نظام سانت ليكو وأكلة (المدفونة)

تعد (المدفونة) من الأكلات الشعبية العراقية المفضلة لدى المتذوقين للأكلات الطيبة وهي ما تسمى أيضا (شيخ محشي)، وهي عبارة عن خليط من اللحم المثروم وحبيبات الرز وقطع من البصل والفلفل الأخضر مع مطيبات حسب الطلب، وتحشر كل تلك المواد في قطع الباذنجان المحفور لتكون جاهزة للطبخ وبعدها للأكل هنيئا مريئا، ولكن السمعة والمديح والثناء يكون للباذنجان فقط و (تهمش) بقية المواد لأنها (حشو) وليست جزء رئيسي في العملية (المدفونية)!

في النظام الجديد الذي أقره البرلمان العراقي للانتخابات والمسمى نظام (سانت ليغو) أجد أن هناك تشابها كبيرا في عملية تحضير أكلة (شيخ محشي) وعملية تحضير المرشحين للانتخابات! فالأحزاب والكتل السياسية مطالبة بالوصول إلى رقم معين لفوز أحد المرشحين.

ولان العتبة والرقم عالي جدا ولا يستطيع مرشح الحزب أن يصل إليه لأسباب عديدة أهمها إن الناخبين أصابهم الملل والضجر من تكرار الأسماء نفسها مثلما يصاب الناس بالسأم والضجر من تكرار أكلة الباذنجان بطريقة (القلي) فيحورها إلى أكلة طيبة هي (المدفونة). لذا تقوم الأحزاب بتحوير مرشحيها (المكروهين) ب (حشو) عدد من المرشحين الآخرين الذين تقوم بالبحث عنهم في هذه الفترة التي تكون محمومة ومشحونة بالتجاذبات بين الكتل والأحزاب لان التغيير مطلوب من أجل تحسين صورة الحزب التي تشوهت بسبب أعضاءها الفاشلين، فيكون الطلب والبحث عن الكفء والنزيه وصاحب الشهادة العليا وشيخ العشيرة من أجل كسب الأصوات اللازمة للوصول إلى العتبة المقررة، فيحصل الكفء مثلا على (1000) صوت والنزيه (2000) وصاحب الشهادة (3000) وأما (شيخ العشيرة) فحتى لو حصل على (3001) فهو الفائز في الكتلة وهو الصاعد للبرلمان وهو المفضل لدى الجميع والأضواء ستسلط عليه، متناسين الأرقام التي حصل عليها باقي (طبخة) الكتلة السياسية حالهم حال (قطع اللحم والبصل والفلفل الأخضر وحبيبات الرز) في المدفونة وينتصر نظام سانت ليغو مرة أخرى للفاشلين وتهمل و (تهمش) الكفاءات والشهادات العليا لأنها ببساطة (حشو) وليست أصل فيكون (شيخ العشيرة) المدعوم من الحزب والماكنة الإعلامية وأبناء العشيرة مثل (شيخ محشي) المدعوم بالمطيبات ...

مع الاحترام للشيوخ الإجلاء.