هل إرهاب منطقة الشرق الأوسط طائفي أم إرهاب مبرمج

 

 

 




 

العراق تايمز: كتب وداد عبد الزهرة فاخر..

تأويلات قبل نهاية المطاف:

لعبة الكيانات الدينية العنصرية المصطنعة لعبة تاريخية تجيدها بامتياز المخابرات البريطانية على مر التاريخ ، وقد هيأت لتأسيس الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة بتأسيس كيان ديني عنصري في جزيرة العرب بعد استقدام اللاجيء في مشيخة الكويت المدعو عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود (15 يناير 1876 - 9 نوفمبر 1953)، المولود في الرياض لأسرة آل سعود التي يعود نسبها ليهودي مهاجر من سالونيك لارض العرب حكم مشيخة الدرعية لفترة من الزمن وأسس وشخص آخر يرجع نسبه ايضا ليهودي اسمه محمد بن عبد الوهاب المذهب الوهابي باتفاق ثنائي ووفق ترتيبات مخابرات خارجية لتكون السلطة في جزيرة العرب مناصفة بين الاثنين محمد بن سعود سلطة الدولة ومحمد عبد الوهاب السلطة الدينية ، وهكذا تحولت المشيخة لدولة . ولما قضي الأمير محمد بن عبد الله الرشيد على ما سمي بـ " الدولة السعودية الثانية " كان عبد العزيز يبلغ العاشرة من عمره فهرب ووالده مع عائلته إلى الكويت بعد انتصار آل رشيد أمراء حائل على آل سعود، وقضى طفولته هناك ، لذلك كان ضمن رد الجميل لحكام مشيخة الكويت بعد احتلال القوات الصدامية للكويت في 2 آب / أغسطس 1990 أن احتضنت السعودية ادارات المشيخة بكاملها في مدينة الطائف حيث كان مقر حكام مشيخة الكويت طوال فترة الاحتلال الصدامي لها . وعندما بدات المخابرات البريطانية بالتفكير باعادة تشكيل دول المنطقة من جديد امرت عبد العزيز بالتحرك نحو الصحراء بخطط وبمساعدات من ضباط بريطانيين لاعادة حكم عائلته حيث احتل ونفر من البدو الرياض العام 1901 ، وهكذا بدأ بتشكيل الكيان الديني العنصري السعودي تمهيدا لاقامة كيان اخر في فلسطين المحتلة وبوعد وكتاب خطي من عبد العزيز بن سعود بالمساعدة والموافقة على تشكيل الكيان العنصري الاخر في فلسطين المحتلة .

وما تريده الآن المخابرات العالمية التي تتزعمها امريكا هو اعادة صياغة حدود ومساحات الدول السابقة بعدد جديد من دول على شكل محميات كل منها تحمل طابعا قوميا او دينيا ، او مذهبيا وفق الخطة الاستعمارية الجديدة وضمن حرب الوكالة الجديدة . وكانت بداية هذه الخطة تأسيس حركة طالبان في افغانستان بواسطة وكالة المخابرات الامريكية CIA ، ومن ثم تأسيس منظمة القاعدة باموال ودعم عربي خليجي ، وخبرات عسكرية امريكية . واختلقت المخابرات العالمية قبل سنين معدودة بدعة ما سمي حينها بـ " الربيع العربي " ، او كما هو معروف بـ " نظرية الفوضى الخلاقة " لتخريب الكيانات العربية وتمزيقها ، وتهديم بناها التحتية بواسطة عملائها من رجال القاعدة التي تكفلت بتدريبهم وتجهيزهم وعملية تنقلاتهم في ارجاء المعمورة .

 

قاعدة أم قاعدات ؟ :

من يقود كل هذا الهرج والمرج والقتل والتخريب في المنطقة العربية ؟ ، هل هي فعلا هذه المجاميع الارهابية الجاهلة بمفردات الف باء السياسة والتنظيم العسكري والدعم اللوجستي؟ . الجواب هو بلا قاطعة كون معظم من جندوا للانخراط في المجاميع الارهابية التي اتخذت اخيرا مسميات مختلفة ، لا يربطها رابط احيانا كثيرة ولكنها وفق نظرية الارهاب المبرمج تشدها خيوط غير مرئية بالمنظمة الام وهي ادارة المخابرات المركزية CIA التي خلقت قاعدات عدة وليست قاعدة أم واحدة كل حسب ما هو موجود على ارض الواقع بتلك الدولة . لذا تراها تحارب الدولة التونسية والشعب التونسي باسم وتفصيل معين ، بينما يتغير العنوان داخل الجزائر او مالي . ويأتي التقاطع والغرابة عندما تدعم مخابرات دول قاعدة في مكان وتحاربها في مكان آخر . فالإخوان المسلمون الذين يمثلون الأم التي ولدت منها القاعدة في مصر بالذات عندما انشقت منظمة التكفير والهجرة عن المنظمة الأم وأصبح العديد من قادتها قادة ومنظروا المنظمة الجديدة القاعدة التي شكلتها امريكا في افغانستان وبشهادة وزيرة الخارجية الامريكية السابقة " هيلاري كلنتون " . بينما يقف نظام " داعش والحجاز " السعودي ضدهم في مصر ، ويساند نظام " داعش والحجاز " السعودي بالمال والسلاح والعتاد القاعدة في سوريا . كذلك تفعل المخابرات الفرنسية التي تحارب منظمة القاعدة وتصنفها ضمن المنظمات الارهابية في مالي بينما تقف معها في سوريا . وسبق وان احتضنت معتقلات الاحتلال الامريكي في العراق صنوف متعددة من الارهابيين من بعثيين واسلامويين وخارجين عن القانون في العراق ليخرجوا من تلك المعتقلات رجال منظمين ومدربين على " المقاومة " ، ومثل على ذلك الكثير من الارهابيين وقادتهم في العراق والمنطقة ، واحد ابرز أولئك الارهابيين زعيم منظمة " داعش " الارهابية " ابراهيم عواد ابراهيم السامرائي " ، أو "ابو دعاء" كما يكني نفسه او " أبو بكر البغدادي " كما يسميه اتباعه ، الذي تخرج من سجن بوكا في العراق . فهو رغم اغفال الاعلام عن ماضيه السياسي واعتبار اعتقاله هو الذي فجر " مقاومتة " لكن الجميع اغفل ماضيه المخابراتي كونه احد خريجي الجامعة الاسلامية زمن النظام الفاشي العفلقي يوم رفع صدام شعار " الحملة الايمانية " التي زج فيها معظم رجال مخابراتة وازلامه كون النظام كان لا يسمح بدخول ابرز مؤسساته لأي كان من غير البعثيين المتقدمين حزبيا او من ادوات البعث وازلامه . واظهر كل عدم الترابط بين جميع اشكال التنظيمات الارهابية والتناحر والتقاتل فيما بين التنظيمات الارهابية غياب الراس للقاعدة .

 

كيف تشكلت القاعدة ؟:

بالعودة لتنامي " الخطر الشيوعي " كما كانت تدعي أمريكا انذاك ضد التوجه الاممي للاتحاد السوفياتي السابق ، عندما كانت أمريكا تحذر من إقتراب " الخطر الاحمر " فقد توجب ان يكون هناك " خطر اخضر " ، وتردد شعار إدارة المخابرات الامريكية " المسلمون قادمون " ( Muslims are caming ) ، وبذا تم تشكيل نواة القاعدة في افغانستان ، أو ( The Base ) التي كانت اكثر تقاربا للثقافة الأمنية الأمريكية . وقد انشأ تشكيلاتها العسكرية عقيد صاعقة مصري اسمه سيد موسى وعبد العزيز أبو سنه الملقب بـ " أبو بنجه " ، أما المنظر الفكري للقاعدة فكان " سيد إمام " الذي فكر بانشاء تنظير فكري للقاعدة فالف كتاب ضم افكاره سماه " الجامع " . وكان الممول الرئيسي لها هيئة الاغاثة الاسلامية السعودية ، وانيطت قيادتها لعبد الله عزام ، وكان أيمن الظواهري وقتها يعيش في السعودية . لكن البيعة تمت من بعد ذلك لبن لادن بعد ان امتنع عبد الله عزام عن تمويل المنظمة بحجة ان السعودية لم تعد تموله ، واصبح هو الممول المالي للقاعدة لان المخابرات في العالم هي التي تسيطر على الحركات المسلحة وتخلق من بينها ممول للحركة . ولكون الحركة تضم فكرين متناقضين وهما الفكر الصوفي الذي يتبعه الافغان ، والفكر الوهابي الذي يتبعه العرب ، فقد كلف مدير المخابرات السعودية تركي الفيصل اسامة بن لادن بمتابعة وتنظيم الافغان داخل الحركة . ومن بعد ذلك ارتفع تمويل المنظمة اضعافا مضاعفة من قبل جمعيات الاغاثة والزكاة وغيرها .

 

هل هناك تنظيم مركزي اسمه القاعدة الآن ؟:

كما ذكرنا في الجزء السابق من هذه الدراسة " وتؤكد عملية فقدان الرأس المدبر للقاعدة ما حصل من تمرد من قبل أبو محمد الجولاني قائد جبهة النصرة في سوريا على أمر صادر بضم جبهة النصرة لما يسمى بـ " دولة العراق والشام الإسلامية " من ضابط المخابرات العراقي السابق وخريج الجامعة الإسلامية في بغداد وهي نتاج " الحملة الايمانية " الصدامية المدعو " إبراهيم عواد ابراهيم السامرائي " ، والمكنى بأبي دعاء ، او " أبو بكر البغدادي " كما يسمي نفسه . هذا الرفض القاطع والتمرد الصريح يظهر بكل وضوح غياب الرأس القائد للقاعدة ، والتي تشظت لجماعات ومنظمات محلية تؤسس من قبل أفراد من بقايا المقاتلين في بؤر ملتهبة سابقة كأفغانستان والشيشان والبوسنه والهرسك ، ومن تدرب وقاتل في العراق ، وكل من تسمى بـ " قائد اسلامي " من باعة الفول والحمص والطعمية ، وشقاوات الحارات وكل حثالات البروليتاريا الرثه ، الذين يكونون دائما السبب الرئيسي لفشل وسقوط الثورات الشعبية الحقيقية . وقتلة ولصوص وأصحاب الماضي المهين الذين باعوا مصانع حلب لتركيا وقبضوا ثمنها ، بينما قياداتهم تعيش بذخ العيش في اسطنبول وباريس والدوحة والرياض وبقية عواصم العالم ." .

لهذا لاحظنا ما حدث من تشكيلات ارهابية في العراق بمحافظات يسيطر عليها من تبقى من اعوان الفاشست الصداميين ، حيث تشكلت قيادات ميدانية لتلك التشكيلات تتصرف كما منظمة القاعدة الام ، وجرى تنسيق مع قاعدة " داعش " ، واصبحت جزءا منها وملاذا لايواء قادتها ، ومركزا لانطلاق الارهابيين المجندين للقيام بعمليات ارهابية في مدن العراق كافة ، وقد دل على ذلك الاعترافات التي ادلى بها ارهابيون تم القاء القبض عليهم : http://www.alsaymar.org/all%20news/28122012akh2743.htm

 

رأي ختامي :

من المؤكد ان العمل السياسي نحو ارساء دعائم الديمقراطية يجب ان يكون بالتوازي مع خطط اقتصادية مستقبلية ، والعمل على توفير فرص عمل للمواطنين وخاصة الشباب منهم بغية قطع الطرق على الارهاب الذي يستغل عوامل الفقر والبطالة ، واحتكار السلطة لكسب الشباب الى جانبه ، باغراءات مادية بالدرجة الاولى او من خلال التحريض الطائفي الذي استغله البعض والسبب الاول والاخير هو السلوك اللا سوي من قبل معظم حكومات المنطقة ونقصد هنا مناطقنا العربية التي تمارس ادوارا عنصرية طائفية في معظم حالاتها .

لكن مع كل هذا فالسبب المادي ليس هو العامل الاساسي في جذب الشباب الى جانب قوى الارهاب وتنظيماته ، فهناك ايضا انتشار الثقافة المذهبية ، وترسيخ مبدأ ونظرة اقصاء الاخر وتكفيره من قبل رجال دين مسيسين كما هيئات علماء المسلمين التي تنتشر في بلداننا العربية والاسلامية ، والتي انبثقت من جماعات الاخوان المسلمين . كذلك الهيئات الاسلامية الرسمية في دول تحمل فكرا اقصائيا تكفيريا وتبشر به وتروجه كـ " دولة داعش والحجاز " السعودية وقطر ومعظم محميات الخليج الامريكية . لذلك نرى التحاق اعدادا كبيرة من الشباب التكفيري القادمين من دول اللجوء الغربي بحجة ما سمي من قبل " وعاظ السلاطين " ، كالقرضاوي ومن يسمون بعلماء " دولة داعش والحجاز " أو السعودية كما تسمي نفسها " الجهاد " .

لذلك فالعامل الاقتصادي ليس هو العامل الرئيسي والوحيد لكنه عامل مهم ومؤثر في سبيل تعزيز قدرات الشباب واستقرارهم ، وتركيز تفكيرهم في بناء أسرهم وتعليم ابنائهم بعيدا عن العنف والقتل والتخريب التي تنعكس نتائجها على اسرهم التي تشرد بعد قتلهم او سجنهم .

لذا يتوجب على الحكومات ووزارات تربيتها وتعليمها تنقية الكتب الدراسية ووسائل الايضاح والتعليم من سيل التحريف والكذب ، وتشويه مبرمج للتاريخ ، وابراز شخوص ارهابية بمسوح الرهبان ، ونشر ثقافة الكره واقصاء الاخر ، بديلا عن ثقافة الحب والمودة ، واذكاء روح المنافسة العلمية بين الطلبة ، وتشجيعهم على الابداع العلمي والفني والرياضي ، لا التغني بفتوحات الاجداد ، وماضيهم المخزي في الغزو والحروب ، وسبي الجواري والاماء .

بالأخير يتم التاكيد على ان ارهاب منطقة الشرق الاوسط ، والمنطقة العربية برمتها ، هو ارهاب طائفي بحت يتخذ من التمييز الطائفي وتكفير الآخر ، والعمل على اقصاءه او تصفيتة بحجة الكفر منهجا له . لكن دخلت على خط الارهاب قوى وجماعات سنية عديدة ساهمت بشكل كبير بتوجيه الاتهام للطائفة السنية بتبني الارهاب والعنف الطائفي من خلال هيكلية التنظيمات الارهابية التي تتخذ كل منها القاعدة اسما لها ، ويشكل كل قادتها شخوص سنية وخاصة قياداتها العليا والميدانية ( بن لادن والظواهري والزرقاوي وابو بكر البغدادي وابو محمد الجولاني وغيرهم ) ، وتتخذ من اسماء خلفاء وقادة سنة عناوين لتشكيلاتها الارهابية المسلحة ، فاساءت لقيمتهم التاريخية والدينية ، وجعلتهم مثالا للعنف والقتل والتخريب ، وشوهت الدين الاسلامي ، ورسمت انطباعا مغايرا له ، وعمقت عوامل الكره للاسلام بما يخدم اعداءه ويوفر لهم مادة للاساءة اليه .

وأخيرا فإن الغريب في أمر الفكر الوهابي التكفيري انه استطاع تحويل نظرية التمسك بالحكام وطاعتهم وفق تفسير خاطئ للاية الكريمة " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) (59) / سورة النساء ، الى قتال بعض الحكام وتكفيرهم ، وطاعة حكام آخرين كحكام الخليج ، الذين لا يملكون من الثقافة الدينية او الدراسية شيئا يذكر . بينما كانوا في السابق ولا زال البعض يختم بهذه الاية خطبهم من على المنابر ، كوسيلة للخنوع والرضوخ للحكام المتجبرين الظلمة .