المرجعية العليا تتدخل خوفا على مصالحها |
كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن قانون الاحوال المدينة والمحكمة الجعفريين بين القبول والرفض وانتفضت النساء اللاتي لا يلتزمن بدين ولا شريعة واللاهثات خلف ما ترك الغرب من فتات يقتتن عليه، وارتفعت اصوات الذين يعتاشون على الطائفية ليجدوا في تشريع قانون على وفق المذهب الجعفري مادة ليتحدثوا بها في الاعلام وفي الاماكن التي يروج لمثل هذه الافكار فيها. وانشغل الجميع بالمواد القانونية وما هو الاختلاف بين هذا القانون والقانون السابق، وبعضهم خاف منه سياسيا؛ لان وزير العدل تابع لجهة معروفة و سوف يحظى تأييدا شعبيا؛ لأنه سيعد انجازا على مستوى عالي من الاهمية سيحفظه له التاريخ. وعلى هذا الاساس اجل مجلس الوزراء الموافقة على رفعه الى مجلس النواب للمصادقة عليه الى بعد اجراء الانتخابات وحتى تعطي المرجعية العليا رأيها فيه. وهذا الاجراء غريب جدا وسبب الاستغراب امران: الاول: وصلت نسخة من هذا القانون الى المرجعية العليا قبل اكثر من عام كامل، وهو بيدها فهل يحتاج الاطلاع على هذا القانون كل هذه المدة؟ ام انها لم تكلف نفسها لقراءته؟ على الرغم من ان هذا المشروع حلم الانبياء والاوصياء وكل القيادات الدينية المخلصة، فضلا عن ذلك المجتمع العراقي وخصوصا الشيعي، يعاني مشاكل اجتماعية خطيرة بسبب التحاكم الى القانون الذي بني على اساس المذاهب الاخرى، فهناك عوائل تهدمت لأنها لم تتفقه بالشكل المطلوب وبفتوى من المرجعية العليا تهدمت اسر كثيرة ، من الذي يتحمل هلاك هذه الاسر؟ والمرجعية تفتي ولا يهمها ما ستؤول اليه الامور. سأذكر مثالا من مئات الامثال: امرأة تطلقت من زوجها على يد قاضي المحكمة لكنها لم تتطلق شرعيا ( عند السيد) كما شائع، بعد مدة تزوجت من رجل ثاني احبته واحبها وانجبت منه طفلين، طرق اسماعهم ان طلاق المحكمة لوحده غير كافي، سألوا وكلاء المرجعية العليا (السيستاني) فأجابوهم كالتالي: ان زواجكم (الثاني) باطل وان المرأة حرمت عليك مؤبدا ولا بد من التفريق. اتعلم عزيزي ما كان ردهم (الزوج والزوجة) ؟ سنبحث عن مذهب اخر يجيز لنا هذا الزواج. وغير ذلك الكثير لو الفت مجلدات لذكر هذه القصص لما استوعبها... الثاني: ان رئيس الوزراء قبل مدة كان ضد هذا المبدأ عندما طرح قانون البنى التحتية وكان يقول بهذه الطريقة لا نستطيع ان نعمل اذا كل شيء جعلناه دعاية انتخابية، فعلى نفسك لا تقبلها وعلى غيرك يرحل الى بعد الانتخابات. ويصدر العجيب من رئيس الوزراء هذا، فقبل ايام كنت تريد ان تسفر المرجع بشير الباكستاني الى بلده الاصلي لأنه تعرض لسياستك واليوم تغازلهم طمعا في نيل الرضا. ليس موضوعي الاساسي الكلام عن الغاء او تأجيل تشريع قانون الاحوال والمحكمة الجعفريين، وانما اريد ان اعود الى جذور رفضه او تأجيله، والكلام لا بد ان يكون بصراحة حتى يعلم الجميع من الذي وقف وراء هذا الرفض ورفض غيره من المشاريع. الذي يقف وراء هذا الرفض هو المرجعية العليا المتمثلة بـ (محمد رضا) السيستاني. فكل ما من شأنه ان يسهم بإرخاء قبضته على الحوزة وبالتالي المجتمع وبالتالي العملية السياسية فانه يفعل المستحيل للحؤول دون وقوع ذلك، ولو اتفق مع ابليس نفسه ولو كلفه ذلك نصف دماء المؤمنين المهم انه يحافظ على سطوته واحتياج الاخرين له ليمارس سياسة الاذلال والاحتياج اليه. وهناك عدة امور حدثت سبقت رفضه هذا القانون، سأتحدث عن واحد منها. الوقف الشيعي ومشروع صرف رواتب طلبة الحوزة. عرض ديوان الوقف الشيعي مشروعا لصرف رواتب لطلبة الحوزة العلمية في النجف يبلغ 500 الف دينار، وقد قبلها بعض المراجع وابدوا ارتياحهم لهذا المشروع، لان طلبة العلوم الدينية بأمس الحاجة لهذه الاموال، لالتزاماتهم العائلية والاجتماعية واحتياجاتهم الخاصة من كتب ومصادر وبعض الاجهزة التي تسهم في تطورهم، اضف الى ذلك وجود الضغط الاجتماعي لان رواتب الموظفين في بعض الوزارات فاقت التصورات. ويرون انفسهم يقفون على باب السيستاني وغيره كالمتسول يتصدقون عليه بفكة من النقود بعد اذلاله وسلب كرامته، حتى وصل ببعضهم الى انه يقف في طابور طويل وفي النهاية يستلم 5000 الاف دينار! وبالنتيجة فان كثير من طلبة الحوزة تركوا الدراسة وبحثوا عن فرصة للعمل في القطاع الحكومي او الخاص، هذا في احسن الاحوال، اما القسم الاخر فأنه يكون ذنبا لتاجر او رجل اعمال حتي يأكل الفتات الذي يسقط منه بين الحين والاخر، وهذه اخطر النتائج لأنه سيكيف الدين لصالح هذا التاجر او رجل الاعمال ويبيح له كل شيء، او انه سينخرط في سلك وعاض السلاطين ليحصل على سبيل لمعيشته، فهناك الكثير من رجال الدين عرضوا انفسهم للإيجار في موسم الانتخابات للترويج للمرشح مقابل مبلغ من المال. الا ان السيستاني رفض هذا المشروع وبشدة بحجة ان الحوزة لا بد ان تبقى مستقلة، ولا اعلم ماذا يعني بالاستقلال، الا يعلم ان كل وكلاؤه منخرطون في الاحزاب الاسلامية وعلى رأسها المجلس الاعلى او يروجون له؟ الا يعلم ان المجلس الاعلى ينتمي اليه وكل صلوات الجمعة التابعة له يؤمها قياديون في المجلس الاعلى؟ الا يعلم اين تذهب اموال الوقف الشيعي والمزارات الشريفة، هل تصرف بأذنه وعلمه ام انها تصل اليه بالمباشر؟ اليس هو من يعين الامين العام للوقف الشيعي وهو من المجلس الاعلى؟ ام انه يعني بالاستقلال ان تصرف الاموال حصرا من برانيه ووكلاؤه؟ حتى يمنع عمن يريد ويغدق على من يريد، وبالنتيجة فان الاموال محصورة عند المرجعية العليا ومن يحاول ان يدعي خلاف ما تقوله المرجعية العليا فان الجوع والفقر سيكون مصيره الحتمي. وقد حدثت ضجة كبيرة في النجف الاشرف واراد طلبة العلوم الدينية ان يخرجوا بمظاهرة على المرجعية العليا ليطالبوا بحقوقهم، واصدروا ثلاث بيانات تندد بالسيستاني ومحمد رضا ووزعت نسخ منها في شارع الرسول اي في الشارع الذي يقع فيه براني السيستاني. لكن لم تأذن الحكومة المحلية للمتظاهرين بالمظاهرة وبطريق وباخر اخمدوا ثورة الجياع، تارة بالترهيب واخرى بالترغيب. ولم يقتصر الامر على هذا الحد، افتتح السيد محمود الهاشمي الشاهرودي مكتبا له في النجف الاشرف ودعا كل طلبة العلوم الدينية فيها ان يحضروا لتسجيل اسماؤهم ليتقاضوا الراتب الشهري وقدره مئة الف دينار، وهو امر طبيعي لان كل المراجع تعطي راتبا للطلبة كل بحسب مرحلته ومستواه. هذا الامر لم يرق للمرجعية العليا (السيستاني) فأفتى بحرمة اخذ هذه الاموال، ومنع الطلبة من اخذها، مع علمه ان الطلبة بأمس الحاجة لها وانها ستسهم في تحسين وضعهم المعاشي، لكن هذا العلم لم ينفع، مما اضطر الطلبة ان يأخذوا هذا الاموال سرا. لكن بالنتيجة احكم قبضته مرة اخرى بتتبع كل من اخذ او يحاول ان يأخذ. من يا ترى كان يتبع هذه الطرق في التاريخ الاسلامي؟ هل هذه الطريقة كان يستخدمها علي بن ابي طالب او الحسن (عليهما السلام) ؟ ام انهم كانوا يعطون الاموال حتى لغير المسلم. ام ان الذي كان يتبع هذه الطريقة معاوية وبنو امية مع انصار واتباع اهل البيت (عليهم السلام)، وقبلها فعلها من حكم قبلهم بسلب ارث فاطمة حتى لا يتقوى بع علي (عليه السلام). وللكلام تتمة عما فعله محمد رضا السيستاني عند تشريع قانون الاقامة للاجانب..
|