لن تفلح حتى لو ذهبت الى ايران سيرا على الاقدام

 

لقد اكد الجميع , ومثلما كشفت زيارته الى واشنطن , ان المالكي كان يطمح بأخذ الموافقة لولاية ثالثة . باعتبار ان الامريكان لهم الاولوية في تحديد من سيحصل على رئاسة الوزراء , يتبعهم في تحديد القرار ايران , ثم ( الاختيار ) العراقي . ولو حصل على الضوء الاخضر من الامريكان لما كانت لديه مساع جادة باتجاه ايران التي سيزورها اليوم . الزيارة لواشنطن وما قوبل بها من استهانة تعرضت لها الكثير من الاقلام التي شعرت بالكرامة الوطنية , وكان اكثرها ايلاما للعراقيين الذين شعروا بحجم الاهانة الشخصية التي وجهت لرئيس وزرائهم المالكي عندما ( قرر ) الرئيس الامريكي بحركته امام الكاميرات بانتهاء المقابلة , وعندما وقف المالكي ظل اوباما جالسا يتحدث مع مستشارته , وترك المالكي يدير بعينيه لا يعرف ماذا يفعل بانتظار ان يقف اوباما ويصافحه . المالكي لم يشعر بالإهانة مثلما شعر بها ابناء العراق , ولذا اندفع مرافقوه للإشادة بالنتائج الايجابية للزيارة .
المالكي وصل الى قاع احباطه بعد عودته من اميركا , وظهر مرتبكا في الكثير من زياراته , ولعل كلمته في البصرة اثناء استجدائه التأييد من خلال توزيع الاراضي , والتمجيد بعشيرته بني مالك , ولا توجد ام اخرى انجبت مثل مالك , يؤكد فقدانه للاتزان الاجتماعي قبل ان يكون اتزان لرئيس وزراء . فهو وسط مجاميع مختلف العشائر وبعضها على خلاف مع بني مالك . المالكي يتجه اليوم الى ايران وهو يعلم جيدا ان ايران سوف لن تمنحه الضوء الاخضر مثلما فعلت في ولايته الثانية , وتدخلت في تشكيل " التحالف الوطني "الشيعي بعد ان ضغطت على باقي الاحزاب الشيعية وبالذات المجلس الاعلى والتيار الصدري لتشكيل القائمة الاكبر , رغم كون المالكي لم يكن هو المرشح الافضل لايران , لكنه كان المتوافق عليه مع الامريكان . اليوم ايران ليست محاصرة لكي ترضى بنصف وكيل , ايران اليوم على توافق مع اميركا في المسألة الاكبر وهي التراجع عن مشروعها النووي والانسياق مع المشروع الامريكي في تحديد الخريطة الجديدة للمنطقة , اي ان ايران تبحث عن لا عب حقيقي يتحمل مسؤولية دولة تشبع رغبات الطموح الايراني وتلبي في نفس الوقت مصلحة الراعي الامريكي , وليس اشخاص سذج انشغلوا بالفساد واللصوصية ومصالحهم الشخصية , وهو ما تساهل به النظام الايراني والأمريكان نتيجة صراعهم في السنوات التي مضت . النظام الايراني سيتوافق مع الامريكان , على الاقل خلال الستة اشهر القادمة والمخصصة للتأكد من سلوكية النظام الايراني كما اكد الامريكان , ولن يعطوك الضوء الاخضر حتى لو ذهبت الى طهران سيرا على الاقدام .
سينسى المالكي بعد عودته من طهران ميزان القوى الذي يتحكم بالمعادلة العراقية , سينسى النظام الايراني والامريكان بعد ان يغسل يديه منهما وهما الاقوى في الميزان , وسيعتقد مثل اعتقاداته السابقة التي اوصلت العراق الى هذا الدرك , بان الساحة العراقية هي الكفيلة باستحواذه على الولاية الثالثة . والعراقيون جميعا يدركون اليوم ان المالكي ومجموعته احد الاسباب الرئيسية ان لم يكن الاهم في فقدان العراق لمشروعه الوطني , بعد ايغالهم في الكذب والخداع والفساد واللصوصية وتعميق الطائفية , لتتحول الساحة العراقية الى اضعف عوامل الحفاظ على هيكل العراق . وبدل الاعتماد على متانة وحدة العراق ووحدة المصلحة الوطنية المشتركة لكل العراقيين , والتي لو تمت في السنوات الطوال لحكومة المالكي لفاز بالولاية الثالثة دون التسكع على ابواب الامريكان والايرانيين . الا انه سيسلك طريق الاستجداء مع العراقيين البسطاء بالعطايا مثلما يحدث الآن في توزيع الاراضي , وقبل فترة قصيرة نشر احد الاخوة موضوعا قال فيه : انه يتمنى ان تكون الانتخابات كل ثلاثة اشهر لان المالكي سيستجيب لحاجات الناس , واحد الاخوة المتقاعدين يؤكد : ان قانون التقاعد العام سيقر قبل الانتخابات بأيام قليلة .
الطريق الآخر الذي سيسلكه المالكي في الساحة العراقية مع حلفائه في " التحالف الوطني " الشيعي , وشركائه في الكردستانية والعراقية هو الحرب مع الجميع بعد انقطاع حبل الكذب بينهم , وستكون بالتسقيط السياسي وفتح ملفات الفساد مستفيدا من تبعية المؤسسات المستقلة له , وبالذات القضاء والنزاهة , او بإثارة النعرات القومية والطائفية والعشائرية وحتى الشخصية بين الاطراف والكتل السياسية , وتكون مدعومة برفع معدلات العنف , وسوف لن تسلم منه حتى المرجعية الكريمة في النجف الاشرف والتي قاطعته , كما يؤكد الكثيرون , ما دام قد وضع امامه فقط , الحصول على ولاية ثالثة .