العراق تايمز: كتب المهندس عامر عبد الجبار اسماعيل " وزير النقل السابق" ..
لابد لكل خبير ومطلع على الوضع السياسي في العراق خلال السنين المنصرمة من عمر العملية السياسية أن يبحث وبإخلاص عن الوسائل الناجعة التي من شأنها تقويم العملية السياسية في العراق بجهازيها التشريعي والتنفيذي بما يخدم المجتمع ويرقى به الى ما يطمح اليه من تقدم واضطراد في مجالات الحياة المختلفة ومن أجل الولوج في الوضع الحالي واستخلاص الوسائل التي نبحث عنها فلا بد اولا من معالجة المفاهيم والمبادئ والأسس الخاطئة الي بنيت عليها العملية السياسية منذ عام 2003 فأتعبت المواطن واثقلت كاهله والتي نستطيع تلخيصها بالآتي :
1. المحاصصة : لقد اصبح لهذا المبدأ الذي أضحى واقعا مفروضا على العملية السياسية في العراق خلال السنين العشر من عمر العهد الجديد تعريفان لدى القوى السياسية المشاركة و وفق معطيات تلك المرحلة يبرز الاول منهما بعد عملية الانتخابات النيابية مباشرة وبعنوان (( المحاصصة حق مكتسب )) حيث يجري بموجب هذا المبدأ توزيع المناصب واقتسام الكعكة التي تمت العملية الانتخابية من أجلها وما أن تنتهي عملية استلام المناصب والجلوس في مقاعدها يبرز التعريف الثاني للمحاصصة وتبدأ التصريحات النارية بلعن المحاصصة وبعنوان مغاير تماما لعنوان التعريف الاول وكما يلي((المحاصصة نظام مقيت يمثل السبب الاساسي لمشاكلنا واخفاقاتنا لابد من التخلص منها واعتماد مبدأ التكنوقراط واختيار العناصر الكفوءة)) وأن اول من يصرح بذلك وينادي به هي الاحزاب نفسها التي طالبت باعتماد المحاصصة كحق مكتسب تقسم بموجبه حصص المناصب اذ تبقى تجتر بذلك طيلة اربع سنوات قادمة بعد الانتخابات من الاستهلاك الاعلامي ووفق مبدأ (كلمة حق يراد بها باطل) و لحين حلول موعد الانتخابات القادمة حيث يظهر التعريف الاول والمحبب الى قلوبهم من جديد, وقد اصبحت هذه الاسطوانة المشروخة لدى الشارع العراقي أشبه ما تكون بقصة (صراخ الراعي المتكرر لأهل القرية منبها من خطر الذئب الوهمي) وعليه فادعوا جميع الكتل السياسية الراغبة بالمشاركة في الانتخابات القادمة بان يشركوا التكنوقراط معهم في ادارة الدولة على ان تكون المحاصصة محدودة في المناصب الوزارية حصرا دون المناصب التنفيذية الاربعة " وكيل الوزير والمحافظ والمستشار والمدير العام " وتخصص هذه المناصب حصرا لأهل الخبرة والكفاءة من خارج الاحزاب
2. هيكلة ادارة الدولة: ما زال النظام الاداري القديم والمشفوع بالروتين القاتل اضافة الى ممارسة الرعب المفرط من قبل الجهات الرقابية البشرية للموظف وتدخلات بعض الاحزاب السياسية في شؤون مؤسسات الدولة سلبا .
وعليه اقترح الاسراع بتطبيق النظام الاداري الالكتروني حيث ان هذا النظام بحد ذاته أحد السبل الكفيلة بمعالجة الفساد ومكافحته وكذلك اعتماد نظام الجدول الزمني لإنجاز المهام ومحاسبة المقصر وفقا لسلسة المراجع الكترونيا نظرا لتعدد الجهات الرقابية البشرية وبلوغها حد الافراط وانعكاسها سلبا على كفاءة الاداء اضافة الى التضخم الاداري والكلف التشغيلية الباهظة المخصصة لها والتي تكاد تكون اكثر من انتاجها في مكافحة الفساد وعرقلة انجاز المشاريع وبذلك نرى ان يتم الحاق هيئة النزاهة بوزارة الداخلية باعتبارها جهة ذات مهام تحقيقية تتعلق بإجراءات القضاء وكذلك الحاق مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات بديوان الرقابة المالية لعلاقة عمل هذه المكاتب بإجراءات الرقابة المالية ودورها مع مراعاة تعديل التشريعات المتعلقة بذلك
3. البرنامج الانتخابي الاقتصادي للكتل السياسية: وهو ان على الناخب العراقي ان يستفسر باستمرار عن نسب الانجاز التي حققتها الكتل الفائزة بالنسبة لمبادئ برامجها المعلنة اضافة الى السؤال دائما عن ما انجز من برنامجها ليتسنى للناخب معرفة الرشح الاجدر و المناسب و على هذا فعلى الكتل السياسية اعداد برامج اقتصادية تهتم بالقطاعات غير النفطية المهملة مثل القطاع الصناعي والزراعي والسياحي ولا سيما الخاص منها حيث لوحظ تغييب القطاع الخاص الاصيل بعد عام 2003 وعدم الاعتماد على القطاع الخاص (الحديث الولادة) الذي لا يمتلك الخبرة الكافية لتطوير هذا القطاع حيث ان دعم القطاع الخاص الحديث التشكيل أدى الى بروز رجال اعمال وشركات خاصة غير مؤهلة للتطير والنهوض باقتصاد البلد علما ان اغلب هذه الشركات مرتبطة ومدعومة من جهات حزبية رغم كونها عديمة الخبرة ومتلكئة لكنها حصلت على عقود كبيرة بل خيالية!! وبالحقيقة ان هذه الشركات تعتبر واجهة غير مباشرة لتلك الجهات السياسية الداعمة لها كما ان رجال الاعمال المدعومين سياسيا من قبل بعض الاحزاب يطلق عليهم "رجال اعمال احزاب السلطة" حيث يقومون بتقديم الدعم والتمويل للأحزاب تحت عنوان "تبرعات"!! ولاسيما خلال فترة الانتخابات
وعليه ندعو الى دعم القطاع الصناعي والزراعي العام والخاص(الاصيل) وقد سبق ان قدمنا دراسة تعهدنا فيها توفير اكثر من مائة الف فرصة عمل دون تعيينات حكومية لإحياء ودعم الصناعة والزراعة الوطنية اضافة الى السياحة والناقل الوطني وتفعيل نظام التشغيل المشترك بين القطاع العام والخاص وفقا للمادة 15 من قانون الشركات 22 لسنة 1997 علما باننا خلال (2009_2010) وخلال وجودنا على رأس وزارة النقل تمكنا بهذا النظام من تحويل اغلب شركات وزارة النقل من خاسرة الى رابحة ...
ان ما بيناه من اشكالات تتعلق بالعملية السياسية كان سببا لعزوف الناخب العراقي عن المشاركة في العملية الانتخابية وبعملية حسابية بسيطة نجد ان نسبة المشاركة في الانتخابات بعد عام 2003 مباشرة كانت 75% الا ان هذه النسبة قد انخفضت الى 46% ومن بينها حوالي 13% استمارات مشطوبة كتبت عليها شعارات مخجلة ضد الاحزاب المشاركة وبذلك فان نتيجة المشاركة الفعلية تكاد تصل الى 33% وثلثها كانت للأحزاب الصغيرة والجديدة فهذا يعني بأن شعبية الاحزاب الكبيرة والمشاركة في الحكومة لا تتجاوز 20% والمواطن عبر عن غضبه واستيائه منها بالعزوف عن المشاركة ولكن ذلك خدم مصالح هذه الاحزاب وعادت الى دفة الحكم مرة اخرى ولو بنسبة متفاوتة وعليه فاني اوجه نصيحتي للناخب واقول له " لا تترجم رفضك للأحزاب المشاركة في المرحلة السابقة بعزوفك عن الانتخابات بل شارك وانتخب غيرهم من اهل النزاهة والخبرة وان كانوا من كيانات جديدة او صغيرة فالقانون الانتخابي المعدل لا يحل دون وصولهم الى قبة البرلمان لتمثيلك خير تمثيل"
كما اوجه نصيحتي للأحزاب الكبيرة المشاركة في العملية السياسية واقول بأن تجربتكم السابقة لم تحقق برامجكم الانتخابية وطموح المواطنين والسبب هو لقلة خبرة ممثليكم في ادارة المناصب التنفيذية مما زاد من حجم الفساد من حيث تشعرون او لا تشعرون لان المسؤول غير الكفوء وان كان نزيها فالفساد يسري من تحت قلمه من حيث لا يشعر فما حسبك اذا كان غير كفوء وفاسد!!
وعليه اقترح عليكم تأسيس هيئة تنفيذية اضافة الى الهيئة السياسية فأعضاء الهيئة السياسية يشاركون في الانتخابات والفائز منهم يحتفظ بمقعده في مجلس النواب عدا المرشح لرئاسة الحكومة واما الهيئة التنفيذية فتضم اهل الخبرة والكفاءة ولا علاقة لهم بالفكر السياسي والتنظيمي لأحزابكم ولا احد ينكر بأن هنالك الكثير من المواطنين يتجنبون من العمل الحزبي وبذلك يكون الحزب قد ضمن له انصار جدد من غير اعضاء حزبه اضافة الى الاستفادة من خبرتهم في ادارة المناصب التنفيذية المخصصة للحزب ضمن المحاصصة فان نجحوا فينعكس ذلك ايجابا على الحزب وان فشلوا فلا مانع من استبدالهم باخرين من الهيئة التنفيذية وبذلك يمكن تحفيز عامل التنافس بينهم لتقديم افضل الانجازات اضافة الى ضمان الحزب من كسب اصواتهم وعوائلهم وانصارهم ولا بد من اعداد برنامج تدريبي مستديم للتدريب والتطوير في قدراتهم ضمن استراتيجيات القيادة والكفاءة
وختاما انوه باني لست مرشحا للانتخابات للعلم لطفا
|