دولة القانون، أم دولة البطاط؟! |
“دولة القانون” شعار براق يغري غالبية الناس؛ لأن القانون من الضروريات التي لا يمكن للحياة الإنسانية أن تستمر من دونه، وسط هذا الزخم السكاني المتداخل في كافة جوانب الحياة، وغياب القانون– ربما- يدفع ذوي النفوس الضعيفة لظلم الآخرين، وعليه يكون القانون هو الضابط لسلوكيات أفراد المجتمع؛ من أجل حياة حرة كريمة. ونحن العراقيين كنا نتمنى أن يكون في العراق قانوناً يحتمي تحت مظلته جميع المواطنين، ضعيفهم وقويهم، غنيهم وفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم، إلا أن الأمور سارت باتجاه مغاير أثبت- بما لا يقبل الشك- أن العراق دولة مليشيات، وليس دولة قانون. و”دولة القانون”، هو شعار كتلة رئيس الحكومة الحالية، نوري المالكي، خلال حملته الانتخابية في انتخابات 2010، وكانت أول مخالفة قانونية ارتكبت من قبل كتلة القانون نفسها، بعدما استعانت بالمحكمة الاتحادية؛ لتفسير مفهوم الكتلة الأكبر، ولتحصل على رئاسة الحكومة؛ على الرغم من فوز كتلة علاوي- العراقية- بتلك الانتخابات. واليوم أصبحت “دولة القانون” هي الراعي الرسمي للانفلات المنظم في البلاد، وفي يوم 21/11/2013 أعلنت المملكة السعودية، عن سقوط ست قذائف هاون قرب مركز تابع لحرس الحدود السعودي في منطقة حفر الباطن القريبة من الحدود المشتركة مع العراق والكويت. وفي ذات اليوم، تبنت مليشيا “جيش المختار”، التابعة لواثق البطاط، هذا الهجوم، حيث أكد البطاط في حديث لـ”السومرية نيوز”: أن “جيش المختار يتبنى عملية استهدف مركز العوجا السعودي، بالقرب من الحدود العراقية الكويتية”. ولمن لا يعرف البطاط فانه قائد مليشيا ظهرت بعد الاعتصامات التي شهدتها محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وكركوك وبغداد، ويرى بعض المهتمين بالشأن العراقي أن هذه المليشيا ظهرت” لتكون سلاحاً ضد المعتصمين في الأنبار تحديداً”، والواقع يؤكد أن هذه المليشيا وجدت لنشر القتل، والرعب بين جميع العراقيين المخالفين لفكرها ومنهجها. وزارة خارجية حكومة المالكي، أصدرت بياناً متأخراً، يوم 24/11/2013، أكدت فيه أنها” ترفض الأعمال الإرهابية التي قامت بها مجموعة مسلحة في قصف المنطقة الحدودية بين العراق والسعودية، وأنها ستقوم بملاحقة هذه الزمر ومعاقبتها”. المتحدث باسم ائتلاف المالكي، دولة القانون، النائب علي الشلاه أكد في تصريح للجزيرة نت أن (“الدولة العراقية هي دولة قوانين ومؤسسات، ولا يجوز لأي طرف من الأطراف أن يمتلك مليشيا، وأن هذا الأمر ينبغي أن لا يحصل، بالرغم من معاناة العراق مما اعتبره” تدخلاً غير أخلاقي وقانوني بالشأن العراقي” من قبل السعودية). وكلام الشلاه فيه تأييد ضمني لهجوم البطاط، وإلا ماذا نفهم من عبارة:” بالرغم من معاناة العراق من التدخل غير الأخلاقي والقانوني بالشأن العراقي من قبل السعودية “؟! وسبق للبطاط أن سخر في يوم 25/2/2013، من مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه، وتحدى قدرة الحكومة على اعتقاله؛ ونقلت صحيفة (الحياة) اللندنية عن البطاط قوله:” إنه مقيم في محافظة النجف، ولا يخشى أحداً، ولن يغادر العراق”. وفي التالي للهجوم، 22/11/2013، ظهر البطاط في مدينة النجف، وهو بحماية أجهزة الأمن الحكومية، خلال احتفاليات عاشوراء! وعليه، يتبين- بما لا يقبل الشك- أن “دولة القانون” هي الداعم الأبرز لدولة البطاط، وهنا تنتهي قصة ” دولة القانون”، التي طالما رددها رئيس حكومة “دولة القانون”، نوري المالكي، وظهر ما كان خافياً؛ وليتأكد الجميع أن العراق اليوم دولة بلا قانون، بل هو دولة مليشيات رسمية بامتياز! |