف دولار ( 1500 مليار دولار ) - سيما وأنها تُتهم بانها منجم ومصنع للإرهاب الدولي للعالم بأسره من قبل الصحافة الأمريكية والبريطانية -- وليس لنافلة القول إن نحدد مدى الفائدة المتوخاة لإيران رغم إن قيمة ( ريالها ) ارتفع بنسبة 2.5 % عشية توقيع الاتفاقية - ومن أهم ما تم تسريبه من بنود الاتفاقية بان المنشئات الإيرانية ستخضع لمراقبة المجتمع الدولي وعدم السماح لإيران بإنتاج قنبلة نووية - وبالمقابل إنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 - بشكل أحادي من قبل أمريكا وجماعي من قبل الدول أوروبية - وفتح المجال أمام المنتجات الإيرانية كالنفط والبتر وكيمياويات والسيارات ومن الجدير بالذكر إن إيران تحملت وزرا كبيرا بسبب هذه العقوبات إذ تم تخفيض نسبة تصديرها للنفط ما نسبته 60 % ورغم كل هذا فان ميزانية عام 2014 بلغت أكثر من 200 مليار دولار - ولذا فان إيران بدبلوماسيتها الهادئة استطاعت إن تحصل على ما لا تستطيع إن تحصل عليه دول الخليج رغم دورانها بفلك الأميركي - ولو حاولنا إن نميز بين أنظمة الحكم الموجودة في الشرق الأوسط مع أميركا لوجدنا معادلة غريبة نوعا ما -- تتركز على ثلاثة ركائز أساسية - 1- إسرائيل ، تعتبر إسرائيل قطب الرحى بالنسبة للأمن القومي الأمريكي وخطا احمر لمن يعبث بأمنها أو يحاول زعزعة استقرارها أو وجودها - وربما درس عام 1991 وكيف تعاملت أمريكا مع العراق إثناء غزوه للكويت معيارا واضحا لمن يحاول إن يتحداها - ويذكرنا هذا الموقف بحادثة تاريخية مفادها إن ( أبو سفيان ) سبى بإحدى غزواته عشر صبايا حسان ، فتبرع رجل لتقسيم الغنيمة ، فأعطى لأبي سفيان ثلاث صبيات ( من باب التزلف ) والأخريات لمن ساهم في الغزوة ، فما كان من أبي سفيان إلا إن يصفع الرجل - وجاء رجل أخر بعد إن طلب من أبي سفيان إن يسمح له بالتقسيم ، فآذن له ، فقال هذه لأبي سفيان في الفجر وتلك في ( الغبش والصباح والظهر والضحى والعصر والمغرب والعشاء والغسق والليل ومنتصفه ) إي انه أعطى كل الصبايا لأبي سفيان - هنا ضحك أبي سفيان وقال له : من علمك هذه القسمة العادلة ؟ أجاب : صفعة حنظله !! وربما لم يفقه بعض حكومات المنطقة ما ينزل لأبي سفيان العصر " أمريكا " إن تجاوز احد على إسرائيل !! ورغم كل هذا فان إسرائيل تنفع أمريكا بنسبة30% وتستفيد منها بنسبة 70 % !! 2- دول الخليج ، ومثلما أسلفت بان هذه الدول تدور في الفلك الأمريكي وأحيانا تلعب ادوار أجهزة الروبوت كما يخطط لها فان فشلت تغيرت نظرة أمريكا شزرا وحنقا وازدراء إليها - وربما يتذكر القاري الكريم أول لقاء بين الملك عبد الله " ملك السعودية " واوباما بعيد تسنمه منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، إذ إن الملك كان محملا بالهدايا ، وقال حينها ( إننا نتقدم إليكم بهذه الهدايا لأننا وجدنا فيكم تستحقونها !! ) ولسنا بحاجة لعلماء نفس كي يحللوا نظرات اوباما الحانقة حينها -- دول الخليج ، تحكمها عوائل منذ أكثر من 250 سنة ولم تمر بظروف تهز عروشها كما الحال ألان ، لأنها أصبحت عبئا على العالم المتقدم والمتحضر خصوصا وان أكثر حكوماتها " كهول وعجائز " إذ يبلغ بعض حكام الخليج " السعودية 89 سنة الكويت 86 عمان 83 البحرين 76 " والانكى من كل هذا فأنهم المملكات الوحيدة في العالم من تملك وتحكم بذات الوقت إي أنها مملكات غير دستورية - ويشغل كل منهم ، الجهاز التنفيذي والتشريعي وحتى القضائي ، وكل هذه الحكومات تنتهج النظام الوراثي وبدون دساتير واضحة - وعلى سبيل المثال " ملك السعودية هو ذاته رئيس الوزراء !! " ومما يهم بالموضوع ارتباطهم بالغرب إذ أنهم ينتفعون بنسبة 30 % وينفعون أمريكا بنسبة 70 % - إي عكس الركيزة الأولى - 3- إيران ، مالئة الدنيا وشاغلة الناس وموضوع الاتفاقية ، لا يمكن لعاقل أن يخرج إيران من معادلة الجيوبولتيك الشرق الأوسط بما تملكه من بعد حضاري وروابط مشتركة مع شعوب المنطقة ، وليس بغافل عن احد إن الأمثال الشعبية تشكل بعدا للوعي الجمعي لأي شعب من الشعوب وربما استدل من مثلين شعبيين فارسيين يوضحان طبيعة الشخصية الفارسية ومقدرتها الهائلة بالتفاوض والحوار ( 1- لو أردنا إن نذبح بعيرا فأننا نذبحه بالمسح على رقبته بقطنه ، 2- وإذا أردنا أن نحفر لعدونا فأننا نحفر له بإبرة !!) وساترك للقاري التفحص والتمعن بدقة لمعرفة ما تخفيه الشخصية الإيرانية من خلال المثلين الشعبيين – ومقارنتهما مع ما شكله تصريحات ط صدام حسين " عام 1982 عندما زف البشرى لإنتاج المتسعات ، وكذلك عنجهيته بضرب إسرائيل بصواريخ كلفت العراق أكثر من 1000 مرة من ثمن تصنيعها – وكذلك التسرع بمفاوضات " طارق عزيز – بيكر " والتي لم تستغرق أكثر من ساعتين ، نبه فيها بيكر بان العراق سيرجع إلى القرون الوسطى ، غما كان من " عزيز " إلا أن يستكين لتلك التهديدات معتبرا إياها مجرد محاولة للضغط على العراق للخروج من الكويت !! والجدير بالإشارة إن أمريكا المستفيدة 100 % من استعدائها لإيران ، آذ أن قواعدها العسكرية وحجم صادراتها للأسلحة لمنطقة الخليج لوحدها بلغت أكثر من 500 مليار دولار للأعوام الخمسة الماضية - إضافة لتوقيع اتفاقيات مع حكام دول الخليج كاتفاقيات ( الدفاع المشترك ، والأمن المشترك والكثير من الاتفاقيات السرية ) والتي تمنح القوات الأمريكية أولوية وسلاسة التحرك دون إخطار الدول التي تحتضنها – ومن يستقرا البعد التاريخي للمفاوض الإيراني ومنذ أكثر من 15 عاما يجد إن الإيرانيين كلما زادت الضغوط عليهم حركوا أوراق لعبتهم بعيدا عن إيران – وتلك خاصية لا يستطيع السياسي العربي إن يناور بها آو يستخدمها أنى شاء ، بل أننا الساحة الوحيدة في العالم التي تتلاعب بها مصالح الدول العظمى ، وكما يقول المثل المصري ( الحمص الذي يوزع في المولد ) – بينما نجد عبر التاريخ ، أن الإمبراطورية الفارسية حين خسرت الحرب أمام لاسكندر المقدوني ولم يكن باستطاعة الضباط المحافظة على ملكهم قاموا بقتله خشية الآسر ، وربما لو لم تكن لاسكندر حسابا شخصيا مع ملك الفرس آنذاك لقرر الانسحاب لكنه اعتبر أن الفرس هم من تآمروا على والده وبتأييد من آمه – لذا ليس من المستغرب على الإيرانيين أن يقلبوا الطاولة حين يستشعرون أن أوراقهم قد احترقت وأزف الوقت لتهديد بلدهم – آذ لن يحتاجوا المزيد من الوقت أن يتحتم عليهم اتخاذ قرارات حاسمة تهم أمنهم القومي وللدفاع عن حضارتهم وشعبهم – وأخيرا ، أرى من الأولى أن نحدد تاثيرهذه الاتفاقية على " العراق " آذ أن أمريكا لن ولم تقف مكتوفة الأيدي أمام تغول الدور الإيراني في العراق واعتباره إحدى أهم الأوراق " الجوكر " في خضم تحديها للصراع مقابل أمريكا – وكذلك سيخفف من الاحتراب الطائفي " السني – الشيعي " في المنطقة ، ومما تساوم به أمريكا دول المنطقة وجرجرتها لصراع طائفي لزيادة الضغط على إيران وتكثيف تواجدها في المنطقة سيما وان الصراع وصل حد كسر العظم ، لأنه بكل وضوح يحدد ملامح الصراع السياسي تحت عباءة وجبة المذهب ، والتي أري لها أن تقدم خدمة مجانية لإسرائيل وأشغال الجيوش العربية في صراعات داخلية " الجيش المصري في سيناء ، والجيش السوداني بكردفان والجيش التونسي مع الجهاديين والجزائري أيضا ) ومن هنا تم تجزيء المجزئ وتفتيت المفتت وتحميل الشعوب العربية أحمالا لا تطاق من رغبة في التغيير وعدم وجود بديل مناسب لتطلعاتهم – كأن حالنا كمن وصل للقمر ، ونسي أن يجلب معه قنينة ماء !!