الإخوان المسلمون – 3 شروق أم غروب

سبق وان نبهنا في المقال السابق بان جماعة الإخوان المسلمين سوف لن ترفع الراية البيضاء أمام معارضيها وتتنازل عن مواقفها السياسية أو الاجتماعية وهي تمسك بزمام السلطة لأول مرة في تاريخ مصر حتى  وان ألغت أو عدلت  بعض القرارات التي حركت الشارع المصري بالضد منها ،هي تناور من اجل تخفيف الضغط الشعبي حيالها وان استمرت وتيرة الضغط بالتزايد ووصلت حد الإطاحة بالرئيس أو بحزب العدالة ستلجأ عاجلا أو أجلا إلى العنف في إسكات معارضيها، وكانت هناك أكثر من إشارة واضحة من قيادات الإخوان ومؤيدهم توحي بذلك بل مارست بشكل غير مباشر استعراض لمليشياتها في ا لتظاهرات المؤيدة لقرارات الرئيس محمد مرسي من خلال المصادمات الدامية مع الجماهير الرافضة في عدد من المحافظات  وقيام أتباع الإخوان بمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي والمحكمة الدستورية .

ليس باستطاعة الأحزاب أليبرالية التي تجمعت بجبهة الإنقاذ إيقاف الثور الهائج فهي لا تملك البرنامج الوطني ولا الوسائل التي تستطيع بها مجابهة المد المتزايد والقوي للإخوان بالرغم من وجود استياء شعبي كبير ضدهم . تمكنت قيادات الإخوان من تفصيل الدستور الجديد على مقاسات محسوبة ستكون بعض المواد مثيرة للخلافات الداخلية مستقبلا وستكون عائقا أمام أي أجماع وطني على القضايا التي نواجه الدولة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي . لقد أخطا المتصدون لسياسة الإخوان مرة أخرى ولدغوا من نفس الجحر هؤلاء نصبوا أنفسهم قيادات لمجموعات وهمية وظنوا أن حركة الجماهير الرافضة تسير بنفس الاتجاه الذي وقفوا عنده والاتجاهات الواقعية تشير بان شخصيات مثل عمرو موسى وحمدين صباحي ومحمد البرادعي وغيرهم لا يمثلون ثقلا داخل الحركة الوطنية المصرية على الأرض وان حصلوا على بعض الأصوات في الانتخابات الرئاسية كانت بسبب عدم وجود البديل فقد كان الناخب المصري أمام اختيار صعب أما أن يعطي صوته إلى مرشح  قادم من منابر المساجد أو إلى مرشح قادم من الأبراج العالية . وبسبب القصور في قراءة الأوضاع السياسية ونبض الشارع وعدم معرفة قوة الخصم نزلوا الانتخابات منفردين وتركوا المنافس القوي للإخوان  احمد شفيق يقاتل لوحدة في انتخابات اعد لها الاخوان إعدادا جيدا وهيئوا لها الوسائل للفوز بها بالطرق الأصولية أو حتى بالتزوير أو بمعونة أمريكية أوربية مقابل إدارة ضعيفة استند عليها شفيق في حملته التي أيضا كان المنضوون تحت جبهة ا لإنقاذ سببا في فشلها وصعود الاخوان فوق الشجرة . واليوم أحبطوا مطالبة الشارع المصري بإسقاط الدستور الذي كتبه الاخوان من خلال قبولهم المشاركة في الاستفتاء ووقعوا في شباك الاخوان مرة ثانية، فقد نجح الاخوان المسلمين من تهيئة الاستفتاء لصالح الدستور من خلال القنوات الشرعية و فتاوى رجال الدين و تحشيد أتباعهم مستندين إلى اللعبة الديمقراطية وصمت الدول الكبرى والمنظمات الدولية  على ما يجري من اختراقات في مراكز الانتخابات، فالنسبة القليلة التي شاركت في الاستفتاء 16 مليون من 54 مليون ونسبة الذين قالوا نعم 10 مليون من 16 مليون بهذه النسبة القليلة فاز الاخوان بدستورهم الجديد ، ووجدت جبهة الإنقاذ نفسها عاجزة عن الفعل إلا رفض النتائج والتي سوف لم تجد لها إذن صاغية داخل وخارج مصر وستسير الإجراءات الأخرى الخاصة بتشكيل الحكومة وانتخاب مجلس الشعب بيسر، وسيلقي الاخوان ظلالهم على المؤسسات الدستورية في مصر لحين الانتخابات القادمة ، لا يحركهم عن موقعهم الانقسام الحاد في المجتمع أو الاستياء لدى الشعب أو النخب الثقافية والفنية وحتى القضائية . وما على قيادات جبهة الإنقاذ أو خارجها إلا الرضوخ للأمر الواقع والقبول بإحدى السيناريوهات :

-   أما أن تدخل بحوار جاد وفاعل مع حكومة الاخوان كما دعا إليه الرئيس محمد مرسي يتمخض عنه المشاركة في حكومة ائتلافية يقودها الاخوان أي على شكل ديكور ديمقراطي غير فاعل .

-   أما أن تستمر الجبهة بالمعارضة وتوسع في هيكلها وتنظم صفوفها وتقترب من حركة الشارع وتقدم برنامج وطني لتدخل انتخابات مجلس الشعب بقائمة واحدة لتحصل على الأغلبية وتكون ندا لحكومة الاخوان المسلمين .

-   أما أن تفقد الجبهة صوابها وصمودها وتتلاشى بفعل انقسام قادتها وارتباطاتهم الخارجية فيبحث كل منهم على مركز أو منصب منفردا ويقدم ولاءه للإخوان.

ولكن من المنظور الأخر وفي ظل التقدم الذي أحرزه الاخوان المسلمين على صعيد التمسك بالسلطة وإدارة الأزمات التي رافقت صعودهم سدة الحكم في مصر . سؤال يفرض نفسه هل هذا يصب في مصلحة مسيرة جماعة الاخوان المسلمين أم تضررت الجماعة وفقدت الكثير من شعبيتها ومصداقيتها منذ الثورة وحتى تصديها للسلطة ، وهل هو مطلع شروقها أم حان وقت غروبها؟.   

 

بغداد                         27/12/2012