لماذا لا تسلّمون للقاعدة؟

لم أرَ في حياتي ولم أسمع ولم أقرأ حكاية تشبه حكاية نوري المالكي وهو على رأس الحكومة.. فالسيد المالكي يبدو لي لا نظير له بين رؤساء الحكومات السابقين والحاليين في العراق والمنطقة والعالم كله في التغاضي والتغافل عن، والإصرار على، فشل الحكومة التي يترأس والدولة التي يدير(ربما يمكن استثناء رؤساء كوريا الشمالية المتوحشين العائشين خارج التاريخ).
لم تكتمل بعد التصريحات المنددة بعملية تهريب سجناء من سجن العدالة بالكاظمية، ولم تتوقف الاتهامات المتبادلة بين وزارتي العدل والداخلية بشأنها، ولم تغادر المعلومات عن خباياها وخفاياها الصفحات الاولى لصحفنا الى صفحاتها الداخلية، حتى صحونا صباح أمس على فضيحة بجلاجل أخرى أثقل وزناً من فضيحة سجن الكاظمية، فإرهابيو تنظيم القاعدة يجدون الطريق سالكة تماماً الى مركز شرطة بيجي ليقتحموه ويطلقوا سراح عناصرهم (لماذا يوجد عناصر القاعدة في مركز للشرطة في بيجي بالذات على مرمى حجر من قواعد تنظيمهم ومعسكراته وملاذاته؟)، ثم ليقتحموا ايضاً المجلس البلدي للمدينة، وفي الاثناء تحتل مجموعة أخرى منهم المجلس البلدي في تكريت، وفي الوقت نفسه تتفجر بالجملة سيارات مفخخة وعبوات ناسفة في بغداد، المركز والضواحي والاطراف، وخارج بغداد أيضاً!
السيد المالكي لا يريد أن يدرك، بل لا يريد أن يقرّ ويعترف بفشل حكومته ودولته، ولا يريد أن يعرف أن هذا الفشل حتمي بحكم قانون المحاصصة السائد في الدولة وبفعل الفساد المالي والإداري الضارب أطنابه في أركان الدولة عمودياً وأفقياً برعاية قانون المحاصصة.
الف علامة وعلامة لفشل حكومة السيد المالكي ودولته، وما يقوم به تنظيم القاعدة يومياً تقريباً احدى هذه العلامات.
أظن ان من مصلحة الإقرار بهذه الحقيقة (الفشل)، حتى لو ترتب على ذلك تسليم الحكومة والدولة لـ "القاعدة"، فحينه سيصبح "القاعدة" هو الحكومة والدولة وسننخرط جميعاً في صفوف مقاومته بكل السبل والوسائل، واذا ما اضطر بعضنا الى الهجرة من جديد الى خارج البلاد، كما حصل في عهد صدام، فانه سيستأنف نشاطه من اجل حشد الدعم الدولي لكفاح الشعب العراقي ضد القاعدة.
السيد أحمد الجلبي لم يزل على قيد الحياة، وبكامل حيويته، وكذا السيد إياد علاوي، وسيمكنهما هذه المرة أيضاً، كما فعلا في الماضي، العمل من جديد باتجاه الولايات المتحدة وبريطانيا لإقناعهما بدعم كفاحنا للخلاص من حكم القاعدة.. أما الآن حيث لا يكلّ السيد المالكي ولا يملّ من التأكيد ان حكومته مسيطرة على الأوضاع وان دولته أقوى من الإرهاب بفضل قواتها المسلحة (غير السليمة من وباء الفساد المالي والإداري)، فان أحداً ليس بوسعه طلب المساعدة الدولية، مثلما ليس بوسعنا مقاتلة القاعدة وجهاً لوجه لأن دولة المالكي لا تقبل أن يقترب أحد من قواتها ولو كان حاملاً الورود، حتى أن هذه القوات تعتقل وتعامل معاملة قاسية الصحفيين الساعين لتوثيق إرهاب القاعدة، كما حدث أمس مع زميلنا المصور محمود رؤوف الذي اعتقلته قوة من استخبارات الداخلية واحتجزته ثلاث ساعات بـ"تهمة" (!) تصوير آثار عملية التفجير الإرهابية في منطقة الصدرية وسط بغداد..!