مغامرة الوصول إلى عالم السيستاني.. ردا على من ادعى بانه المرجع الحركي |
العراق تايمز: كتب السيد محمد الحسيني.. صيف عام ٢٠٠٨، كان قد بدأ السيد السيستاني باستقبال الزائرين بعد غياب طال أربعة سنوات "استراتيجية التعزّز" التي أقيمت المرجعية على أساس تلك الاستراتيجيات! كإستراتيجية السكوت! كنت ساكناً في البراق، المنطقة التي قد سجن السيد السيستاني نفسه بداخلها! كنت نائماً في ذلك الصباح الساخن اللاهب فالنوم في سراديب البراق له لذته الخاصة! النوم عند علي عبادة، فرحم الله الرصافي حيث قال: ناموا ولا تستيقظوا ما فاز الاّ النوّمُ!، طُرقت الباب بشدّة، قلت لنفسي من كدّر عليّ نومي السردابي اللذيذ؟! فشتمته كما تشتم وتسقط المؤسسة الدينية الحاكمة من يوقظها من نومها السردابي الهانئ!! فتحت الباب وإذا بصديقي طالب الحوزة المعمّم قد رُسمت على وجهه كل علامات الفرح والسرور والاشتياق والحنين، فبدل أن يبدأ كلامه بالسلام صرخ بوجهي: الإمام يستقبل الناس وأنت نائم؟! تهيأ بسرعة لنذهب إليه ونتشرف برؤيته المباركة! كانت فرصة جميلة لرؤية الذي أصبح الناس يسمعون عنه كما لو كانوا يسمعون عن النبي أو الأئمة أو المهدي! إستراتيجية التعزز أثبتت نجاحها، فالشعب أحبّ المذلة! ذهبنا إلى المكتب المبارك أو "البراني" فقد كان يبعد عن محل سكناي أمتاراً قليلة، لم نكن وحدنا بل كان معنا المئات من المحبين ينتظرون موافقة شيخٍ شاب ضعيف البنية يسمى بشير، تخطينا الطابور وعبرنا الزحام ووصلنا إلى الشيخ بشير، صاحبي المعمم طلب منه أن يدخلنا لرؤية الإمام، نظر إليّ وكأنّ منظري لم يعجب سماحته فقد كنت ارتدي البنطال والقميص، وقال لصاحبي ادخل أنت فقط! رد عليه: لكن الأخ ابن السيد فلان! لم يعبأ له وكرر عبارته أنت فقط، دخل صاحبي وبقيت انتظره في الخارج، بعد دقائق قليلة جاء الشيخ بشير مسرعاً وقد تبدّلت ملامح وجهه مئة وثمانين درجة وقال لي: تفضّل سيدنا اعتذر لك كثيراً تفضّل! دخلت أول نقطة للتفتيش فنزعوا عني كل شيء إلا ما استر به جسدي النحيل، وصلت إلى صاحبي وقلت له متعجباً ما الذي غيّر الشيخ بشير هكذا؟! قال: ذهبت إلى الشيخ حيدر مباشرة وقلت له ان ابن السيد فلان لم يأذنوا له بالدخول فأمر بإدخالك! لم اعرف من هو شيخ حيدر وما هو موقعه وكذلك الشيخ بشير، لكنني ولله الحمد قد نلت مرادي في الدخول إلى الحرم الأعلى!! بقي حاجز واحد يحجزنا عن المرجعية التي تقود العالم الشيعي، أو بالأحرى العالم الشيعي هو من وضع نفسه قسراً تحت قيادتها فالمرجعية العليا عجزت عن قيادة المكتب الصغير فضلاً عن الزقاق الذي تختبئ داخله فأهل البراق لا ينسون بيت الدعارة الذي كان لا يبعد عشرة أمتار من بيت السيد! والفضل عاد لأبناء الزقاق في إزالة ذلك الوكر بعد ان يئسوا من المرجعية واستراتيجياتها! آخر حاجز للتفتيش كان يقف فيه رجل شديد السمرة محدق بعينيه حدقة مرعبة مد يده الغليظة وعصر عظامي عصرا! وهو يفتّش كل أماكن الجسد بما فيه العورات! كل ذلك فداءا لرؤية المرجع الأعلى وتقبيل يده المباركة! جلسنا في قاعة مغلقة وكأننا نذهب لزيارة صدام كما كانوا يصفون لي ذلك! بعد دقائق من جلوسنا في القاعة المغلقة ذات الجدران الطويلة البيضاء فُتحت لنا باب وخرج منها شخص كثيف اللحية يرتدي قميص بُني وبنطال رصاصي قائلاً: اصطفوا في صف واحد وادخلوا من هنا بنظام وبلا كلام! اصطففنا كطلاب الابتدائية أو كسجناء ينقلون من زنزانة إلى أخرى! دخلنا إلى الغرفة المجاورة وانا في وسط الطابور والمنادي ينادي: سلام وتقبيل يد فقط!! تحركتُ قليلاً لأرى الإمام الأعلى الذي طالما تمنيت رؤيته، وإذا بأحد أفراد الحماية يأتي نحوي مسرعاً ليهمس في أذني: لا تميل يميناً ولا شمالا وواظب على الانضباط قلت له خائفاً: سمعاً وطاعة!.. أخيراً وصل دور صاحبي، جلس على ركبتيه وقبّل يد السيد وحنين الشوق افقده صوابه ليمد رأسه لتقبيل كتف المرجع وإذا برجل الحماية الذي يقف جنب السيد يجر صاحبي من رأسه بغتة قبل ان يصل رأسه إلى كتف المرجعية! ليقاد ويرمى خارجاً! جاء دوري وقد صدمني ذلك الموقف المهيب فصافحت السيد بكلتا يدي ولم اقبلها، ليس إباءً أو استنكافاً بل خوفاً من السحل!!
|