التظاهر السلمي وحكومة الامن الخشن |
إن التظاهر السلمي نوع من أنواع الحريات و هي حرية التعبير عن الرأي التي نص عليها الإعلان الدولي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين بل التظاهر السلمي هو حق مشروع ،إن من يمنع التظاهرات هو منتهك لحق من حقوق الإنسان و نوع من أنواع الظلم و التعسف و القمع و الاستبداد يجب محاسبته وفق القانون ليس لأي احد السلطة لاتخاذ أمراو قرار بمنع التظاهر السلمي مهما كانت صفته
وجاء في الباب الثاني من الدستور العراقي الدائم باب ( الحقوق والحريات ) في المادة ( 15 ) منه ( لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية ,ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق إلا وفقا للقانون ,وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة قد كفل الدستور وفي باب الحريات جاء في المادة ( 37 ) ومادته 38 ثالثا حق الاجتماع و التظاهر و هو نوع من أنواع الحريات التي نصت عليه الاتفاقيات و الأعراف والمعايير الأخرى . لذا ليس من حق أي جهة أن تمنع الجماهير و المنظمات من الاحتجاج و التظاهر السلمي . و إن منعها و التدخل بها أو تهديد من يقودها أومن ينظمها يعد انتهاكا لحقوق الإنسان و انتهاكا لكل الاتفاقيات, ان هذه الاحتجاجات او المظاهرات السلمية معترف بها في الدساتير الديموقراطية ومنها الدستورالعراقي
إن العنف الذي تمارسه أجهزة الأمن بمختلف مجالاتها يدخل ضمن ما أسميه «إرهاب الدولة»، فالدولة تمارس الإرهاب المادي والمعنوي من خلال أجهزتها الأمنية على المظاهرات السلمية، وفي هذا الإطار يمكن تفسير الإرهاب الذي تمارسه الأجهزة الأمنية من ناحيتين السيكولوجية والسوسيولوجية
فالعنف الذي تمارسه أجهزة الأمن تجاه المظاهرات السلمية في العراق لا يأخذ أي شرعية اجتماعية وسياسية وقانونية، فهو سلوك إجرامي يعاقب عليه القانون ضمن جريمة الضرب والجرح، ولا يحق لأجهزة الأمن أن تمارس هذه الجريمة التي هي نفسها كأجهزة وجدت من أجل معاقبة من يمارسها من المواطنين في حق مواطنين آخرين. إن ما تمارسه أجهزة الأمن من عنف على المظاهرات السلمية يدخل ضمن «إرهاب الدولة» كما قلت سابقا
أما التفسير السوسيولوجي لإرهاب أجهزة الأمن هو ممارسة الإلغاء والإقصاء، نتيجة وجود توتر يفتعله بعض عناصر أجهزة الأمن يكون نتيجة اصطدام بين رغبة أجهزة الأمن في الهيمنة والسيطرة والسيادة وبين رغبة المتظاهرين في التعبير عن مطالبهم بأشكال سلمية،.
ما هي أشكال إرهاب الدولة في المظاهرات السلمية ؟
تمارس الحكومه من خلال أجهزتها الأمنية شكلين من الإرهاب هناك ما أسميه الإرهاب المازوشي والإرهاب السادي. فالإرهاب المازوشي الذي تمارسه أجهزة الأمن موجه إلى الذات الجماعية التي ينتمون إليها إما كمواطنين عراقيين لهم المطالب نفسها التي تسعى أجهزة الأمن إلى قمعها بالعنف، وفيه تتلذذ الذات بتعذيب نفسها
أما الإرهاب السادي الذي تمارسه أجهزة الأمن فموجه إلى المتظاهرين كذات فردية أو ذات جماعية مخالفة لأجهزة الأمن، فتتلذذ بممارسة العنف تجاهها. وضمن أشكال الإرهاب الذي تمارسه أجهزة الأمن هناك الإرهاب المادي، وهو الذي يمارس فيه الجسد ضربا أو جرحا أو قتلا على الجسد الآخر، وهناك أيضا الإرهاب المعنوي وهو الذي يتمثل في ممارسة العنف على نفسية الآخر إما بالسب والشتم والقذف أو الاحتقار أو الإذلال أو العنصرية والإقصاء والتهميش
إن سيرورة التاريخ تؤكد أن المجتمع العراقي مر كباقي المجتمعات البشرية بالأنواع نفسها من الإرهاب التي ذكرتها سابقا، والذي كان يأخذ هويات متعددة، لكن سنجد أن الحكومة تمارس مجموعة من أشكال الإرهاب، مثل الإرهاب السياسي الذي مورس في الحقبة الماضية ويتجسد في الاعتقالات والتلاعب بالانتخابات وضرب الحصار على مجموعة من القوى الحية في البلاد بهدف الإقصاء أو تصفية حسابات، والإرهاب الاقتصادي وهو عدم محاسبة المفسدين الذين ينهبون أموال الشعب والفقر التي يعيشه المواطن، والإرهاب العقائدي والفكري ويشمل تهمة الارهاب واثارة النعرات الطائفية تجاه الأشخاص أو تجاه وسائل الإعلام لخصومهم، والإرهاب الصامت وغير المباشر ويشمل العنصرية والكراهية والمقاطعة ورفض الحوار مع الغير والتشويش والتشكيك وهدم شرعية الآخر بمختلف الأساليب غير المباشرة وغير الصريحة
ان الحكومة التي لا تتقن سوى لغة العصا فهي فاشلة والتي لم تغادر اساليب وصم الفئة المتنورة من المجتمع، بتهم وأوصاف من قبيل الارهابيين وازلام النظام السابق والمدفوعين وخدام الأجندات الخارجية اصبحت ممله ومزعجه (اسطوانه مشروخه) ،في حقيقتها مطالب المتظاهرين التنديد بالسياسات الرسمية المتبعة التي زادت التفقير والتهميش، مقابل الإمعان في تبذير المال العام في مشاريع وهمية وبعيدة كل البعد عن متطلبات الشعب الآنية المتمثلة في العيش الحر والكريم وغياب العداله وصعود الفاشلين للقمة هي احدى الاسباب التي تدفع العراقي للتظاهر والاعتصام
عمان
|