بالمقلــــــــــــــوب |
على الرغم من أنني لم أزور في حياتي سوريا مطلقا ولاأعلم خصائص وعادات الشعب السوري لكنني متابع دقيق لما تمر به تلك الارض العربية من ويلات وحروب داخلية معاصرة , أتذكر في بداية عام 2006 تلك السنة المظلمة بلنسبة للعراقيين وعندما كان العراق يمر بأصعب ظروف شهدها اهل بغداد خصوصا وفي تلك الفترة الخطرة أقبل العديد من الاصدقاء والمعارف للسفر الى سوريا هربا من موجة العنف التي كانت تحتل البلاد والتي كانت لاتميز بين احد وتحرق الاخضر واليابس على حد تعبير الاهل في بغداد , اتذكر ان الشارع الذي كنت اسكن فيه لم يتبقى منه احد سوى عوائل يمكن ان تعد على عدد اصابع اليد فلروح عزيزة كما يقولون !!! مع اعتراضي على هذه المقولة وذلك لان الروح ان كانت عزيزة او لم تكن فهي في النهاية سوف تغادر هذه الحياة لتستعد لمقابلة وجه ربها الكريم شائت ام لم تشأ !! وعلى العموم اصبح الشارع الذي كنت اسكنه اشبه بشوارع انتهت منها الحروب الطاحنة قبيل لحظات !!! بيوت فارغة لانسمع فيها غير صوت رياح الهواء التي تحمل معها جزيئات الاتربة والنفايات هو المنظر المظلم الذي بدت فيه بغداد ونتمنى ان لايعود ابدا .. وبلرغم من كل هذه المأساة بقيت في محل سكناي مع القلة الذين بقيوا في المنطقة ولم يغادروها فكانت الحياة في جميع مناطق بغداد اشبه بتنفيذ عقوبة الأقامة الجبرية لسكان العاصمة !! مرت تلك المدة العصيبة وقتل من قتل خلالها وسقط من سقط ولكن لكل بداية نهاية فعادت الحياة الجزئية الى بغداد وعاد معها اهلها من كان قد سافر الى سوريا هربا من موجات العنف , ابو سالي هو جيراني الذي اشترك معه في حائط واحد عاد الى بغداد مع من عاد بعد ان عهد مهمة رعاية وحماية بيته لي ولمجموعة من الاخوة اثناء سفره فبعد ان قدم الشكر لي ولهم , سألناه جميعا كيف هي سوريا ؟ اجابنا قائلا : انها اجمل ماخلق الله , عاودنا سؤاله مرة ثانية كيف كان تعامل السوريين معنا كعراقيين ؟ قال : ان الشعب السوري تقاسم معنا رغيف الخبز وفتح لنا ابواب بيتوهم واصبحت بمثابة بيوتنا الثانية , حيث كانوا يتفقدوننا ليل نهار ويقدومون لنا واجب الضيافة و يسعون لتوفير مانحتاجه دائما فكانوا اخوة بحق ومسلمين بحق وعرب بحق , كانت كلمات ابو سالي جاري العزيز لاتختلف مطلقا عن ماذكره جميع العائدين الى ديار الوطن حينها فكان الجميع متفق على كلمة واحدة انهم كانوا كرماء معنا , واليوم بعد رحيل سبعة اعوام عن تلك الحالة تتعرض لسوريا الى هجمة شرسة من قبل فئات عديدة وبغض النظر لمن يحمل اية الحق في القضية السورية , المهم في الأمر ان الشعب السوري يقتل يوميا ولا احد من الدول يبادر على النطق بكلمة ولو صغيرة تنقذ العوائل السورية التي انتشرت بشكل كبير في دول الجوار بعد عجز الحكومة السورية عن الدفاع عن نفسها اصلا ..تلك العوائل السورية فكرت في اقرب الدول والتي من المؤمل ان تلجأ لها وهو العراق باعتباره ان عوائل الشعب العراقي قد لجأت في الماضي القريب للعيش في سوريا وتعايش الشعبان بشكل جميل حتى اصبح في برزت بعض الحالات من زواجات من عراقيين لسوريات وبلعكس , لكن الرياح سارت بما لاتشتهي السفن فلبعض اهالي المنطقة الغربية ونحن نؤكد على قول البعض القلة القليلة ممن استقبلوا العوائل السورية بدئوا باستفزاز تلك العوائل مستغلين صعف حال تلك العوائل ولجوئها القسري الى العراق لاجبارهم على التزوج من بناتهم مما اجبر الكثيرين على مغادرة تلك المنطقة على العكس من عشائر تلك المنطقة ذاتها الذين قدموا موائد الطعام والضيافة لهم منذ اول ساعات دخولهم للعراق , اما المنطقة الشمالية من العراق وتحديدا في كردستان كان هنالك اهتمام حكومي كبير تمثل بقيادات كردية مشكورة حيث أمرت رئاسة إقليم كردستان بتخصيص نسبة 20 % من ميزانيات الرئاسات الثلاث فيها وجميع دوائر ومؤسسات الحكومة لتقديم الدعم والمساعدة للاجئين القادمين في موقف تاريخي رائع .. ان مصادر الأمم المتحدة اكدت ان أعدادهم وصلت لقرابة الثلاثين ألف شخص، كما أعلنت حكومة الإقليم بتوجيه من رئيسها نيجيرفان بارزاني تخصيص مبلغ قدره 25 مليون دولار يضاف إلى 12 مليون دولار خصصتها الحكومة الاتحادية بأمر من رئيس الوزراء نوري المالكي لتقديم المساعدات للنازحين .. نحن ندعوا جميع الاطياف العراقية للوقوف على الموقف ذاته الذي يخص لاجئي سوريا بغض النظر عن الوضع العراقي الراهن والصورة الضبابية التي نعيشها نحن ايضا ومحاولة تكرار ماقام به الدكتور برهم صالح من زيارات ميدانية للخيم المرصوفة في قاع الجبال في كردستان وهو محق عندما وصف قضية استقبالهم وتوفير احتياجاتهم بانها ( امتحان لنا ) ان على العراقيين ان يردوا دين ضيافة السوريين لنا وان يرجعوا اداب الضيافة لهم لانهم عرب ومسلمين ولطالما كانوا منفذ العراق للعالم للمحافظة على صورة العراق دائما مرصونة بوضعها الصحيح وان لاتظهر للاجئين السورين والشعب السوري الشقيق بمنظر مقلوب لايليق بمكانة وحضارة وادي الرافدين ارض الكرم والكرماء ....
|