رثاء سالم... بقلم/ د. حنان المسعودي

 

 

 

 

 

 

 

 تناهى في الحي همس حزين....لقد استشهد سالم.............. بيتهم في اخر الشارع......تزوجت شقيقته قبل اسبوعين.............تكاثر اللغط.......مسكينة ام سالم....فهو ولدها الوحيد بعد اربع فتيات.......يقال بأنه كان ينوي دراسة الهندسة.......انهى للتو امتحاناته.........مسكينة ام سالم...................يقال بأن جثته اختلطت بركام العجلة المفخخة التي انفجرت في السوق القريب...........ما الذي اتى به الى السوق في هذا الوقت المبكر......قالوا بأنه احتاج الى كارت موبايل وحسب....... . . ...كارت بعشرة الاف دينار.......مصروفه الاسبوعي المتواضع.........ذلك الكارت افقده حياته................ تجمعت نسوة الحي امام دارهم......باكيات ..متساءلات......فضوليات..........كل ما كان يشغلهن.......رؤية الوالدة الثكلى...........هل ستبقى على قيد الحياة........تساءلن بجزع................... جلسن بشكل حلقة سوداء حول الوالدة....الصامته بذهول ممتزج بالخوف.......ولكأنها تنتظر ان تستيقظ من كابوس مفجع........الآن سأصحو............سترن الساعة........او ستنقطع الكهرباء الوطنية وسأصحو.......لأعد الفطور لسالم...فلم يبق في البيت معي سواه............ قالت عجوز....متشحة بالسواد...وهي تلعق طقم اسنانها..........انه شهيد يا اختي......في جنات الخلد........... اعقبت جارة.....كانت مصرة على ارتداء اللون الابيض...... هنيئا لك يا ام سالم.........ستلتقينه في الجنه.....ابنك شهيد........... تنحنحت سيدة بدينة.....تواجه صعوبة في الجلوس على الأرض......الله...ما اسعدك ياسالم....ليتنا كنا معك ايها .الشهيد........رنت تلك الكلمات في المنزل البارد..شهيد...شهيد.....نهضت الأم واقفة...تتبعها نظرات النسوة بحيرة....دارت بينهن متسائلة.......لقد جنت ام سالم....تعالى الهمس......... ولدي.....شهيد........فداءا لمن..  ودفاعا عمن......فداءا لسياسة مشبوهة ام دفاعا عن عاهرات في بيوتها مستترة.............سألاقيه في الجنة ......ولكن لماذا ذهب الى الجنة وتركني...اليس هذا عقوق منه...وهو يعلم بأنه وحيدي................. تصاعد اللغط من حولها...استغفر الله.....انه شهيد مخلد...... صرخت الوالدة........هل مات دفاعا عني او عن شرف شقيقاته......انه مات وحسب.........مات خائفا متسائلا عن ذنبه........لا اريده هناك.....لا ارغب في ان ينتظرني على باب الجنان......جنتي كانت هنا في الارض معه......لا اريده شهيدا....اريده حيا......فقط..... كم فيك ياوطني من سالم.....اسمته امه سالما ليسلم من الأذى.....فسلم من الحصبة ومن التدرن....ولكنه لم يسلم من خسة سياسينا ونذالتهم......فتهشم ورحل.........قربانا بشريا لجنون الكراسي وامجاد النفط.....