عذراً "غينس" كربلاء سجلت المستحيل

 

في بقاع العالم المختلفة ممن تُثبت نفسها على خطى الرقي الاجتماعي والتطور، وكجزء من ثقافتها وحضارتها تقيم سباقات "المارثون" للمسافات الطويلة، هذه السباقات التي لا تتجاوز في أحسن أحوالها بضعت كيلومترات، يشارك بها مئات المتسابقين، لتختتم بتقديم جوائز مادية ومعنوية للفائزين، يواكب ذلك "المارثون" حملة إعلامية وإعلانية كبيرة تسلط الأضواء على أعمار وأجناس وأهداف المشاركين في هذا السباق، كجزء من الترويج والتشجيع للمساهمة فيه، إضافة الى محاولة إبرازه وإدخاله في موسوعات الأرقام القياسية، معتبريه أمراً كبير من حيث العدد والعدة والاستعداد.

إلا إن عيون الراصدين والإعلاميين ووسائلهم الإعلامية لا تحمل شيءً من الإنصاف والحكمة والعدل، بعد ان أغمضوا عيونهم صوب كربلاء الحسين "عليه السلام"، في هذه الأيام بعد أن امتلأت كل طرقها بالعاشقين، وهم يحثون الخطى نحو قبلة الحرية وجنة الله، ليسجلوا اكبر وأروع "مارثون" سنوي حسيني عرفته البشرية منذ بدأ الخليقة حتى ألان.

هذه الأيام الجميلة بكل ما تحمله هذه العبارة من معاني، ما تزال تحطم في كل لحظة أرقاماً قياسية، وتدخل موسوعات عالمية، بتجاوز المشاركين في "مارثونها" الملايين من مختلف الأجناس والقوميات وحتى الأديان فجميعهم وحدهم الحسين "عليه السلام".

أرض كربلاء الساحرة للمشاعر، ما تزال تجذب قلوب المؤمنين لتحتضنهم، كأنها أم رؤوم يسير لها صغيرها متعطشاً للثم أعتابها، مدركين رسالة من يرقد فيها وأبعاد قضيته التي ألهمت البشرية بمختلف مشاربهم.

أنه الحسين الذي لن يتكرر مرت أخرى، ولن يعرف التأريخ بعد جده وأبيه مثيلاً له، ما يزال وسيبقى وهج يخطف أبصار الناظرين، وما زال زحف عاشقيه يُعجز ألسنة وأقلام الكاتبين، فيما خدام زواره يسطرون أساطير لم تراها عين أو تسمع بها أذن، فبعد ان عجزوا عن الكلام والتعبير عن حبهم، تركوا أفعالهم ترسم لوحة لم ترى إلا في طريق كربلاء، لتُكمل صورة العشق والمحبة التي ابتدئها السائرون على هذا الدرب بخطواتهم التي تسابق الريح في طريق الجنة وصولاً لمرقد أبا الأحرار الحسين "عليه السلام".

عذراً ايها الكون فالحسين شيء فاق الوصف، ومجانينه يملؤون الدنيا فيما حقيقته باقية، و"مارثونه" مستمر، وكربلائه تتسع كل يوم لتحتوي سيل الجموع المليونية، أذاً فـ"غينس" كتابة أغلق صفحاته ذهولاً على معجزة المسير، وأنهى سجل أرقامه عند حدود الحسين "عليه السلام" فلن يستطيع شخصاً بعد سيد الشهداء ولن تكون هناك مدينة مثل كربلاء يحج لها السائرون بمثل هكذا أعداد.