طوزخورماتو القضاء الشهيد الحي |
يتعرض قضاء طوزخورماتو إلى حملة إبادة، جعلت منه على حافة الكارثة الحقيقية إذا لم يتم تدارك الوضع الذي هو فيه، بجدية، وإخلاص، ومهنية، وغيرة وطنية صادقة، فما من يوم يمر إلا ونسمع بتعرضه إلى هجوم إرهابي خسيس، لن ينجو منه الطفل الرضيع، وطلاب رياض الأطفال والمدارس، ومن تجبرهم الامراض لعيادة المستشفيات، والذاهبين للاسواق وزوار دور العبادة، بل وحتى النيام في بيوتهم لم يسلموا من مفخخات وعبوات القتلة المجرمين، وكأن على أهل القضاء دين مستحق عليهم دفعه للذين في قلوبهم مرض من أهل الباطل والذين طبعهم الغدر . وقبل أن نسترسل في الحديث عن الأسباب التي جعلت من هذه المدينة هدفاً للإرهاب، لنتعرف على المدينة ذاتها حيث تشير الكثير من المصادر التاريخية الى إنها مدينة يعود تأريخها إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وهي واحدة من قلاع عديدة بناها الآشوريين لتكون مسالح، ومصدات، ضد هجمات الاعداء كما هو الحال مع قلاع كركوك، وأربيل، وداقوقاء، .... وغيرها . ويدل أسمها على كثرة البساتين، قيل إنه أسم تركماني يعني التمر، والتوت، والملح، وقيل إنه كوردي . تعد ناحية آمرلي الحالية من المدن المقدسة، حيث توجد فيها أثار لآل البيت كمقام الإمام الحسن (ع)، وقبر خادمه (خرمة)، والخادمة (دادة مردان) . ولأبناء المدينة موقف مشرف في قتال الخوارج إلى جانب الإمام علي (ع) واستشهد عدد منهم في المعركة، وأستقر بعضهم في الكوفة وتزوجوا من بني أسد، كما تحدث عن الطوز العلامة الدكتور الراحل طه باقر في كتابه ( المرشد إلى مواطن الأثار والحضارة ) . كان القضاء تابع لمحافظة كركوك لحين صدور المرسوم الجمهوري المرقم (41) في 29/ 1/ 1976 المنشور في الوقائع العراقية العدد (20532) المؤرخ في 7/6/ 1976، وبعد عمليات الأنفال سيئة الصيت، التي مارسها النظام الدكتاتوري ضد أبناء مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي، هاجر عدد كبير من أبناء كردستان إلى المدينة واستقروا فيها. أشترك أبناء الطوز بالانتفاضة الشعبانية حيث سيطر على المدينة شبابها وأبنائها لمدة أحد عشر يوماً، حتى قصفها النظام المستبد بالطائرات مستخدما قنابل فسفورية محرمة دوليا، صاحبها زحف للدبابات وقوات المشاة فأستشهد الكثير من سكانها وغيب آخرون وهُجر غيرهم . كل هذه الأسباب جعلت أبناء القضاء هدفاً لسهام الديكتاتورية والإرهاب معاً وتحاول هذه الأطراف الملعونة النيل من معنويات شعبنا الصابر هناك، وهذا ما ناقشته مع أثنين من كبار الضباط قبل فترة قصيرة، وقلت لهم : أذا لم تكثفوا الجهود بالاتجاه الفلاني سيبقى القضاء تحت رحمة الإرهاب الجبان، وهذا ما زال مستمرا وأننا أذ نستغرب هذا العجز الواضح من القوات الأمنية وعدم تأمينها الاستقرار، ولو إلى حد نسبي ضد الهجمة الشرسة، التي يتعرض لها قضاء عدد سكانه بحدود مائتي ألف نسمة فقط فيهم الموظف، والمثقف، والشاعر، والمزارع الماهر، ويقتل ابناءه كل يوم بدم بارد حقود، وسيظل الإرهاب خطر داهم يهدد مصير التركمان في المدينة المنكوبة، وتراثها الحضاري والإنساني، ولن يوقفه غير التخطيط الدقيق الذي يحتاج إلى رجال أشداء لا تأخذهم في إرادة الله لومه لائم .
|