يقول المثل(ماضاع حق وراءه مطالب) و( ان الحقوق تنتزع ولاتعطى) وتتنوع اساليب المطالبة بالحقوق حسب تحضر الشعوب ومستوى رقيها ,والتظاهر والاعتصام هما من الوسائل الحضارية التي تمارسها الشعوب للمطالبة بحقوق مهظومة وانتزاعها ممن سلبها , وقد كفلت الشرائع والقوانين والدساتير في الدول المتحضرة والانظمة الديمقراطية هذا الحق وهو ما ميزها عن الأنظمة الشمولية الدكتاتورية كونه حق ديمقراطي , والديمقراطية عدالة وقانون ونظام وليس انفلات وتسيب كما يتصورها البعض.
في العراق الجديد كفل الدستورهذا الحق في المادة(38 ثالثاً ) بما لايخل بالنظام العام والأداب ,ولكن عندما يخرج هذا الحق من المطالبة السلمية الحضارية الى الأعتداء على الممتلكات العامة فأنه يدخل خانة الفوضى والعبثية ويفقد التظاهرة صورتها السلمية الحظارية.
التظاهرة التي انطلقت في محافظة الأنبار مع مارافقها في بدايتها من شعارات طائفية وتجييش قبلي وحزبي الا انها تحمل في طياتها مطالب مشروعة واستطاعت ان تتخلص من التسييس والطائفية لتأخذ مسارها الصحيح , لكن مايؤخذ على هذه التظاهرة هو قطعها للطريق الدولي العام الذي يربط البلد بدولتين مجاورتين وهو من الممتلكات العامة للشعب العراقي وليس للحكومة , وقطعه اضرار بمصالح الشعب العراقي , وهو ملك كل العراق,وليس لمحافظة الانبار كما ان انشائه لم يمول من اموال المحافظة وانما بأموال الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب .
جميع العراقيين لهم مطالب مشروعة , فهناك تقصير حكومي في جميع مفاصل الدولة العراقية ,خدمات,أمن,بطالة ,فقر,فساد........ ,وعندما تغلق جميع الأبواب بوجه المواطن يلجأ الى التظاهروالعصيان,ولكن ليس بأستخدام ممتلكات الشعب للضغط على الحكومة,قبل عدة اشهر عندما حصلت ازمة بين الحكومة ومحافظة صلاح الدين هدد المحافظ بالسيطرة على محطة بيجي الكهربائية وقطع التيار الكهربائي عن باقي المحافظات وكأن هذه المحطة (ملك لأهله وعشيرته).
ليس بهذه الأساليب الرخيصة تطرح المطالب المشروعة انها سوابق خطيرة تؤسس لفوضى تدفع البلد لأن يصبح اشبه ب (حارة كلمن ايدو الو) يحكمه زعماءعصابات حزبية , عرقية , طائفية كل منهم يضع يده على مابحوزتة كأن تكون منشأة نفطية اوكهربائية ,طريق دولي , ميناء,مطار’ منفذ حدودي ....... بحجة ان لديه مطالب,ان هذه الطريقة في التعاطي مع الأمور لاتختلف عن تفجير خط انابيب نقل النفط وابراج نقل الطاقة الكهربائية فجميعا تؤدي الى الحاق الضرر بالمواطن , والغريب في الأمر ان المتظاهرين او المعتصمين يقيمون الصلاة في الطريق بعد قطعه والذي نهى الرسول الأكرم حتى من الجلوس على قارعته وليس قطعه,كما انه مكان مغصوب والمكان المغصوب لايجوز الصلاة فيه حسب رأي الفقهاء .
اننا لانعتب على الذين دفعهم الحنين الى اصلهم ممن اعتادوا على الأرتزاق من قطع الطرق, ولكن عتبنا على العقلاء من اهالي الأنبار ,رجال دين ,شيوخ عشائر , مثقفين , اناس طيبين وأملنا بهم ان يأخذوا دورهم بألأرتقاء بهذه التظاهرة لمستواها الحضاري والوطني ,لأنها مظهر من مظاهر الديمقراطية والديمقراطية تعني البناء وليس الهدم .
|