تتصاعد في الساحة العراقية هذه الأيام الكثير من الاصوات المنادية على ضرورة المشاركة الفاعلة في الإنتخابات القادمة، وتحث هذه الأصوات على الإسراع في تحديث سجلات الناخبين لان ذلك يعتبر الوسيله الوحيده إذا ما أريد للعراق ان ينفض عنه مخلفات سنوات الديمقراطية السابقه والتي لم يحس بها المواطن العراقي...وجل ما حس به رجل الشارع البسيط وما فهمه عن الديمقراطية هو تسلط فئة ضالة على مقادير البلد همها الوحيد سرقة ما يمكن سرقته من اموال العراق وتهريبها للخارج وعلاج نفسياتهم المريضه وعائلاتهم على حساب المال العام.
إن المفهوم الخاطىء عن الديمقراطية العرجاء التي ترسخت لدى رجل الشارع جعلته لا يستسيغ كلمه أسمها الديمقراطية ولا يريد أن يفهم أنه يمثل في الإنتخابات صوتا مهما وإن عدالة الديمقراطية هي التي تجعل صوت الإنسان الكادح والمرأة الجائعة والتي تحتكم على أيتام لتربيتهم وتتلفت يمينا وشمالا بحثا عن لقمة العيش، وسكنة علب الصفيح معادلا بالتمام والكمال إلى صوت أعلى مسؤول في الدولة...معادلا لصوت رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء معادلا لصوت كل من سرق العراق ونهب أمواله ويحاول اليوم من جديد أن يبقى مستمرا في نهجه والذي يمثل نهج علي بابا القرن الواحد والعشرين.
من مصلحة علي بابا عزوف رجل الشارع عن الإدلاء بصوته ومن مصلحة علي بابا ان يبقى رجل الشارع جاهلا بأهمية صوته الذهبي الذي لو تم توظيفه بصورته الصحيحة لأحدث إنقلابا وطنيا حقيقيا في الإنتخابات القادمه واعاد العراق إلى سكته الحقيقية. من هنا بدأت الأصوات تتصاعد لحث الناخب على المشاركة في الإنتخابات, ولكن الأسئلة التي تتردد وقد يتساءل بها العديد هي
منْ أنتخب؟
كيف أختار الإنسان الأصلح؟
هل هناك إنسان نزيه قادر على ترشيح نفسه؟
لعل الإجابه على هذه الأسئلة اليوم تمثل الخطوة الأولى على طريق تثقيف رجل الشارع بأهمية الإنتخابات وضرورة المشاركه فيها, واليوم وقبل أن تبدأ الحملات الإنتخابية نستطيع الإجابه على تساءل مختلف فبدلا من الإجابه على سؤال
منْ انتخب؟
يمكن الإجابه على سؤال
منْ لا أنتخب؟
لعل جميع الأصوات التي تحث الناخب على المشاركة تؤكد في الوقت نفسه, عدم إنتخاب السراق الحرامية والفاسدين ولو حاولنا تسقيط هذه العناوين على المنظومه التي حكمت العراق بعد السقوط نجدها تنطبق على أغلبهم فهم من أوصلوا العراق لحافة الهاوية فهل هذا يعني عدم إنتخاب الجميع. هنا يبرز أهمية السؤال الثاني "كيف أختار الإنسان الأصلح" وللإجابه على هذا السؤال دعونا نتصفح الخارطة السياسية في العراق الأن حيث يبرز من خلالها
1) حزب الدعوة حيث قاد العراق لفترتين إنتخابيتين متتاليتين من خلال منصب رئيس الوزراء الذي أنا شخصيا كنت قد صوت لكتلته في الفترتين السايقتين ولكني اليوم أنا على قناعة تامه بإن هذا الحزب لا يصلح لقيادة العراق لفترة ثالثه ويمكن القول بكل صراحة إني لا أنتخب حزب الدعوة بعد الآن للفشل الكبير الذي وقع فيه وجزء كبير من الفوضى التي يعيشها العراق اليوم ناجم عن عدم قدرة الحزب على ترصين دولة المؤسسات في العراق لا بل هو مساهم في تفكيك مؤسسات الدولة العراقية وهذه وجهة نظري أنا شخصيا رغم إنني كنت أتمنى أن لا ينزلق هذا الحزب لحافة الهاوية التي يعيشها الآن.
2) كتلة المواطن هل هي تمثل طموح في قيادة العراق في الفترة القادمه...أنا شخصيا ومع جل أحترامنا وتقديرنا للسيد عمار الحكيم أعتقد إن كتلة المواطن لا تمثل الحلم في تخليص العراق من الحالة التي وصل إليها وهي تعتمد على شخصيتين لا ثالث لهما الدكتور عادل عبد المهدي و الإستاذ باقر جبر الزبيدي والإثنان ليس لهم رؤية ومنهجية علمية في آلية إخراج العراق من محنته...ثم إن كتلة المواطن كانت مساهمه فعالة في حقبة الثمان سنوات الماضية وتتحمل جزءا كبيرا من فشل منظومة الحكم في العراق.
3) كتلة الأحرار لعل كتلة الأحرار تمثل أكثر الكتل تحسسا بنبض الشارع العراقي ويحس رجل الشارع إن هذه الكتله تحاول جهدها إنتشال المواطن العراقي من محنته ولكن في الوقت نفسه فإن هذه الكتله تعاني من غياب العناصر الأكاديمية الرصينه بين اعضاءها ولذلك تعاني كثيرا عندما يتأهل شخصا ما إلى منصب معين وسرعان ما يأتي التوجيه من السيد مقتدى بضرورة تركه لمنصبه...لذلك فإنني أعتقد إن هذه الكتله رغم القاعدة الشعبية التي تتمتع بها في بعض المحافظات فهي تحتاج إلى سنوات لكي تنضج أكثر وتكون مؤهلة لإستلام دفة الحكم في العراق.
4) القائمة العراقية لعل أكثر القوائم نضوجا من الناحية السياسية هي القائمة العراقية ولكن اثبتت الإنتخابات السابقة حالة التفكك وعدم التجانس بين أفرادها وغياب لغة التفاهم بينهم والسبب يعود لإعتبار كل فردا فيها مؤهلا تأهيلا كاملا من ما جعلهم يبحثون عن المناصب السياسية السيادية حتى لو تطلب الأمر الإستعانة بالأجنبي وهذا كان المنزلق الكبير لهذه القائمة...إن حالة الشرذمه التي تعيشها لا تجعلها مؤهلة لقيادة العراق في الفترة القادمة
5) القائمة الكردستانية هم ارادوا لنفسهم تبني الصفة القومية بدلا من تبني الصفة الوطنية وهذا خطأ كبير وقع فيه الأخوة الأكراد لأنهم بتبنيهم هذا خسروا الصوت العربي وبذلك أصبحوا غير مؤهلين لقيادة العراق وأعتقد هذا خطأ إستراتيجي وقع فيه الأخوة الكورد وكان الأفضل لهم عدم عزل هويتهم الوطنية والتمسك بالهوية القومية لأن الوطن أشمل من القومية.
6) أحزاب وكتل أخرى صغيرة تبحث عن مناصب من خلال الإئتلاف مع أي من الكتل الكبيرة الأخرى وهذه الأحزاب والتي شاركت في الإنتخابات السابقة لا تملك لا برنامج إنتخابي ولا رؤية في قيادة العراق فهي بالتأكيد غير صالحة...
أمام هذا الطرح وقد يختلف معي البعض والإختلاف حالة صحية طالما كان الطرح أكاديمي بحت ليس غايته تسقيط الأخر وإنما تنبيه ببعض النقاط التي تتشكل في ذهنية البعض مما يجعله يعزف عن إنتخاب هذا الحزب أو ذاك, هنا يقفز تساءل جديد هل هناك إنسان نزيه يمكن أن أنتخبه...بالتأكيد هناك العديد من الشخصيات السياسية النزيه والتي سوف نجدها بين المرشحين يمكن ان نمنحها صوتنا أملا منا في عراق أفضل يسود فيه حب الوطن على الطائفه, ويكون دولة قانون منهجا وليس شعارا ويغيب عن العراق وجه علي بابا الكريه.