هل بدأ تفكيك المعسكر السعودي؟

 

بدت الولايات المتحدة في الاونة الاخيرة، مستعدة لإرضاء ايران بكل وسيلة ممكنة من أجل الظفر باتفاق نووي يحسم الجدل الدائر حول ملفها النووي، والانطلاق نحو ملفات ساخنة أخرى يراد طبخها مع العدو اللدود على نار هادئة، حتى وإن جاءت على حساب حلفاء قدامى كالمملكة العربية السعودية.

تركيا التي فقدت ملفات حساسة في المنطقة، ووجدت نفسها في مواجهة غير معلنة مع السعودية، تنبهت للأمر مبكرا، فمدت جسور الثقة مع إيران "المدللة"، بسبب ظهورها بمظهر المنتصر الاكبر في اتفاق وصف بالتاريخي مع قوى الغرب الكبرى، والتي لم ترضخ لكل الضغوط الاسرائيلية والخليجية بهذا الصدد.

إذ زار وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو طهران أمس، وأعلن من هناك عن دعوته لأطراف النزاع السوري الى التخلي عن السلاح ووقف إطلاق النار، في سابقة هي الأولى على مستوى الموقف الرسمي التركي، الذي ظل حازما تجاه نظام الأسد، وهذا ما سيضيف نقطة أخرى في سطر الخلافات التركية السعودية الطويل ويعمق الصراع بينهما على ملفات المنطقة الأخرى.

أما الأردن، ذلك البلد الناعم في سياسته مع جميع الأطراف، فقد أخذ هو الآخر، بالابتعاد عن المحور السعودي، بعد إدراكه أن هذا المحور بدأ بالتفكك، وأن الولايات المتحدة، نفضت يدها منه بعد الإخفاق في آخر اختبار تمثل في القدرة على حشد دول الغرب والعالم ضد نظام الأسد، والاطاحة به. فبعد فشل المحور السعودي في إظهار القوة والكفاءة الدبلوماسية والسياسية المطلوبة، فان واشنطن فيما يظهر، قد أشاحت بوجهها عن هذا المحور، وعدلت عن التعاطي معه الى فترة غير معلومة، لاسيما ان الرياض أظهرت موقفا مغايرا لستراتيجية واشنطن في المنطقة، بدعمها للانقلاب العسكري ضد حكم الاخوان في مصر.

وبذلك يكرس الأردن سياسته المرنة في المنطقة، والتي تعتمد على المتغيرات السياسية، وتتناعم معها، وذلك يعود الى تمتعه برؤية استشرافية دقيقة، تجعل منه مجسا للمراقبين السياسيين لأي متغير مستقبلي، إذ أنه كان اول من حذر من صراع شيعي سني في المنطقة بتنبيهه الى بزوغ هلال شيعي يمتد من ايران الى لبنان مرورا بالعراق وسورية في العام 2004.

هذا الأمر لم يرق للرياض التي شخصت فيما يبدو ذلك الموقف، وسارعت الى انتقاد الموقف الأردني داخل أروقة صنع القرار السعودي، وهذا ما ظهر على لسان الأمير تركي بن طلال، حيث قال بحسب صحيفة عربية يوم أمس، إن المملكة الهاشمية لا تتعاون بالشكل الكافي مع الأولويات السعودية الأمر الذي جعل مؤسسة الحكم في السعودية تصنّف الأردن كبلد "مغرق في التوازنات الدولية" و"غير متعاون" بدرجة كافية مع الأولويات السعودية.

وهذا ما جعل السعودية تكثف من دفاعاتها مؤخرا لتعقد قمة مصغرة مع الكويت وقطر، لإعادة تفعيل المحور الخليجي المتصدع أصلا، والمنقسم بين الدوحة والرياض كما هو معلوم.

وعلامات هذا الانقسام كثيرة، إلا أن آخرها كان الترحيب القطري والبحريني بالاتفاق النووي بين ايران وقوى الغرب، بالرغم من أن السعودية كانت تعده اتفاقا خطيرا وسيئا.

فهل أن مرحلة تفكيك المعسكر السعودي قد بدأت؟ الاجابة عن هذا السؤال لن تكون سهلة في ظل إمساك الرياض بالعديد من الملفات الشائكة التي تتحكم بها في المنطقة والعالم، إلا أن السؤال الآخر هو هل أن ذلك سيتبعه تفكيك البلد الأكبر عربيا وخليجيا، في ظل ما نشرته "نيويورك تايمز"، مؤخرا عن بروز نزاع خطير بين أقطاب العائلة المالكة.