المالكي.. وهم الكاريزما ام النرجسية؟

 

لم يكن جذابا ليفقد جاذبيته اليوم، بعد ضربات متلاحقة تلقاها مؤخرا على ايدي معارضيه وحلفائه على السواء. ولا في حديثه مع من يلتقيهم نبرة تحببه اليهم. ولا يمتلك قدرة على صياغة عبارات أخاذة تجتذب اليه مستمعيه، لِيُكَثِّف من لقاءاته مع نخب عشائرية ودينية واعلامية وثقافية. ومع كل هذا فهو متناقض، يقول المعلومة وضدها. حاد المزاج. عبوسا. يكثر من رفع سبابته اثناء خطاباته ولقاءاته. محاولاته لا تنتهي في تقمص دور الرجل الحازم رغم فشله المتكرر إتقان الدور.
في المراحل الانتقالية كما في الازمات ربما احتاجت البلدان الى شخصية رئيس كاريزمي له قدرة شاعر تجتذب الوجدان وتحرك الاحاسيس، شخصية فيلسوف لها مشروع منفتح على الجميع، ومفكر يمتلك تصورات عن شكل المستقبل، حتى وان فشل في النهاية بتحقيقها فمن المعروف ان العالم لا يخضع لتصورات احد مهما كانت قريبة من الواقع.
صحيح ان الكثير من القادة الديكتاتوريين كانوا يتمتعون بكاريزما طاغية (هتلر، موسوليني، فرانكو) الا ان ذلك ليس شرطا فبالمقابل يتمتع الكثير من القادة الديمقراطيين بكاريزما هي ايضا طاغية (شارل ديغول، ونستون تشرشل، اوباما) ولا نريد ذكر آخرين في بلاد العرب هم في منزلة بين منزلتين.
الكاريزما بتعريف مبسط هي "وصف يطلق على الجاذبية الكبيرة والحضور الطاغي الذي يتمتع به بعض الأشخاص والقدرة على التأثير على الآخرين إيجابيا بالارتباط بهم جسديا وعاطفيا وثقافيا، سلطة فوق العادة، سحر شخصي شخصية تثير الولاء والحماس". (ويكيبديا)
المالكي لا يتصف بهذه الصفات ولا قدرة له على تقمصها او حتى التمرن عليها. واغلب الظن ان الكثير مما يحاوله ويفشل فيه مرده الى وهم انه قائد كاريزمي او في الاقل هذا ما اقنعه به المقربون من المتملقين. فهو دائم الحديث عن ارتباط استمرار "الاستقرار" (وهو الآخر وهم) بوجوده على رأس السلطة وحديثه المتلفز الذي اعقب عملية سجني ابوغريب والتاجي الذي نسب فيه الى نفسه مواهب عسكرية برزت في "صولة الفرسان" وصلت حد انقاذه الجيوش البريطانية والامريكية من ورطة محققة. كان حديثه عن ذلك نتيجة قناعة داخلية وليس ادعاءً فارغا كما ذهب بعض المحللين. في ذات اللقاء التلفزيوني عبَّر بشكل واضح عن عدم ايمان راسخ بالشراكة في الحكم حين تهجم على حلفائه من داخل الائتلاف الوطني العراقي الذين لولاهم لما تسنم موقعه الذي هو فيه منذ سبعة اعوام. هذا الشعور الذي نرقبه يتضخم، يُشَكَّل خطرا على العملية الديمقراطية التي يمكن ان تتحول الى احتكار فردي للسلطة. يساعده على ذلك نمو الوهم لديه انه يخرج منتصرا في كل مرة تحدث فيها ازمة سياسية فيما الحقيقة ان ما يجعل الامر يبدو كذلك هو مجمل الظروف المحلية والاقليمية التي تدفع الى ذلك وطبيعة تحالفات القوى السياسية في الداخل وليس لمواهب تتوفر فيه.
المالكي تنطبق عليه الكثير من صفات الشخصية النرجسية فهو "يرى أنه الأفضل والأذكى يهتم كثيرا بمظهره وأناقته ويُحنقه النقد ولا يريد أن يسمع إلا المديح وكلمات الأعجاب. لديه شعور غير عادي بالعظمة، وأنه شخص نادر الوجود متمركز حول ذاته يستميت من أجل الحصول على المناصب، ويميل النرجسيون نحو إعطاء قيمة عالية لأفعالهم وأفضالهم". (ويكيبديا/ بتصرف)
مثل هكذا شخصية تعتبر خطرا على العملية السياسية ان هي أُهملت من قبل الاطراف السياسية او تعاملت معها على اساس حسن النوايا وهو ما تنبهت اليه مؤخرا قوى فاعلة من داخل الائتلاف الوطني العراقي. مثل هذه الشخصية عادة ما تبدأ باقصاء المناوئين والمعارضين ولا تنتهي الا باقصاء الشركاء والحلفاء لتستفرد بالسلطة. ولهذا كانت خشية الكثيرين حتى من حلفائه من الإجراءات الأمنية الأخيرة أنْ تقود الى إعلان حالة الطوارئ وربما بلغ الأمر حد تأجيل الانتخابات.