كان من الشعارات الأثيرة لصدام حسين انه لن يترك السلطة الا والعراق حجر على حجر أو أرض بلا بشر. صدام انتهى منذ عشر سنوات وأُرسل الى باطن الارض منذ سبع سنوات، وبعد هذه الحقبة يبدو منجّماً حاذقاً، فما توقعه يتحقق الان على أيدي خلفائه. بالتأكيد يتحمل صدام مسؤولية كبيرة عن الخراب العميم الذي يضرب العراق منذ أول ثمانينيات القرن الماضي، لكن خلفاءه لم يتنزهوا عن التسبب في المزيد من الخراب والدمار، ومن الغريب والعجيب انهم لا يبدو عليهم أي اكتراث بانهاء هذي الحال والانتقال الى حال الاعمار والتنمية لجعل خراب صدام قصة أليمة من الماضي. منذ سنوات ونحن نقرأ ونسمع تحذيرات من امكانية أن ينهار سد الموصل. غير مرة نفت وزارة الموارد المائية ذلك، لكن التحذيرات ظلت تتوالى. وأمس قرأنا تصريحاً لخبير عراقي في بناء السدود جدد فيه التحذير من انهيار السد، وكشف عن معلومات خطيرة. الخبير قال ان صدام هو الذي اختار مكان السد، وان خبراء روسيين رفضوا تشييد السد في هذا المكان، بيد ان طاغية العراق أصر على ذلك لضرب الحركة المسلحة في كردستان. والسد هو الأكبر في العراق ورابع أكبر سد في منطقة الشرق الأوسط. وقال الخبير العراقي ان النظام السابق جلب خبراء روسيين لالقاء نظرة واجراء فحوصات على المكان فقدّم الخبراء تقريراً خلص الى ان الأرضية لا تصلح لبناء السد الذي يتعين بناؤه في مكان اخر، وأوضح أن الخبراء الروس كشفوا عن ان القشرة الداخلية لأرضية السد تتكون من احجار جبسية ستتآكل بفعل الرطوبة والمياه وبالتالي قد تلحق أضراراً خطيرة بجسم السد.(شفق نيوز). وتابع الخبير العراقي ان صدام عاند لأجل بناء السد في مكانه الحالي، معتبراً ان سبب الاصرار يعود الى ان صدام كان يريد صنع عائق طبيعي أمام حركة تنقل الثوار الكرد البيشمركة واعاقة إمداداتهم، وبالتالي فالبحيرة الناشئة ستقطّع الى حد ما خريطة منطقة باهدينان التي كانت تشتعل دائما بالثورات والحركات المناهضة للانظمة العراقية السابقة. ورأى الخبير العراقي انه "في حال انهيار السد في أي زمان، فان نظام صدام يتحمّل المسؤولية كاملة، لانه كان يعلم بعدم صلاحية التربة لذلك". هذا صدام، وهذه اهدافه.. وماذا عنّا؟ ما الذي فعلناه بوصفنا خلفاء صدام لمواجهة خطر السد الداهم؟ لماذا "تغلّس" الحكومة على هذا الأمر؟ ولماذا يصمت البرلمان؟ مجلس النواب يوشك الان على انهاء ولايته الحالية.. ماذا فعل فيها؟ الواقع انه كان مهتماً بالسفاسف اكثر من أي شيء آخر .. واقصد بالسفاسف هنا التشريعات الثانوية التي لا قيمة حقيقية فيها للناس، والمجادلات العقيمة والمناكفات الصبيانية التي اهدر مجلس النواب وقته فيها. أراهن ان حديث الخبير العراقي أمس لن يوليه النواب اهتماماً.. وأراهن انه اذا ما انهار السد ذات يوم فان اعضاء كثاراً في البرلمان سيظهر انهم لا علم لهم بقضية السدّ، وبعضهم لا يعلم موقعه.. ببساطة لان قضية السد لا تعنيهم في شيء!
|