بعض ما يجري في كركوك

 

خسرَ الإتحاد الوطني الكردستاني ، في إنتخابات برلمان أقليم كردستان ، الأخيرة في 21/9/2013 ، جزءاً مهماً من شعبيته ، إذ كان يملك 29 مقعداً في إنتخابات 2009 من مجموع 100 مقعد " عدا الكوتات " ، في حين حصل على 18مقعداً في الإنتخابات الاخيرة .. أي وبلُغة الأرقام ، فقد 38% من قوتهِ السابقة ! . وتلك نسبة كبيرة في الحقيقة .
الإتحاد الوطني ، كما يبدو ، يدرك جيداً بأنه رُبما قد يخسر بعد أشهرٍ قليلة على أبعد تقدير ( إنتخابات مجالس المحافظات ستجري في 20/4/2014 حسب ماهو مُعلَن ) ، السيطرة على الحكومة المحلية في السليمانية وكرميان ، لصالح حركة التغيير . لكنه أي الإتحاد ، يشعرُ بأنه مازالَ الأقوى في كركوك وخانقين .. ويعتقد بأن " الدكتور نجم الدين كريم " مُحافظ كركوك ، يتمتع بسُمعةٍ طيبة ، حتى لدى الأطراف العربية والتركمانية في كركوك ، ويمتلك مواصفات قيادية تُؤهله ان يقود القائمة الكردية في المرحلة القادمة . ولكن يظهر ان الحزب الديمقراطي الكردستاني ، له رأيٌ آخر تماماً ، بالنسبة الى هذه الشخصية .. فالديمقراطي ، يرى ، بأن نجم الدين ، كان له منذ البداية مواقف مُعادية للحزب الديمقراطي ، بعيدة كُل البُعد عن جوهر الإتفاق الإستراتيجي . ويورد أمثلة على ذلك : الإستقبال الحار الذي إستقبل به المُحافِظ ، رئيس الوزراء نوري المالكي ، قبل أكثر من سنة ونصف ( في الوقت الذي كان سوء العلاقة بين المالكي والبارزاني في ذروته ) ، وكذلك سعي المحافظ ، الى إستبدال العديد من مسؤولي الدوائر في المدينة ، من الحزب الديمقراطي ، بآخرين من الإتحاد ومن الاطراف الأخرى ، خلاب السنوات السابقة ، وأخيراً ، موقف المحافظ في الحادثة الإرهابية التي إستهدفت مقر الإستخبارات ، قبل أيام ، وتبعاتها ، وتجييره كُل " الإنتصار " و " البطولة " ، لحساب حزبه والقوات التي جاءتْ من السليمانية ! . المُهم ، ان الحزب الديمقراطي في كركوك ، يُصّنِف " نجم الدين كريم " ، ليسَ كحليف ، ولا حتى كمُنافسٍ صديق ، بل انه يتصرف كعدو ! .
لهذه الأسباب والتراكمات ، فأن ترشيح الإتحاد ل " نجم الدين " كي يكون رئيساً للقائمة الكردية الموحدة في كركوك " التي اُتُفِقَ عليها مبدئياً من قِبَل جميع الاطراف الكردية قبل يومَين " ، لقيَ إعتراضاً شديدا من قِبَل الديمقراطي [ علماً بأن الديمقراطي ليس لديه مانع من ان يكون مرشح من الإتحاد هو الذي يقود القائمة الموحدة في كركوك ] .. إذن الإعتراض هو على شخص نجم الدين وليس على المبدأ ! . وكما يبدو فأن الإتحاد ، إعتبرَ بأن الديمقراطي ، يقوم ب " لَوي ذراع " الإتحاد ويفرض عليه شروطاً تعجيزية .. فأعلن بأنه لن يتراجع عن كون نجم الدين كريم بالذات ، هو رئيس القائمة الموحدة ! .
هذه المناكفات ، أدتْ الى تفكُك التحالف الكردي في كركوك [ في الوقت الذي سينزل في العرب بقائمة واحدة ، وكذلك التركمان بقائمة واحدة ] .. وهو في الحقيقة خبرٌ ممتاز ومُفرِح ، للعرب والتركمان في كركوك ! . فكل العرب سيصوتون لقائمتهم ، وكل التركمان لقائمتهم .. في حين ستتبعثر الأصوات الكردية ، بين عدة قوائم . 
في إنتخابات 2009 ، ونتيجة للخلافات بين الإتحاد والديمقراطي ، وواقع وجود جهازَين للأمن في كركوك وما يتبع ذلك من نتائج سيئة ، وتنافُس الحزبَين تنافساً تناحُرياً أحياناً .. فأن الكرد حصلوا على "6" مقاعد فقط من مجموع "12" مقعداً ، المخصصة لكركوك .. في حين ان الواقع الديموغرافي على الأرض ونسبة الكرد الى التركمان والعرب ، كان يفرض ، ان يحصل الكرد على "8" مقاعد أو "7" على الأقل ! .
واليوم .. وقبل أربعة أشهر من الإنتخابات المقبلة في 20/4/2014.. فأن فشل الأحزاب الكردية في التوصل الى صيغة تحالفية متينة في كركوك .. سينعكس سلباً ، ليسَ على محافظة كركوك ، وحسب .. وإنما سيلقي بضلاله على التحالفات في نينوى وديالى وصلاح الدين ، وحتى على تشكيل حكومة الأقليم أيضاً .
........................
ما زالتْ هنالك فرصة أخيرة .. أمام الاحزاب الكردية في كركوك ، للتراجع عن مواقفها المتشنجة مع بعضها البعض ، والركون الى العقل والمصالح المشتركة العُليا والإتفاق على قائمة موحدة .. ومن الضروري الإستماع الى رأي [ أهالي ] كركوك من جميع هذه الاحزاب .. وليسَ الى القادة الذين في مُجملهم ليسوا من أهالي المحافظة .. أرى انه له تُركَ الأمر الى أهل المدينة ، فمن السهل تماماً التوصل الى إتفاق فيما بينهم .. بل من السهل أيضاً ، التفاهم مع التركمان والعرب أيضاً ! .