صورني چني ما أدري |
شر البلية ما يخرب ضحك وربما يُبكي في احيانا كثيرة ولكن بعض المهرجين والواوية " مال الدغل" لديهم قدرة رائعة واصرار مدهش على اضحاكنا رغم قساوة الالم والغصة التي تحاصر نفوسنا, فبعد انتقالنا من دائرة الحكم العشائري " العوجوي " نسبة للعوجة , المثقل بالمؤامرات والخيانة والحروب "المقدسة " دخلنا في سوق هرج للتصرفات والسياسات المضحكة فالعراق يمر منذ زمن طويل بمصائب كبيرة وكثيرة تكتم انفاس شعبه, وتذيقه مر العذاب, وتفقده الامل بالاصلاح ,حتى ماعاد لنا متسع من الوقت للتوقف والحديث عنها بالتفصيل او محاولة فهمها وتفكيك طلاسمها واسباب وجودها, فهي تتراكم بسرعة هائلة كالنفايات في المدن والاحياء الفقيرة ,كلما حاولنا الايحاء لانفسنا ببصيص امل في نهاية النفق العراقي المشبع بالطائفية والعنصرية والفخر الكاذب بالوحدة والوطنية المستعارة من رفوف التاريخ المتخم برائحة الموت والرصاص , وسوء الفهم المفخخ, والولع الطافح بالتخوين والاتهام والتحريض. لكن الكثير من الساسة رغم ذلك يفضلون ممارسة البهلوانيات والمواقف " البايخة " بدل العمل الحقيقي والمثمرعلى ارض الواقع لدفع البلاد خطوة الى الامام فبعد انتشار ظاهرة " جدر الهريسة" وتقليبه امام الكاميرات في كل عاشوراء بتواضع مصطنع لبعض السياسيين في محاولة ساذجة للاستجداء باسم الامام الحسين ع اصوات الناخبين الشيعة , تكرر الامر وبنفس الطريقة البائسة حيث نزح بعض الساسة والمنتمون لتيارات واحزاب اسلامية الى الشوارع بعد ان غرقت العاصمة وضواحيها وبعض المدن العراقية الاخرى بسبب هطول الامطار بغزارة ,مع جوقة كبيرة من المصورين وتحت شعار " صورني چني ما أدري " وانتشرت هذه الصور في الاعلام كمادة للسخرية والتندر للساسة والبرلمانيين وهم يخوضون في مياه الامطار كباقي افراد الشعب المسكين الذي غرق بالمياه الثقلية خلال الايام الماضية , وبذلك حققوا انجازات مذهلة ضد الفيضانات من خلال المشاركة في "التچبير والتچفيص " في مياه الشوارع والاوحال!! وكأن هؤلاء الساسة يجهلون نفسية الشعب العراقي التي شبعت من هذه الممارسات الصبيانية والمخجلة , فمنذ ان قام المقبور بلتقاط الصور مع العمال في حملات العمل الشعبي في السبعينات ليبدو انه يعمل كباقي افراد الشعب, وتنقله بعد ذلك بين المزارع ليحصد مع الفلاحين محاصيلهم , كرهت الناس هذه اللاعيب المقرفة , لانها ليست حقيقية , بل مجرد دعاية اعلامية مكشوفة ومزدرية لاظهار الرئيس او المسؤول بصورة الشخص المتواضع والملاك الطاهر الذي ينشر الخير والمحبة والسلام في ربوع الوطن. اثناء تنقلي بين منطقة الشعب ومدينة الثورة المتعبة بالقادة العظام والشعارات الفارهة, شرع سائق التكسي الذي استأجرته وكالعادة بفتح حوار طويل حول رداءة الشوارع الممتدة بين المنطقتين , وتحدث وباسهاب بعد ذلك عن الاساليب الرخيصة التي يمارسها بعض المسؤولين في اغلب اجهزة الدولة , بدفع المبالغ المالية الكبيرة للصحفيين والاعلاميين لاجراء لقاءات او احاديث اعلامية معهم لنشرها بعد ذلك , كنوع من الدعاية لذلك المسؤول " يعني يسولف بفلوسه " وتبين في نهاية الرحلة بان سائق التكسي الشاب يعمل في الوسط الاعلامي , وقد اظهر هويته لي كدليل على صحة ادعاءه. لاافهم لماذا يعتقد هؤلاء بان المواطن العراقي يحتاج المسؤول ليقف معه في مستنقعات المياه؟ بعد سقوط الامطار وارتفاع مناسيبها, وليس في انجاز عمله بضمير واخلاص وخدمة المواطن من خلال منصبه واختصاصه الوظيفي, ولايحتاج تجشم عناء السير وسط المياة القذرة بدون " چزمة " , لماذا يعتقدون بأن الناس بهذه السذاجة ؟ لتصدق هذه المسرحيات الهزلية ؟ وماذا " يصخّم" المواطن المحروم بصوركم هذه وطلعاتكم التفقدية بعد خراب البصرة كما يقولون . وختاما اقول للساسة بدون استثناء : اعتقد بان عليكم الشعور بالخزي والعار جراء ماحدث ويحدث للشعب العراقي فبعد انتخابه لكم وتحديه للارهاب والموت,فانه يتعرض للاذلال والقهر بالغرق في مياه المجاري مقابل ذلك , وانتم في مناصبكم الرفيعة تتمتعون بامتيازات جليلة تحسدون عليها, فان كانت الاستقالة كبيرة على نفوسكم الضعيفة امام السلطة والمال, فعليكم اذن القيام بواجباتكم الاخلاقية والشرعية والوظيفية مقابل الاموال الطائلة التي تتقاضونها كمسؤولين كبار في الدولة!!. |