والله... خربانه

 

عندما اتحدث عن خراب العراق قبل احداث عام 2003 اصبح من المعتاد ان اجد ابسط الناس امامي يقول "لا يا معود ليس لهذه الدرجة الوطن بخير وسوف يتطور" طبعا هذا لا يعني ان هذا الشخص ينكر ما يحدث لكن ببساطة الكارثة والخراب في نظره تختلف عن الكارثة والخراب في نظري . فأنا اجد العراق مقبرة خربة عندما ارى طفلا يموت لأنه لم يجد الدواء المناسب او عائلة مات جميع افرادها بحادث مروري سببه عدم انتظام المرور او بلد تنهب خيراته ولا يجد شعبه مسكن . اما الكارثة بنظر هؤلاء الحمقى هو ان يتقلد احد اعدائهم منصب سياسي او ان يحكمهم شخص من غير طائفتهم او عدم اداء شعائر مناسبة دينية . هذه الكوارث بنظرهم وهذه الأسباب التي تجعلهم ينتفضون ويحملون السلاح في الشوارع بتوجيه من أحمقهم الكبير من هذه الطائفة وتلك . أن سبب الخراب هو البعث الصدامي الكافر طبعا ويمكن أن نضيف عليهم الوهابية او اذا كنت متدين تقدر ان تقول الاحتلال الاميركي والمخطط الصهيوني وباقي القنوات العربية المعادية للعملية السياسية في العراق اذا كنت شيعياً .أما اذا كنت سنيا فسبب الخراب هو المد الفارسي القادم من ايران اضافة الى اميركا وهناك ناس يفعلون خلطة يقولون اميركا وإيران وإسرائيل متآمرين علينا .
اما اذا كنت تنتمي للتيارات الاخرى كأن تكون شيوعي او قومي فسبب الخراب متنوع ، بل ان البعض يذهب بتحليلاته الفذة ليقول ان سبب الخراب هو غضب الرب علينا . يعني رب العالمين ما غضب على اسرائيل المحتلة بيت المقدس وما غضب على اميركا والغرب الكافر . لماذا يغضب علينا باختيار اسوء الحكومات .البعض الاخر يقول هذا اختبار من رب العالمين . وهذا النوع من التفكير هو اخطر انواع الاستنتاج يعني يقول : لماذا ادوخ نفسي واذهب إلى الانتخابات فالذي يأخذ أمي يصبح عمي " المهم بغض النظر عن الاسباب نحن بحياتنا تعبنا وبحاجة إلى من يريحنا بعد ان كثرة مصائبنا فلا نبقى ساكتين ومخدرين عما يصيبنا من جراء ضعف الحكومة الحالية التي اصبحت سالفة على كل لسان . فقد تصاعدت صيحات الغضب الشعبي اتجاه الحكومة ونطقت الحناجر بأعلى اصواتها بعد ان كانت تقولها بصوت خافت ( خربانة ) وبعد أن تأكدت من خرابها أقسمت وقالت (( والله .. خربانه )) .
أن التقاطعات الكثيرة بين الكتل السياسية وتناحر الحكومات على مختلف تسمياتها ( اتحادية - كردستانية - محلية ) ادت إلى تردي تقديم الخدمات للمواطنين والى سوء اختيار الاشخاص الاكفاء في قيادة المؤسسات الحكومية والى النهب والسلب لأموال البلد والهروب بها إلى الخارج والى تهريب الثروة النفطية التي هي ملك للشعب العراقي . كل هذه الاسباب ادت إلى تعالي صيحات الشعب برفض الحكومة على المستوى الشعبي في كل المحافل التي تذهب اليها . فملامح الغضب تجدها متجسدة على وجه كل مواطن غيور على بلده . فبالأمس الذين كانوا يؤيدون الحكومة اليوم يطلقون صيحات الغضب بأعلى أصواتهم (( والله ... خربانه )) .