حلقات لرد الأشكالات على اطروحة القانونين الجعفريين







العراق تايمز: كتب وزير العدل حسن الشمري..

يشرفني أن أفتتح مقالتي بمقولة نقلت عن سيد البلغاء الأمام علي ( عليه السلام ) باعتبار أنها من جملة المحفزات التي شكلت منطلقا ودافعا لي لكتابة حلقات هذه المقالة ولا أعتقد أنني بحاجة للتعليق عليها لوضوح مضامينها ومعانيها الجليلة حيث يقول الأمام علي عليه السلام : ( حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق ) فبعد أن أعلنت في تشرين الثاني من هذا العام ( 2013م ) عن طرح مشروعي قانون الأحوال الشخصية الجعفرية وقانون القضاء الشرعي الجعفري العراقي صدرت ردود الأفعال بأزائهما والتي كما تعلمون دارت بين مؤيد ومعارض لطرحهما وكل طرف له تبريره ووجهة نظره ونحن هنا في الوقت الذي نثني على موقف المؤيدين لنا فاننا نؤكد احترامنا لرأي ووجهة نظر المعارضين لطرح المشروعين أيا كانت عقائدهم أو مذاهبهم أومشاربهم الفكرية وحتى لو كنا لا نعتقد بشرعية تصدرهم فضلا عن مشروعية سلوكياتهم , وأنا في الوقت الذي أريد فيه الأجابة على كل الأشكالات والنقاط التي أوردها المعارضون لطرح المشروعين الذين ذكرناهما أعلاه فانني أقدم شكري وامتناني للذين ساندوني في انجاز مسودتي القانونين وعلى رأسهم مراجع الدين الكرام وعلماء الدين الافاضل الذين أفاضوا علينا بالملاحظات التي صوبت مسيرتنا في هذا العمل الشريف وكذلك الذين أيدوا هذين المشروعين وساندوهما ولو بكلمة واحدة من رجال دين واعضاء برلمان وحكومة وأكاديميين ووجهاء ومواطنين وأرجو أن يسجل لهم التاريخ موقفهم الأيجابي هذا وأن يجزيهم الله تعالى بأحسن الجزاء .

ولكي لا أكون مصداقا لأهل الحق الساكتين الذين أشارت لهم مقولة الأمام علي ( عليه السلام ) المذكورة أعلاه قررت أن أعلق على النقاط التي أوردها المعارضون لطرح المشروعين في هذه المقالة التي ستكون على شكل حلقات متتالية تتناول كل حلقة منها نقطة وأشكالية مثارة على المشروعين والأجابة عليها وقبل الشروع في ذلك أود أن أذكر القاريء الكريم وألفت انتباهه الى ضرورة التلقي الواعي والمتحضر والموضوعي لما تتضمنه المقالة وأن يتم التركيز والتدقيق على ( ما قيل لا على من قال ) كما يقولون , كما ويجب الأنتباه وخصوصا من قبل الأخوة المؤيدين للمشروعين الى أن هناك من يريد أن يجرنا ويجركم وبأساليب ملتوية الى جدل وخصومات جانبية لا طائل منها الا الضغينة وليست هي موضع النقاش ولا هي محور الموضوع كأن يزج مثلا اسم احد المرجعيات الدينية في النقاش مدعيا التطاول عليها أو ما شابه ويجعلها الوسيلة التي من خلالها يصرف الأذهان عن التقييم الصحيح والموضوعي للقضية المطروحة وصولا الى افشالها , فقضيتنا أعزائي هي ( استحقاقنا الدستوري كشيعة في أن تكون أحوالنا الشخصية منظمة بقانون مطابق لفقه آل البيت عليهم السلام ) فتعالوا نركز على هذه القضية ونتمسك بها ونذلل الصعاب أمامها وصولا الى تنجيزها على أرض الواقع بأذن الله تعالى .

الحلقة الاولى /

النقطة الاولى : أن الموضوع ( القانونين الجعفريين ) بالرغم من دستوريته الا أن وزير العدل لا مستند قانوني له في المبادرة الى طرحه والمفروض أن يبادر اليه مجلس النواب أوالسلطة القضائية لا وزير العدل لوحده .

نقول / يمكن الأجابة عن ذلك بما يلي :-

1 – ان كثيرا من مشروعات القوانين قدمت من السادة أعضاء مجلس الوزراء بنفس الكيفية التي تقدمنا بها وأدرجت في جدول أعمال المجلس وتمت مناقشتها والتصويت عليها بالرفض أو القبول ومنها على سبيل المثال مشروع قانون تعديل القرارين ( 76 ) و ( 88 ) لسنة 2003 المتضمن ( هذا التعديل ) الغاء عمليات الحجز والمصادرة للعقارات العائدة للبعثيين وأزلام النظام السابق واعادتها اليهم الذي تقدم به وطرحه مؤخرا السيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات ( د. صالح المطلك ) بالرغم من عدم وجود علاقة وظيفية تربطه بهذا الموضوع ومع ذلك فان المجلس قد ناقشه وصوت لصالحه بالموافقة وأحاله الى مجلس النواب !!!! ولم نلحظ اهتماما ولم نسمع منك ( يا من اعترضت علينا بهذا الأشكال ) يومئذ اعتراضا واشكالا على هذا المشروع كالذي أوردته علينا عندما طرحنا وقدمنا القانونين الجعفريين ... نعم هذا جواب نقضي ونحن نعرف انه لوحده لا يحل اشكالية السند القانوني المطلوب للتقدم بمشروعات القوانين ولكنني بهذه الأثارة أردت أن ألفت الأنتباه الى حالة الأزدواجية التي يتعامل بها البعض مع القضايا الطروحة والتي يتبين منها ان درجة اهتمام تلك الجهات بالقضايا المطروحة انما تتناسب طرديا مع درجة تهديد تلك القضايا لمصالحها ونفوذها .

2 – أما حل الأشكال جذريا فيمكن توضيحه بالآتي :

أ – ان المادة ( 9 ) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 النافذ قد نصت على أن : ( لوزير العدل أن يحيل على المجلس القضايا التي يرتأي احالتها عليه او أن يكلف عضوا او اكثر من أعضائه بدراستها وابداء الرأي فيها أو اعداد مشروعات التشريعات في المسائل التي يحيلها ) هنا نلاحظ ذيل المادة التي تنص بصراحة على أن وزير العدل يمتلك السند القانوني في أن يبادر الى تكليف مجلس شورى الدولة باعداد مشروعات القوانين طبعا بشرط أن تكون مستندة الى الدستور ولا تتعارض معه وهو ما حصل بالضبط بخصوص القانونين الجعفريين المقترحين فبعد أن اكملت كتابة المسودتين على التوالي أحلتهما الى مجلس شورى الدولة الذي درسهما ودققهما وفي النهاية وافق على احالتهما الى مجلس الوزراء , فلو كان وزير العدل غير مخول قانونا بالمبادرة الى هذين المشروعين( كما تقول ) لبين مجلس شورى الدولة ذلك ولأعترض هو على طرحه مبدئيا وأوقف السير في تشريعه وهو مما لم يحصل ومعروف لدى أهل الأختصاص ثقل هذا المجلس القانوني وأنه أكثر خبرة ودراية بالقانون من غيره وجميع مؤسسات الدولة تعتمد عليه في بيان الرأي القانوني بخصوص القضايا التي تخصها .

ب – ان الدستور العراقي أشار الى أن السلطة التنفيذية بشقيها مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية هي القناة التي يحق لها تقديم مشروعات القوانين ولم يحدد الدستور ولا القوانين ولا الأنظمة ولا التعليمات النافذة نصابا محددا من الوزراء يحق لهم تقديم المشروعات لمجلس الوزراء الموقر وبغيره لايجوز ذلك وانما المسالة جارية على اطلاقها فيمكن لعضو واحد من مجلس الوزراء ان يبادر الى تهياة المسودات الاولية للمشروع الذي يرومه ويقدمه الى مجلس الوزراء لمناقشته ويمكن لعضوين أو مجموعة من الوزراء ويبقى لمجلس الوزراء بأغلبيته الحق في أن يقرر اما المضي في تشريعه أو رفضه , وباعتبار أن وزير العدل عضو في مجلس الوزراء فيجري عليه ما نقوله هنا ويحق له بالتالي المبادرة الى طرح القانونين الجعفريين على مجلس الوزراء .

فالنقطتين ( أ , ب ) أعلاه تؤكد على أن وزير العدل في مبادرته لطرح القانونين الجعفريين يمتلك من قوة السند القانوني ما لايملكه غيره من اعضاء الحكومة وبنفس هذا المستوى باعتبار أن مضمون الفقرة ( أ ) أعلاه خاص بوزير العدل ولا يشاركه بها غيره من أعضاء مجلس الوزراء بينما هو يشاركهم في مضمون الفقرة ( ب) أعلاه مما يعطيه فسحة قانونية أوسع من غيره في أن يبادر ويطرح القوانين ومنها القانونين الجعفريين .

أما القول بأنه لماذا لم يبادر مجلس النواب او السلطة القضائية الى المبادرة بطرح المشروع ... أقول / ليس من الصحيح أن يلقى اللوم علينا كوزير للعدل مبادر لطرح القانونين الجعفريين بسبب تقصير الآخرين واحجامهم عن طرح القانونين الجعفريين والمفروض بالذي يجد ويعمل وينجز ان يكافيء ويثاب على عمله وبالمقصر أن يلقى عليه اللوم والعتاب والعقاب وان قولك واشكالك هذا يجعل المسألة معكوسة !!! والمفروض بك ( أيها المشكل ) أذا كنت منصفا وحريصا على استحقاق الشيعة الدستوري في أن تكون أحوالهم الشخصية مطابقة لفقه آل البيت ( عليهم السلام ) أن توجه سؤالك هذا الى مجلس النواب أو السلطة القضائية وأن تحاسبهما على عدم اتخاذهما خطوة واحدة على طريق تفعيل هذين المشروعين , وقولك هذا يكشف بوضوح عن تحسسك من شخصية وزير العدل وأنك تعاطيت مع الموضوع بمنظور شخصي لا موضوعي .

نأمل أن تكون اجابتنا المفصلة أعلاه وافية وكافية في رد الأشكال الأول الذي تناولته هذه الحلقة وسنتناول في الحلقة القادمة نقطة أخرى واشكال آخر والأجابة عليه بأذن الله تعالى .