اطلعت الى تعليق حول مقالتى السابقة (مهلا نحن في بداية الطريق ) ينتقدي فيه صاحب التعليق بعدم ذكر حكومة تركيا كسبب رئيسي في تأخرنا في بناء السياسة التركمانية رغم اشارتي اليها وكأنما انا متعمد لعدم ذكر تركيا، ورغم ان مقالتي كانت بهدف رص الصفوف وتوحيد الكلمة التركمانية وقد وعدت بأن اجيبه في مقالة قادمة .
انه من الخطأ الكبير ان نبحث عن اسباب تأخرنا في بناء السياسة التركمانية في تركيا فقط فهي احد الاسباب الرئيسية وليست كل الاسباب فنحن نعلم السياسة التركية من بداية الخمسينيات وموقفها المتفرج ازاء مجزرة 1959 التى راح ضحيتها خيرة رجال التركمان وموقفها تجاه الاعدامات التى نفذها النظام المقبور في بداية الثمانينات وموقفها المنحاز للاكراد في الملاذ الآمن لهم دون التفكير بملاذ مثيل للتركمان في 1991 هذا الملاذ ادى الى ارساء دعائم الدولة الكردية الشبه المستقلة الحالية ، واللوحة الزاهية الصميمية الحالية بين تركيا والاقليم والوقوف على مسافة واحدة من جميع المكونات في العراق كلها عوامل ادت الى تراجع بناء كياننا و سياستنا ، فكان من الأوْلى ان ندرك اين مصلحتنا ؟
لكل دولة اجندتها ، ومصلحة الدول هي قبل كل شىء ، ومدى تدخلها في شؤوننا الداخلية تكون لصالحها بالدرجة الاولى ، و الكل تدرك وتفهم ذلك ، بالاضافة الى العوامل الخارجية المحيطة بناعلينا ايضا مراجعة انفسنا لمعالجة الاسباب التى تعرقل تكوين سياستنا في داخل البيت التركماني.
ان عدم وجود مرجعية تركمانية للرجوع اليها أو مجلس تركماني فعّال يجمع كل عقلاء القوم ويضع خططا للمستقبل يُعَدُ من احد الاسباب ، والمجلس الموجود حاليا لايؤثر ايجابا في حل المعضلات. اضف اليها نفسية بعض سياسينا وعقدة الأنا والحسد وعدم تحمل الاخ لاخيه حين اشغاله منصبا ما في التشكيلات وتدخل الايادي الخبيثة في شؤون البيت التركماني واسباب اقتصادية واجتماعية اخرى.
و السبب الاهم هو عدم تكويننا قوة للحفاظ على وجودنا فوق ارضنا ، القوة العسكرية لها تأثيرها في القرارات المصيرية التى نتخذها لتطبيقها على الارض. اية تشكيلات حزبية في العراق لايمكن ان تتقدم خطوة الى الامام ما لم تكن لها قوة عسكرية . بل الخصم لايعتبر اي اعتبار لاي تنظيم لا يملك جناحا عسكريا . معظم الكيانات المسيطرة على الوضع والفارضة نفسها على الساحة السياسية لها جناح عسكري... نستغرب لماذا محرمة علينا ؟ الدستور الذي يسمح لهم لماذا لايسمح لنا ؟ وماهي الاسس والشروط المطلوبة لتشكيل تلك القوة ؟ علينا معرفتها.
وسبب طمع الاغراب في اراضينا نابع من هذه النقطة لاننا اولا نعيش في العراق الذي اختلطت فيه كل موازين الحق عدا ميزان القوة الضاربة فالذي يستحوذ على القوة يلعب في الساحة السياسية حسبما يحلوا له . ونحن لانملك قوة دفاعية و نتشدق بالقانون والدستور في هذا البلد وأمام قوى كل ما تؤمن بها جبروتها وقوتها ، كالذي يحمل وردة بيضاء يدعوا للسلم تحت وابل الرصاص والقنابل باحثا عن السلام المفقود في غابة رحل عنها كل شيء جميل وبقيت فيها وحوش كاسرة . وما مناظر المذابح التى نراها في المناطق التركمانية الاّ نتيجة لعدم امتلاكنا لتلك القوة.
لذلك مهما حاول المعرقلون من اعاقة تكوين قوتنا علينا ان لانيأس و نحاول ونجاهد ونعمل بكل ماأوتينا من قوة من اجل تشكيل ذلك الجيش وهذا يقع على عاتق الكل وليس فقط مَن يمثلوننا في بغداد سواء نواب أو وزراء أو وكلاء وزارة أومدراء ولاننا اصلا نواة الجيش العراقي الباسل المُؤسس من قبل جعفر العسكري وخليل زكي باشا ونوري السعيد وغيرهم من الضباط الشرفاء.
و ان (الدهر يومان يوم لك ويوم عليك ) فالذي جعله علينا هذا اليوم ممكن بقدرته وبهمة الغيارى من ابناء هذا الشعب ان يجعله غدا لنا بإذنه تعالى وليس كل حال دائم ولابد لليل صبح يبدده. وان لانخشى احدا ابدا فالذي لا يكون مستعدا للخسارة سوف لن يحقق النصر.
يقول الكاتب المبدع فوزي توركر في مقالته (هل فكر اوزال بملاذ للتركمان):- ما على التركمان الان إلا أن يسرعوا ويعيدوا النظر في سياساتهم واستراتجياتهم في أسرع ما يمكن،وان يفكروا جليا فيما يجنبهم الاخطار المحدقة بهم، ويحقق لهم ما يصبون اليه من الحقوق والحريات-
في هذه المرحلة علينا الاعتماد على انفسنا ورص الصفوف ونبذ الخلافات والاستقلال التام في خطواتنا وقرارتنا المصيرية واثبات وجودنا على ارضنا ومطالبة الحكومة العراقية بتمويل الاحزاب التركمانية بدلا من الاعتماد على المصادر الاخرى لان الاستقلال المادى يفك كافة القيود المفروضة علينا قسراً والسعي لاعداد قادة شباب يستوعبون قضيتنا ويؤمنون بالديمقراطية ويقودوننا ان شاءالله الى مرفأ الامان.
اللهم نوّر درب قادتنا وشبابنا وكبارنا وشعبنا بأكمله للطريق القويم ويسّر امورنا ووحد صفوفنا وخفف همّنا واحفظنا عن كل سوء ومكروه وافرج الكرب عنا وعن المسلمين اجمعين .
|