الكتل والمرشحين ولغة الارقام

 

كلما اقتربت لحظة الانتخابات ازداد السباق واستعر؛ وازدات هوة الخلاف بين حلفاء الأمس واليوم ، واذا كانت مبررات الفرقة بين مكونات التحالف الوطني مثلا تنم عن رؤية ايجابية في قراءة قانون الانتخابات الجديد .. فلا ضير ان كانت مصلحة الكيان السياسي او الائتلاف الوطني تتطلب ذلك.

 

لكن ، هل يعقل ان تتعامل اللجان الانتخابية للكيانات السياسية مع الاشخاص على اساس الرقم الانتخابي؟ وما يمثله الشخص من اصوات ممكن ان يضعها مؤيدوه او من يؤثر عليهم في صندوق الاقتراع؟ دون النظر الى تأريخه او خلفيته او صفحة حياته وسلوكياته. ولا ضير ايضا؛ عند البعض؛ ان كان ذلك يحقق للكيان او الائتلاف السياسي ما يريده في خارطة الوجود السياسي الحالي وفي اطار المنافسة الشريفة ، وكل شيء في سبيل تحقيق التقدم على الآخر او توسيع مقاعد الكيان النيابية.

 

الا ان السؤال هل سيحقق الفوز او النصر الموعود مع هكذا مرشحين في الانتخابات المقبلة خيرا؛ للكيان السياسي او للعراق ..؟ وهل نظرية الكم الانتخابي تتقدم على النوع الانتخابي؟ الذي قد يصبح نادرا او مقننا في وجوده بالبرلمان المقبل ، وفقا لما نلحظه على الساحة من ترشيحات واختيارات لاسماء وممثلين اغلبهم غير صالحين للعمل السياسي حصرا.

 

ان خطرا كبيرا يتهدد مستقبل العملية السياسية والديمقراطية في نخبة تتصدى غدا لتمثيل الواجهة التشريعية او النهوض بتجربتها مع كم التحديات المطروحة وهي لا تمتلك أية مقومات سياسية او تاريخ نضالي او حس وطني وبالتالي ستكون هي الغالبة والمشكلة للمشهد السياسي القادم على حساب انزواء وانحسار القوى التي تمتلك الرؤية السياسية والمشروع الوطني .. لا لشيء سوى انها تمتلك المال او الامتدادات العشائرية او الوصولية التي تؤهلها اليوم لتبوأ اعلى المناصب دون وجه حق وستوصلها غدا الى البرلمان المقبل ، لذا فان تدخل قيادات الكتل في عملية تنقية المرشحين وإدخال آليات جديدة كفيلة بأبعاد الوصوليين والانتهازيين او من سياسيي الصدفة عن تمثيل الكيانات الوطنية او حتى الترشح للانتخابات التمهيدية لبعض القوى السياسية؛ اصبح مهما على ان يرافقه ايقافا للآليات البراغماتية في اختيار أشخاص لا يمتلكون أية رؤية او التزام اخلاقي او مهني او خلفية مشرفة غير انهم قد يمثلون أرقاما - لا يعلمها الا الله - في صناديق الاقتراع.

 

ان العزوف عن ذلك لا يؤدي الى تقليص حظوظ القوى النظيفة او الخالية من المفسدين في الانتخابات المقبلة؛ بل العكس؛ سينتج كتلا متماسكة تمتثل لمبادئها واخلاقها؛ قليلة العدد كانت او متوسطة؛ فان وقعها سيكون حتما داخل قبة البرلمان المقبل اكبر بكثير من كتلة مترهلة كبيرة العدد ، ولنا في القائمة العراقية خير دليل ... ومثال قريب.