الفكر الاسلامي الراديكالي .. نشوء وانتشار..دراسة موجزة في الفكر الاسلامي المتطرف




الجزء الاول
يعتبر الفكر الاسلامي الصحيح فكر متكامل ومتماشي مع روح العصر في كل زمان 
ومكان لكونه صادر من الاله الكامل الذي لا يعتريه نقص, وكما قال العقلاء
كل ما يصدر عن الكامل فهو كامل ) , ولو امعنا النضر جيدا في هذا الفكر 
لوجدنا فيه احترام و تقديس حقوق الانسان وكرامته , ولوجدنا فيه احترام 
وحماية الحريات الخاصة للفرد ضمن الاطر الانسانية المعتبرة وبما يتماشى مع 
الذوق والاخلاق العامة على ان لا يتقاطع او يتعارض مع المصلحة العامة 
للمجتمع , وجاء هذا الفكر لبناء الانسان وبناء المجتمع ضمن اطر اخلاقية 
رصينة.
ولكن مر هذا الفكر بأدوار عديدة ومراحل من التاريخ سببت تراكمات ورواسب 
فكرية (متطرفة) منحرفة عن الفكر السليم , وانحرافه عن المبادئ الحقة والتي 
ارسل الله من اجلها رسله وانبيائه .
خلقت هذه الترسبات والتراكمات في الفكر الاسلامي تيارات متأسلمة متطرفة 
تفسر الدين حسب مقتضيات المصلحة السياسية والاقتصادية لملوك ورؤساء البلدان 
العربية وباختلاف الحقب الزمنية التي مر بها التاريخ الاسلامي , وتفسيرهم 
للدين حسب رغبات الجهة الداعمة لها والمحتضنة لهذا التيار او ذاك , وتسير 
في اتجاه اكثر تشددا وراديكالية .
اتخذت هذه الحركات الراديكالية المتاسلمة العنف منهجا للتغيير باتجاه اسلمة 
الدولة والمجتمع , ورفضها للمشاركة السياسية الشرعية , مما جعلها في موقع 
المواجهة الدائمة , وتكفيرها لكافة الملل والطوائف , فخلق منها اداة خطرة 
بيد الدول المستبدة والدول الاستعمارية والغربية والامريكية لإسقاط العديد 
من الدول العربية والاسلامية , وقتل الناس الابرياء بدون وجه حق وبدون اي 
جريرة , كما ان لهم ارتباط بالمواقف الاستعمارية والغربية من القضايا 
الكبرى للعالم العربي والاسلامي , كقضية فلسطين , والقتال الدائر في سوريا 
,
وعدم استقرار الحالة الامنية في العراق , ومصر , وليبيا , وافغانستان
واليمن , ولبنان .
واود ان اضع القارئ الكريم امام بعض من الافكار المتأسلمة المتطرفة , ولعل 
اهمها وأخطرها على الاسلام هو الاسلام السياسي المتطرف ولعله من اكثر 
الانواع تشددا وتطرفا بين المتاسلمين , والذي لا يكف عن محاولة الاطاحة 
بكافة انواع الاسلاميين الاكثر وسطية واعتدالا , ناهيك عن عدائه الغير قابل 
للانحسار بغير المسلمين .
اواخر السبعينيات , وبعد هزيمة الاتحاد السوفياتي في افغانستان , تمكن 
الجناح المتأسلم الاكثر تشددا من تصفية باقي الاجنحة الاسلامية الاكثر 
وسطية واعتدالا في افغانستان , و اصبحت بقبضة حركة طالبان والملا عمر .
وجائت هذه الحركة وليدة المدرسة الوهابية والتي اسسها محمد بن عبد الوهاب 
وقاضي الدرعية محمد بن سعود في عام 1744 ميلادي , وتعتبر هذه الحقبة الاولى 
لنشوء الفكر المتطرف , والذي يستبعد كافة مدارس الفقه الاسلامي , والذي 
اتسم بالتعطش للقتال وبشراسة , واستعداده للموت دون تردد لا لشيء سوى 
لمحاربة الوسطية والفكر الاسلامي الحضاري المتزن .
ولكن سرعان ما شهد العالم الاسلامي انبثاق فكر متأسلم جديد , اطلقوا عليه 
اسم (الاخوان) واتصف هذا الفكر بانه من اشد التيارات المتطرفة شراسة 
وعدوانية ضد المسلمين وغير المسلمين على حد سواء .
وتعتبر الدعوة الجهادية (حسب ادعائهم ) من اهم اهدافهم والتي تروم الى 
اسلمة المجتمع والدولة والعمل على ذلك من خلال الجهاد وبكافة اشكاله من اجل 
فرض تصوراتهم وافكارهم وسيطرتهم على العالم السياسي والاسلامي .
ومن الامور المهمة والتي تسببت بنشوء ظاهرة الاسلام السياسي والتطرف الديني 
,
لعلها جائت من ثلاثة اسباب رئيسية.
اولا : ظهور هذه الحركات الراديكالية المتطرفة بتخطيط ودعم من جهات اجنبية 
وبمساعدة دول عربية لغرض تمرير مخططات ومشاريع تصب في مصلحة هذه الدول
وتحقيق اهداف استراتيجية بعيدة المدى , وكما رواها بمذكراته مستر همفر وبين 
حقيقة التخطيط البريطاني والوصول الى شبه الجزيرة العربية ولقائه بمحمد بن 
عبد الوهاب وتأسيسهما للمذهب الوهابي بشرح مطول للمخطط الغربي .
ثانيا : ظهور هذه الحركات الراديكالية المتطرفة بسبب نمو الحركات الاسلامية 
وتفاقم الازمة المادية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات العربية بعد 
انهيار وفشل الانظمة الليبرالية والاشتراكية فيها .
ثالثا : ظهور هذه الحركات الراديكالية المتطرفة يعود الى اسباب ثقافية 
وبالتحديد الى البنية العقلية العربية البسيطة والساذجة لدى البعض مما ادى 
الى سيطرة الفكر السلفي الوهابي على تلك الشريحة من الناس .
وتعتبر هذه العوامل مجتمعة , ساعدت على نشوء مد اسلامي متطرف لا يعرف سوى 
مبدأ(الجهاد والتكفير) ضد كافة الاديان والطوائف والملل ولعلها اصبحت اشد 
وطئه من الاستعمار والامبريالية العالمية على الدول الاسلامية وعلى الفكر 
الاسلامي المعتدل , فاصبح هذا المد يكفر الكل ويستبيح حرمة ودم وعرض الكل 
وبدون استثناء .
وللحديث بقية