ايها الناخبون ميزوا الروث من الرخام
الدعاية الانتخابية فن رفيع هدفه اظهار الجميل واخفاء القبيح ، خطة للمكياج الاعلامي قد ينفذها خبير فيصنع نموذجا استعراضيا رائعا في الجمال والسحر ، او مكياج ينفذه جاهلون فيحولون نقاط الجمال الاصلي الى نقاط قبح اضافي ، صناعة دمية اعلامية تتداولها الايدي والابصار والاسماع على مسرح العرائس المؤقت ، ولكل صبغة عمرها ولكل لون مدته ولكل ضوء أجله ، خرافات واوهام سمعية وبصرية تنشط وقتا ثم تختفي فجأة ليحل الظلام . قد يخسر الأخيار الذين لا يجيدون تسويق انفسهم ، ويربح الاشرار الذين يجيدون سحر الكلام وتحريك الدمى ، جوهر المشكلة احيانا سهولة تضليل الناخبين وعجزهم عن التمييز بين البر والفاجر ، ومن أجل انقاذ الناخبين من التضليل والخداع والشعوذة الدعائية يجب توعيتهم ، لا يمكن للأمة ان تكون صاحبة القرار في انتخاب الحاكمين وهي أمة مخدوعة ، هناك خطوات بسيطة لصناعة الذكاء الانتخابي ، ابتداء على الناس قراءة تأريخ الشخصيات والاحزاب من مصادرهم الخاصة ، قراءة وجوه القوم قبل المكياج ، نظافة السمعة الشخصية ، نظافة اليد ، نظافة التأريخ ، نظافة العرض ، السابقة السياسية والمهنية ، التضحيات السابقة ، التدقيق في اوضاع القيادات والحواشي ، فضائلهم ورذائلهم ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، هناك أحزاب شامخة في تأريخها وفكرها وتضحياتها ونزاهة قياداتها واخلاصها ودينها وارتباطها بوطنها ، وأحزاب أخرى تحولت الى مراكز تدريب لاكتساب مهارات الفساد والاختلاس والمحسوبية وتشكيل العصابات والكسب الحرام وتزوير الشهادات وتمرير العقود وادارة الصفقات والظلم وسرقة جهود المستضعفين ، واختلاق الالقاب والعناوين ، والاحتماء بالمرتزقة والمتملقين ، وتهميش الشرفاء والمبدعين ، يريدون بلوغ السلطة لسرقة ما تبقى من البلد وليس لخدمة الشعب ، احذروا الدمى الانتخابية الملونة قبل تساقط الاصباغ ، اذا وصل سكان هذه الزوايا العفنة الى السلطة فسوف ينقلون امراضهم الى مؤسساتها ، واذا كانوا في ظل الحزب يسرقون المليار فهم في ظل الدولة سيسرقون الامصار ، قد يصلون الى السلطة بالتزوير والتضليل والتهديد وشراء الاصوات ، وهكنا تتحول الانتخابات من وسيلة لاختيار الاصلح الى وسيلة لتمكين الافسد ، ومن اداة لتطويق الفشل الى اداة لنشره ، اخراج مظاهر الانحطاط من اروقة الاحزاب الى اروقة الدولة. ومثلما هناك من ينصح الناخب بتجنب الوقوع في سحر الدمى الانتخابية فهناك ايضا من ينصح الاحزاب الاصيلة ان تتخلص من فاسديها الذين هم كلطخة سواد في ثوب ابيض ، انهم حريق يلتهم مصداقية اي كتلة او تحالف او قيادة نزيهة ، تصوروا ان يصل هؤلاء الى مواقع السلطة ، سيكونون اداة لنشر الفساد وليس مكافحته ، واداة لنشر الارهاب وليس محاربته ، واداة لتقسيم البلاد وليس توحيدها ، واداة لتسليم البلد الى الاجانب وليس حفظ سيادته ، كل شيء عندهم قابل للبيع ، من ينتخبهم فهو مخدوع ، ومثله كمثل من يستخدم الروث في البناء ويريد ان يحصل على قصر من الرخام .