العراق تايمز: كتب علي الطالقاني (الباحث في شؤون الارهاب)..
تنشط التنظيمات الارهابية في مناطق عدة من العالم، وتعتبر دول الخليج العربي وشمال افريقيا وأجزاء من آسيا والعراق وسوريا مسرحاً لعملياتها. ويركز تنظيم القاعدة في تكتيكاته وتعزيز تواجده في مناطق التماس بين العراق وسوريا تحديدا من أجل السيطرة واعلان "إمارته إلاسلامية". ويشهد العراق امتداداً للعنف الدائر في سوريا، حيث برزت مجموعات مسلحة مرتبطة بتنظيم "دولة العراق والشام الإسلامية"، وعلى الأغلب أن حراك تنظيم القاعدة في سوريا والعراق اندمج في صراع ممتد عبر الحدود مما أوجد غرفة عمليات مشتركة، وهو ما يضع العراق على حافة الانهيار الأمني. وقامت المجاميع المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة مؤخراً في العراق بالاستيلاء على بعض السجون وتهريب السجناء والسيطرة على مؤسسات حكومية ونقاط تفتيش واسواق في مدن الموصل وتكريت وصلاح الدين رغم ان سيطرتها كانت ساعات محدودة. ودأب تنظيم القاعدة وعبر فصيله "دولة العراق الإسلامية" على مدارا عشر سنوات العمل بطريقة متناسقة من أجل الحفاظ على ما حققته من مكاسب. وفي نيسان/أبريل 2013 بثت مواقع متشددة تسجيلا صوتيا منسوبا الى زعيم "دولة العراق الاسلامية" ابو بكر البغدادي أعلن فيه إنشاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. ويرى خبراء ان هناك ترابطاً قوياً بين التنظيمات المسلحة في سوريا والعراق وهذا يبدو واضحا من خلال التصريحات التي يدلي بها قادة التنظيم وكذلك العثور على وثائق يتم وجودها عندما تقول القوات الأمنية بالمداهمات لمواقع التنظيم فضلا عن الاعترافات التي يدلي بها بعض المعتقلين التابعين للقاعدة. وكشفت تقارير عن سيطرة التنظيمات الارهابية على مساحة مقدارها 40% من مساحة محافظة الانبار. فيما تعاني محافظات أخرى من خطورة هذه التنظيمات مثل محافظة صلاح الدين وديالى والموصل، ومناطق حزام بغداد. وتعدّ دولة العراق الاسلامية اللاعب الخطير في هذه المرحلة، حيث يهدف التنظيم الى خلق بيئة حاضنة من أجل سيطرته على أجزاء من العراق. حيث يحاول التنظيم بناء قدراته العسكرية مستغلا الأراضي الصحراوية والزراعية فضلا عن إثارة النزاعات الطائفية والتركيز على الاستقطاب التعبوي، مستغلا بذلك ضعف الاجهزة الأمنية وانعدام تواجدها في تلك المناطق، ولاشك ان تدهور علاقات البلد مع جيرانه من جهة ومع التكوينات الداخلية من جهة أخرى له دور كبير في زيادة معدلات العنف، غير أن العراق لازال يستقطب التنظيمات الراغبة بالاندماج بمسلحي تنظيم القاعدة. يقول الكاتب (مراد بطل الشيشاني) في كتابه " تنظيم القاعدة الرؤية الجيوسياسية والاستراتيجية" شكلت نسبة المقاتلين السعوديين النسبة الأعلى للمتطوعين العرب في العراق (53%)، ثم يليهم السوريون بنسبة 13%، والمفارقة أن "عدد العراقيين" هو الأقل 8%. بحسب الكاتب وتعدّ الأحداث التي تدور في سوريا العامل الأكبر الذي أثر وبشكل سلبي على العراق، وخلال العام الجاري انتقل المقاتلون من سوريا الى العراق والعكس صحيح، لأسباب أمنية ولوجستية. وهو الأمر الذي يشكل تهديداً حقيقياً للاستقرار السياسي في البلد. وفي هذا الصدد يقول كل من باراك بارفي (زميل باحث في "مؤسسة أمريكا الجديدة"). وهارون ي. زيلين (زميل ريتشارد بورو في معهد واشنطن). يُعتقد أن جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» تضم في صوفها ما بين 5000 إلى 6000 مقاتل. ويعني ذلك أنها أصغر بكثير من جماعات متمردة أخرى، مثل الجماعة السلفية المتشددة "الجبهة الإسلامية السورية"، التي تفخر بأنها تضم 15000 إلى 20000 مقاتل. بيد، تتمتع «الدولة الإسلامية في العراق والشام» بميزة واحدة هامة وهي: أن الكثير من أعضائها كانوا قد حاربوا سابقاً في عمليات جهادية أخرى، بما في ذلك في العراق وأفغانستان واليمن وليبيا. بحسب قولهما. بينما يرى مراقبون أنّ أعداد المسلحين الذين يقاتلون النظام في سوريا يتراوح ما بين 45,000 و 60,000 الف مقاتل. حيث تم الإعلان رسمياً في 22 تشرين الثاني/نوفمبر، عن توحيد عمل المجاميع المسلحة التي تضم سبعة مجموعات وهي: "الجبهة الإسلامية السورية"، و"الجبهة الإسلامية الكردية" و"جبهة تحرير سوريا الإسلامية" و "حركة أحرار الشام الإسلامية" و "لواء الحق" و "كتائب أنصار الشام". وبرغم الاعلان عن هذا التشكيل الذي لم تعرف هويته بشكل واضح إلا انه لم يصنف من قبل الدول الكبرى بأنه منظمة إرهابية على غرار "الدولة الإسلامية في العراق والشام و"جبهة النصرة". بيد ان بعض الدول الغربية والسعودية تعمل على دعم هذا التشكيل. ويرى خبراء مهتمّون بشؤون الارهاب ومنهم (أندرو ليبمان) وهو مستشار رفيع المستوى لشؤون مكافحة الإرهاب للرئيس باراك أوباما بأن أي تنبؤات عن سقوط القاعدة تبدو سابقة لأوانها وان المهمة لم تكتمل بعد، إذ لم تهزم القاعدة استراتيجياً. وسوف نكون قد أتممنا المهمة حين لا يكون لايديولوجية بن لادن الجهادية العالمية أي صدى على الإطلاق. وأعتقد أننا بعيدون كل البعد عن ذلك. حسب قوله لحظات تحول الحكومة العراقية من جهتها لم تستطيع إنهاء ملف القاعدة في العراق وتواجه اليوم لحظات تحول فارقة، وخصوصا مع قرب موعد اجراء الانتخابات النيابية لعام 2014، فما زالت الخلافات السياسية تعصف بالبلد، وان عملية بناء الدولة لم تكتمل على المستوى السياسي. الأحداث الراهنة أثبت عدم قدرة القادة العراقيين على إدارة الدولة بشكل عام، وقد توضح ذلك من خلال تعقيد حل الأزمات السياسية الأمر الذي سيذكره التاريخ على أنه مرحلة سيئة في تاريخ العراق. ما يهمنا هنا تصاعد العمليات الارهابية، فبرغم تصريحات كبار قادة العراق الذين تحدثوا في وقت سابق عن انحسار نشاط تنظيم القاعدة في العراق أدخلت أعمال العنف مؤخرا البلد مرحلة جديدة من الفصول الدامية، فقد قتل خلال العام الجاري أكثر من ثمانية الاف مواطن، فيما بلغ معدل الهجمات بوسطة السيارات المفخخة أكثر من 60 هجمة شهريا. ومع تسارع حدة النزاع في سوريا وعجز فهم القادة العراقيين لما يجري في منطقة الشرق الأوسط من وتطورات سياسية وتداعيات أمنية تفتقد الاجهزة الأمنية العراقية التطلع نحو: - فهم حجم العنف واستمرار تدفق المقاتلين العرب الى الاراضي العراقية. -أماكن تواجد التنظيمات الارهابية وتحديد الملاذات الآمنة لها. -ضعف الجانب الاستخباري، وهو الأمر الذي ينبغي ان تركز عليه الأجهزة الأمنية وبشدة. والتركيز على تكثيف التعاون في تبادل المعلومات المتعلقة بالإرهاب ومكافحته. -فهم آيديولوجية وفكر التنظيمات الارهابية. -الادارة والتمركز. - النظر إلى الاتفاقيات الدولية حول مكافحة الإرهاب، والالتزام بتنفيذ الخطط. - تعزيز قدرات الدولة واستخدامها على أفضل وجه في التصدي للعنف والتفاوض والوساطة وسيادة القانون وحفظ السلام. - مرحلة ما بعد تفكيك الخلايا. -تطوير استراتيجيات مكافحة الإرهاب، وتقديم الدعم لبرامج بناء القدرات. - تشجيع الحوار والتفاهم وحماية حقوق الإنسان. -انشاء مركز معلوماتي متطور يراقب الانترنت والاتصالات بعيدا عن التجسس على المواطنين. -الحد من تعدد مسميات الأجهزة الأمنية والتي تتدافع من أجل الصلاحيات دون فائدة. - تقوية الحكومات المحلية بمؤسساتها الأمنية وبناء علاقات قوية فيما بينها ودعم الانشطة للقوى الاجتماعية التي تعمل على مواجهة التنظيمات الارهابية. -إنشاء مجلس استشاري بمشاركة الحكومات المحلية على تقديم الدعم الكامل على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني. -تعيين خبراء قادرين على تنسيق العمل مابين الحكومة المركزية والحكومات المحلية في المجال الأمني بشكل واسع على غرار ما حدث من حملات أمنية في منطقة الجزيرة والبادية ومناطق أخرى من العراق، بما شكلت ضربات موجعة لهذه التنظيمات أودت بقتل واعتقال عدد كبيرة من قادة التنظيم، وحدت من حركته ونشاطه الى حد ما. - وضع آليات فعّالة للرقابة على الأجهزة الأمنية، بعيدا عن تدخل هذه الأجهزة في الحياة السياسية. -العمل تحت مظلة أمنية منظمة وغير مركزية. -ترسيخ الروح الوطنية القائمة على احترام القانون وحماية الفرد والمجتمع وتأمين الحقوق كاملة، على أن يكون المعيار الكفاءة والاحتراف. - السيطرة على حركة الأموال في المصارف. إن الخلافات بين القوى السياسية الشيعة والسنية والكردية قد تتصاعد مع مرور الزمن بسبب مبادرة القوى الإقليمية التي ترسم للصراع، ويعود التوتر الحاصل الى ارتباط الوضع في العراق بما يجري من صراع حول تحديد هوية الطرف الأقوى الذي يرأس المنطقة ويكون اللاعب الأقوى دوليا فيما بعد. وسياسيا فان عدم التوافق على إصلاح النظام السياسي أسهم بشكل كبير في ضعف الأجهزة الأمنية، ولذا لا زالت الحكومة العراقية عاجزة عن فهم ما يجري في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما سيهيء الفرصة لدخول المجاميع المتطرفة في اللعبة مما سيجعل الأحداث تتشابك وتتعقد إلى درجة يصعب معها التنبؤ بمستقبل الأحداث التي تعصف في العراق والمنطقة، والأخطر في ذلك كله أن الجميع استغل اسم الدين للترويج لشعاراته وخطاباته السياسة مستغلا التعاطف الشعبي العام الذي يبديه الناس في التعاطي مع هذه المسألة.
|