سينما التسامح الديني في مواجه الكراهية بين الأديان |
اولا / بين السنما والإرهاب الجماهيري وشيجة متينة ! اذ يمكن القول ان السنما منذ الصامتة الى الاسود والابيض الى الملونة الى ذات الابعاد الثلاثة شجعت بشكل وبثان على شيوع ثقافة الجريمة ابتداء من اللص الظريف الذي يقتل المئات لينقذ طفلة مثلا الى طرزان المتوحش الذي يعتمد سكينه في حل مشاكله الى جيمس بوند الى الرجل الوطواط الى رامبو الى افلام الفريد هتشكوك وافلام اجاثا كريستي الى افلام الكاوبوي التي اشاعت ثقافة الشعب الغبي المجرم ( الهنود الحمر ) والكاوبوي البطل الذي يصفق لجرائمه حيال الشعب الهندي الاحمر المسالم ! ثم جاءت افلام الخيال العلمي لتشوه حساسية الانسان في الانسان فثمة حروب في المجرات بين شعوب المجرات وثمة عصابة في مركبة تفعل ما تشاء متى ما تشاء ! وقد حول الكثير من افلام هوليود العدوانية الى افلام كارتون لكي يتشرب منها الاطفال وينشأوا عليها ! وقد حذر المفكرون من ثقافة الموت والارهاب اللتين تشيعهما افلام هوليود دون ان يلتفت اليهم احد ! ان الثقافة السينمية الهوليودية مسؤولة من جانبها عن اشاعة ثقافات مثل تبادل الرعب والمسدس وفنون القتل ولم يعد بمقدور المربين ايقاف تسانومي سينما الارهاب والرعب ! والمفزع حقا ان سنما الارهاب والقتل المجاني انتقلت الى الاطفال ايضا من خلال الالعاب الالكترونية فالطفل الرابح هو الذي يقتل اكبر عدد من الاعداء ( !! ) فضلا عن اختراع مخلوقات بشرية مشوهة مرعبة حتى في الاحلام واختراع حشرات وحيوانات كبر الواحدة منها تعدل الف قطار وارتفاعها يبلغ طول اربع ناطحات سحاب بحيث هذا الوحش او ذاك يدعس بقدمه ناطحات السحاب والناس يبدون مثل ذرات ضوئية ! والمفجع ايضا وايضا ان العقل السينمي الذي اكتشف الربح الفلكي من افلام الارهاب والهلع والقتل المجاني والخيال العلمي هذا العقل بات نموذجا للشركات السينمية في العالم والسؤال الى متى يستمر الارهاب السينمي حاضنة الارهاب العالمي ؟ثانيا / بين التاريخ والارهاب الديني العالمي جذور متينة قوية متجددة ! فمنذ دون التاريخ من خلال الاساطير والانسان المسالم هو الضحية ! واذا دخلنا عصر التدوين الفينا شبق المؤرخين لحكايات الدم والبشاعة ! حروب طروادة حروب العرب قبل الاسلام التي سميت ايام العرب مثلا ثمة حرب من اجل فصيل ناقة تذابح عليها العرب اربعين سنة ! واد البنات والسبي الغوغائي واذا جاء الاسلام الحنيف اختطفته البداوة واعملت السيوف في الرقاب لمسوغات ظاهرها ديني وباطنها شبق الدم ! وقل مثل ذلك في الحروب الصليبية التي كانت تحمل صليب السيد المسيح كذباً ومينا ! فالمسيح قال احبوا اعداءكم ! فكيف افتأت المتمسيحون !! والغزو شريعة الامم المتعطشة للدم ! المغول وما صنعه بالمسلمين ! حتى وصل المؤرخون بنا الى حكم العوائل مثل العائلة الاموية والعائلة العباسية والعائلة العثمانية وقد ابدع المؤرخون الغافلون او المستغفلون في تسويغ القتل فشاعت اسباب للارهاب ذات مكر عظيم مثل القتل صبرا وبدم بارد للمتهمين بالتسوية بين الشعوب والزندقة والشعوبية ! والتاريخ حدثنا بشهية عن الارهاب الكبير في فتنة مختلقة اسمها خلق القرآن ! والضحايا دائما هم الابرياء فلا الاسلام العظيم ولا المسحية السمحاء يرضيان بأنهار الدماء البريئة ! .ستيف جورج وسمير حداد وسنما التسامح -------------------------------جاءت الديانات السماوية في حقيقتها لتنشر المحبة بين الشعوب وتنتزع الكراهية من نفوس الناس وتشيع التسامح والتآلف والتكافل بين الناس جميعا دون الالتفات الى اللون والعنصر واللغة والدين والجغرافيا ! الديانات السماوية مبرأة بالمطلق من العقليات الظلامية المتجلببة بالدين ومنزهة بالكامل عما يرتكبه المتسشددون والمتحجرون من كل الأديان ! فأنبياء الله لهم مرجعية واحدة هي إرضاء الخالق وهدف واحد هو إسعاد المخلوق ! هذه المنطلقات الحضارية الراقية كانت هاجس الشيخ طالب السنجري والأب حنا سولاقا كشخصيتين اجتماعيتين مختلفتي الدين مؤتلفتي اليقين ! وكانت هاتان الشخصيتان محور الفيلم المثير الذي انجزته شخصيتان الاولى امريكية وهو المخرج ستيف جورج والثانية عربية وهو المخرج سمير حداد ! ويمكننا القول ان روح الفريق الواحد بين المفكرين الدينيين والمخرجين السينميين كانت وراء وامام النجاح الواضح الذي حققه عرض الفيلمين القصيرين ! فإذا قلنا ان الجمهور الذي شهد الفيلمين كان جمهورا نوعيا انتقاه فريق الاربعة بدقة شديدة ادركنا معنى احتفاء جمهور المشاهدين بالعمل! فيلمان سنمائيان هما عمل تربوي إعلامي تنويري نهد به اربعة اشخاص ! اربعة حالمين بعالم نظيف خال من العنف الإثني اجتمعوا وقدموا للجمهور عملا سنمائيا مغايرا بلغة الصورة العذبة الفصيحة ! وكان جمهور هؤلاء الاربعة جمهوراً نوعيا حالما متفهما للفعل وردوده دون قعقعة ! وحين حبذ لي الدكتور كمال الساعدي حضور العرض السينمي وهو حفل ثقافي نوعي يتخذ من الفلم والريبورتاج سبيلا موضوعيا لترسيخ قناعات حضارية مؤداها ان الانسان هو كل شيء واهم شيء واثمن شيء في هذا العالم فاستهوتني المشاركة في اللقاء الثقافي الفني ! وامتلأت القاعة المخصصة للاحتفالات والعروض في مطعم ادونيس السابعة من مساء الخميس السابع من نوفمبر 2013 فرحب بالحاضرين المخرج الامريكي ستيف جورج وهو شاب في الاربعينات تلقى علومه في التصوير والاخراج بالجامعات الامريكية كما رحب بالحضور رفيقه المخرج سمير حداد وهو رجل في الخمسينات من عمره تلقى علومه في الجامعات العربية والامريكية واخرج عددا من الافلام والريبورتاجات بالعربية مرة وبالانجليزية اخرى وقد نالت اعماله شهرة جيدة وبخاصة اعماله المشتركة مع ستيف جورج ! ثم رحب بالحضور كل من الاب حنا سولاقا راعي الكنيسة اللوثرية و الشيخ طالب السنجري فشكرنا لهما وللمخرجين لطف الترحيب والاستقبال ! ثم جلسنا حول مناضد طويلة تحف بها مقاعد المدعوين والمدعوات ! والمدعوون بعامة خليط من عرب وامريكان ومكسيكان والملاحظ ان الحضور النسائي كان كثيفاً بشكل ملفت للنظر وكان فاعلا ايضا ! ولوحظ حضور طيب لأسماء فنية على مستوى مشيغن مثل الفنان حسن حامد مدير مؤسسة زرياب للاعمال السينمية والتلفازية والاعلامي المعروف صلاح كولاتو والمخرج والمصور القدير صاحب شاكر والفنان القدير ا عبد الحسين تويج والناشط خيون التميمي نائب رئيس الاتحاد الديموقراطي العراقي في امريكا والاعلامي ومدير الفضائية رامي صادق! والمصور الفنان نافع ابو ناب ذو الحضور المتميز والدائم في العروض والمؤتمرات! فضلا عن حضور اسماء امريكية ذات اهتمام فني ! وقد بدأ عرض الفيلم الساعة الثامنة مساء وهو ضمن مسلسل عنوانه (السبيل الى الاعلام ) وكان الفيلم شهادات مثيرة جدا ادلى بها مسيحيون ومسلمون مؤداها ان كل شيء من اجل رقي الانسان وحريته ! وكانت الوشيجة التي تربط بين المركز الاسلامي وامامه الشيخ طالب السنجري والكنيسة اللوثرية برعاية الاب الامريكي من اصل عراقي حنا سولاقا مؤشرا كبيرا على امكانات نشر التسامح الديني بين الامريكيين والمسلمين ! الفلم اتبع آلية الريبورتاج السينمائي مما اشاع بين الحضور احساسا بقيمة هذا الفن ودوره في بلورة الخطاب التسامحي الانساني بين البشر بعد ان طغى الهوس السلفي والاصولي لدى بعض المسيحيين والمسلمين ! وانفرد التيار السلفي بخطابه القبوري الذي انتج اعمالا انتحارية ارهابية طالت المسلم الشيعي والمسلم السني وطالت المسيحي والمندائي وهكذا ! كان اللقاء حلقة ذات اضافة معرفية قوامها مثقفون وفنانون وخبراء وقد عرض على الحضور فلمان قصيران استحوذا على مركزية اهتمامنا وقد صفق الجمهور عدة مرات معربا عن اعجابه مرة وتعاطفه اخرى ! وغب العرض القى كل من الشخصيتين الدينيتين المحوريتن محاضرةمكثفة فاوجز كل منهما من خلال المحاضرة تصوراته للنهوض بالهاجس الانساني نحو السلام العالمي والتكافل الحضاري بين الشعوب ! وكانت كل محاضرة ذات شجون فلم يعد ممكنا السكوت عما يحدث حولنا من ارهاب فكري وديني وقومي .. والسكوت هو الوجه الآخر للتواطؤ ! ولابد من مبادرات ومبادرات لايقاف التصدع في المشهد البشري ! وقد حاور جمهور النظارة النوعي وبطرق حضارية الشخصيات المركزية الاربع : المخرجين ستيف جورج وسمير حداد بوصفهما التقني ثم الشخصيتين الدينيتين فضيلتي طالب السنجري وحنا سولاقا بوصفهما محوري الفيلمين اللذين عرضا علينا ودار نقاش موضوعي عميق ومثير تمحور حول عدة نقاط بينها استكناه طبيعة العمل وترحيله نحو مستويات اخرى وفضاءات اوسع و امتلك النقاش جدية مدهشة ومثيرة للاعجاب بينما قدم آخرون مقترحات خلاقة من نحو عدم الاقتصار في نشاط المخرجين على ولاية مشيغن ولابد ان يطاف بالفيلم على كل الولايات الامريكية فضلا عن البلدان الاوربية والآسيوية والأفريقية ! ومن نحو عدم الاقتصار على الدينين المسيحي والاسلامي بل لابد وان ان تشمل خارطة الطريق الديانات الاخرى من نحو المندائية واليهودية ! ومن نحو اجتراح لجنة موسعة من الجمهور الحاضر بعنوان اصدقاء حداد جورج للمساعدة في تيسير عمل المخرجين الرائدين في المتابعة والاعلام ومن نحو البحث عن التمويل والدعم لتطوير المشروع وربما تحويله من فن الفيلم الريبورتاجي القصير الى فن الفيلم الروائي الطويل مع الالتزام بالمباديء التسامحية ذاتها . ثم انتهى اللقاء المغدق دون ان يعرف الحضور مشاريع المخرجين القادمة وميقات اللقاء الآخر بين الجمهور الفني وبين المخرجين وهي سانحة مخلصة للسادة المعنيين بالسنما والتلفزة والتوجيه والتربية الى تكريس جهودهم الخيرة لبناء الثقة بين الاديان والطوائف والشعوب . إ . هـ وكتبت الاستاذة الفاضلة فاطمة الزين هاشم بعنوان الثقافة والايمان بين التقاطع والانسجام ( وكانت ممن حضر العرض وناقش ) في صحيفة صدى الوطن جريدة العرب في امريكا الشمالية بعددها الصادر الجمعة نوفمبر 23 للعام 2013 : عبّرَ العملُ الفيلميّ السينمائيّ، ولمدّة ساعتَين، عن المدى الواسع لاندماج الشعوب ببعضِها دون النظر إلى الإنتماءات الدينيّة التي هي اليوم حديث الشارع وتجّار الدين، وقد أثبتَ ذلك باسلوبٍ سينمائيٍّ مؤثِّر من خلال ظهور شيخ عربي مسلم (طالب السنجري) وهو يمسك بيد قسّ عربي مسيحي (الأب حنّا سولاقة) وكأنّهما أخَوان حميمان..في القِسمِ الأوّل وهما يتحدّثان عن الأخلاق الحسنة التي تمثّل المشتَرَكات الإنسانيّة بين بني البشر، وانصِهار الشعوب ببعضِها ممّا تحجبُ تماماً أيَّ مظهرٍ من مظاهرِ التفرِقة بين مسلم ومسيحي على سبيلِ المثال، لأنّنا في النهاية كبشَر، نعود لمَرجِعٍ واحد وهو الله سبحانه وتعالى الذي يرعانا جميعاً.أمّا القِسْمُ الثاني من الفيلم فهو يحكي عن تعاون عالم آثار مسلم (الدكتور مازن مرجي) وآخر مسيحي (صديقه سامح المعايطة)، وهما ينهمكان في تأسيسِ «متحف الحصن» للتراثِ الشعبي في الأردن، وأحييا معاً العادات والتقاليد الإنسانيّة العريقة والمشترَكة لجميع أتباعِ الأديان، فأظهرا للمجتمع أنّ تآلفَ الشعوب، يُبطِلُ الإدِّعاءاتِ الكاذِبة التي تروَّج في وطنِنا العربيّ الكبير، الداعية إلى التفرقة بين الأديان، والتي هي بالنتيجة تمزِّق أوطاننا العربيّة وتدمِّر منجَزاتِ الحضارة التي تأسّستْ فيها عبرَ عشراتِ القرون، ومن ثمّ تعطي الفرصة لكلِّ خائن أنْ يدُسَّ ُسمَّهُ في حياةِ الأسرة العربيّة الكبيرة، إستناداً إلى الحصيلة السيّئة التي يعرفُها الجميع (فرِّق تسُد) كما استعرضا آفاق التقدّم والرقِيّ في حياةِ الشعوب التي تشكّل أهمَّ عناصر توحُّدِها، كما أكّدا على ضرورة عدمِ الإنجِرار وراء العنصريّة التي هي مصدر التخلّف، ودعَيا الناس إلى المحبّةِ والتآلُف.«الثقافةُ والإيمان».. بين التقاطع والإنسجام
وبعد فهي سانحة خالصة لتحية رجلي الدين التنويريين الكبيرين الشيخ طالب السنجري و الاب حنا سولاقا لعملهما المشترك من اجل تقارب المسلمين والمسيحيين ومن اجل السلام العالمي ولتحية المخرج الامريكي ستيف جورج والمخرج الفلسطيني سمير حداد على رؤيتهما.
|