حسن ليلو رئيساً للحكومة

 

ما دمنا بلداً ديمقراطياً يؤمن بالانتقال السلمي للسلطة. وما دام لكل منا الحق في أن ينتخب من يراه مناسباً لقيادة هذا البلد المتعَب، فدعوني أرشّح لكم حسن ليلو رئيساً للحكومة المقبلة.

سلفاً تتفقون معي ألا فرق بين عربي وكردي، مسلم ومسيحي، سني وشيعي، سيّد وفقير، فالكل متساوون بحسب الدستور الذي أشّرتم عليه بنعم، فلا داعي اذن لتذكيركم بذلك.

حسن ليلو موظف كهرباء بسيط يعيش وعياله في ناحية من نواحي الجنوب المنسيّة، بيد أنه كان يمثّل وزير الكهرباء عند أهل الناحية الطيبين، حيث كانوا يعدونه المسؤول المباشر عن انقطاع التيار الكهربائي عن بيوتاتهم، فما أن تنطفئ "القوّة" بحسب تعبير أهل الناحية حتى صاحوا شاتمين "احترگ ليلو" كناية عن امتعاضهم وتذمرهم من تردي التيار الكهربائي آنذاك.
وبالرغم من أن دائرة الكهرباء كان فيها موظفون آخرون، لكن الشتم لا يطالهم، لأن أهل الناحية يعدّون المدير حسن ليلو هو المسؤول عن الكهرباء في الناحية، فمن الطبيعي أن يشتموه اذا حصل خلل وانقطعت "القوة".

المشكلة أن حسن ليلو كان مضطراً في أحايين كثيرة لقطع الكهرباء عن الناحية، فهو لا يقدر مثلاً على رفض أوامر الرفيق أبي نشأت أمين سرّ الفرقة الحزبية، الذي كان يعيد تأسيس كهرباء داره، فيضطر المسكين حسن ليلو الى قطع الكهرباء لنهار كامل من أجل العمل في بيت الرفيق آنف الذكر، أو تركيب مكيف هواء ناشيونال في بيت مدير الناحية، أو اصلاح جوزة بيت سيد عباس ابو السحورة... الخ.

كان المسكين عبد المأمور، تأتيه الأوامر اقطع الكهرباء فيقطعها ليتحمل وحده شتائم أهل الناحية لأبيه الحاج ليلو رحمه الله، علماً بأن الحاج ليلو كان وقتها شيخ عشيرة مهاب الجانب.
غير أن هذا الرجل أعني حسن ليلو كان من الحكمة بمكان أن يسمع الشتائم بأذنيه ويسكت، بل يقابلها بالضحك. هكذا كان يفعل عندما تنقطع الكهرباء ويصدف أنه جالس في مقهى "ابو سامي" فيصيح رواد المقهى "انگطعت القوة.. احترگ ليلو" فيرد عليهم بابتسامة تخفف امتعاضهم، بل كان يردد معهم "احترگ ليلو"!

لو كان الأمر بيدي لأخترت لكم حسن ليلو رئيساً للحكومة المقبلة. فهذا الرجل يؤمن بأن من يتصدى لمنصبٍ ما عليه أن يتحمل أعباءه، وعليه أن لا يكون مفنّاً في التملص ورمي المسؤولية على الآخرين.
كما أنه يؤمن ايماناً قاطعاً بأن الولوج في دروب المسؤولية سيعرضه للنقد والتشريح والتجريح وعليه أن يتقبل كل ذلك، وهذا ما نريده فيمن يتصدى لإدارة الدولة. 
نريده أن يكون حاضراً بعمله ولا يتعكز على اسم عائلته وعشيرته وتاريخ اجداده، يقبل النقد ولا يضع أمامنا عراقيل القداسة وتابوهات الدين والعشيرة، يسمع الشتيمة ويقبلها اذا كان مقصراً، يبتسم بوجه شعبه اذا شتموه لا أن يشتمهم ويأمرهم بالشكر.

فمن يحشر أنفه في السياسة عليه أن يتحمل وحلها، ومن يتصدى للحكم عليه أن يخلع ثوب القداسة ولا يعامل الناس بمنطق السلطان والرعيّة. فالدنيا تغيرت وصار الحاكم لا يتجاوز صورة الموظف في اذهان الشعب، يشتمه متى ما تقاعس في أداء وظيفته.
الشعب يريد حاكماً مثل حسن ليلو، اذا قصر في عمله صاح معهم "احترگ ليلو".