المهام الملقاة على الصحفيين الكورد في المرحلة الراهنة

يفترض أن يدفع مصطلح (السلطة الرابعة=الصحافة) بالصحفيين والإعلاميين للعمل بتفان لأجل ترجمة المصطلح الى الواقع العملي ويجعلوا من هذه السلطة ندا للسلطات الأخرى: التشريعية والتنفيذية والقضائية، سواء من خلال تحقيقاتهم وكتاباتهم وآرائهم الانقلابية أو تقوية النقابات والاتحادات الصحفية لكي تقوم بعملها المؤثر بشكل تحسب السلطات الثلاث تلك والرأي العام حسابا جديا للصحافة والصحفيين وتنظر إليهم نظرة ملؤها الاحترام والتقدير لا النظرة الى شخوص أو مؤسسات، لا تهمهم سوى فضح المساوئ، وافتعال المواجهات وإثارة الضجيج، فالانتصار للصحفي سواء أكان ظالما أو مظلوما دون مراعاة للأنظمة والقوانين وأحكام السلطة القضائية، وبودي القول، دون تحفظ، ان الصغائر من الأمور غالبا ما نجدها تستحوذ على اهتمامات الصحفيين بشكل نسوا معها الحقائق الكبيرة، بحيث جعلوا من القضاء خصما لهم ومن التناقض الرئيسي ضده، بدلا من أن يقوموا، الصحفيين، بتعبئة الرأي العام مثلا لمقارعة الأخطار التي تهدد مصالح وكيان شعبهم بالفناء، مثال ذلك التحشدات العسكرية العراقية في المناطق الموسومة بالمتنازع عليها، أو جنوح الحكومة المركزية التدريجي نحو الدكتاتورية وعسكرة المجتمع، ويكاد يكون العمل النقابي الصحفي في واد والحقائق الكبيرة في واد آخر ينفرد بمعالجتها السياسيون والأحزاب، وسط انشغال الصحفي بقضايا وأمور جانبية متمثلة في الانغماس في الصراع مع السلطة القضائية أو التنفيذية من غير التسلح بثقافة قانونية أو الإطلاع على قانون النقابة أو النظام الداخلي لها.
ولدي أمثلة لا تحصى على انهماك الصحفيين الكورد بالأخص بأمور تهدر من وقتهم، ولا تغني أو تسمن من جوع إن جاز القول، ما زجهم في معارك جانبية مع تلكم السلطتين وكانوا في غنى عنها، في وقت كان حريا بهم الترفع عنها، ويتركوا للقضاء البت فيها وإصدار الأحكام بشأنها. فهنالك معضلات جسيمة، قومية وسياسية واجتماعية وحتى مهنية صحفية، تستدعي من الصحفيين أن يكونوا في الصفوف الأمامية أو المقدمة لمعالجتها.
فعلى امتداد الشهور الماضية لم نلمس موقفا ملموسا وفعالا للصحفيين الكوردستانيين حيال قضية الشعب الكوردي في سوريا، كان يتوجهوا الى المناطق الكوردية هناك للوقوف على معاناة سكانها، بل وحتى زيارة مخيمات اللاجئين السوريين بمحافظة دهوك، أو السعي لأجل اللقاء بالصحفيين الكورد السوريين ومساعدتهم على تشكيل نقابة لهم مثلا، دع جانبا القول، عن غياب دورهم في الأحداث الكوردية في تركيا وإيران وكذلك في (المناطق المتنازع عليها) أي المناطق الكوردستانية السليبة، علما ان للنشاطات النقابية والتقارير الصحفية فعلها المؤثر والمدوي، وخير مثال على ذلك أنشطة وتقارير (مراسلون بلا حدود) وتقارير منظمة هيومن رايتس وتش المعنية بحقوق الإنسان..الخ من المنظمات، عليه يستغرب المرء من عدم ارتقاء العمل النقابي الصحفي في كردستان الى مستوى العدد الكبير للصحفيين الكوردستانيين والذي يزيد عن 7000 صحفي!!! فتعدد مقراتهم التي تكاد تغطي معظم مناطق ومحافظات كوردستان، بل ان عدد الصحفيين الكورد أكبر بكثير من عدد أعضاء بعض الأحزاب كما يفوق عدد مقراتهم عدد مقراتها. لذا فان على الصحفيين الكرد ان يتخلصوا باسرع وقت من الرقم المهزلة اعلاه. وعندي ان احد اسباب التصادم بين النقابة وبعض المؤسسات الحكومة هو مزاولة الدخلاء على الصحافة مهنة الصحافة، وبتقليص عدد الاعضاء والمقرات يتم التحكم بهدر المال العام الذي تتحمله حكومة الاقليم اذ لا يعقل ان تفوق ميزانية نقابة ضيقة كنقابة الصحفيين ميزانية نقابات ضخمة كالمعلمين والمحاميين والمهندسين والاطباء اني لعلى ثقة ان ميزانية نقابة صحفيي كردستان تفوق ميزانية النقابات المذكورة مجتمعة.
ان ما نتوخاه، هو أن يهتدي الصحفي الى موقعه الصحيح ويؤدي دورا فاعلاً في الأحداث الداخلية الكوردستانية والعراقية وفي العلاقات بين حكومتي الإقليم والمركز وينتصروا للأولى في مقاومة التوجهات الدكتاتورية للثانية، فالكف نهائيا عن تضخيم صغائر الأمور في معارضة الإجراءات البوليسية أو القضائية التقليدية المعمول بها في كافة أنحاء العالم.
إن قراءة موضوعية لحالات من المواجهات بين الصحفيين والسلطة التنفيذية في كوردستان، ترينا تقاطعها مع مضمون العمل المهني والصحفي، فالتدخل بشكل صارخ في شؤون القضاء، الأمر الذي قدم الصحفي للرأي العام الكوردستاني، وكأنه عنصر متعب ومشاكس ليس إلا، اختلط لدى الصحفي المهني بالجنائي، ما وفر للقضاء فرصة لكسب معظم الدعاوى ضدهم. ان الذي لا يختلف فيه إثنان، ان نقابة صحفيي كوردستان تضم في صفوفها جيشا من «الصحفيين» ووضعي للصحفيين بين قوسين، يعني ان الأكثرية الساحقة منهم غير صحفيين البتة والدليل على ذلك ضم النقابة الصحفية الكردستانية 7000 (صحفي) ولو قمنا بتدقيق للرقم هذا لوجدنا ان الاكثرية الساحقة من اعضائها ليسوا صحفيين ولا يستحقن حيازة هوية العضوالعامل ولا هوية الاتحاد الدولي للصحفيين ان على الهيئة الادارية الجديدة لنقابة ان تعيد النظر في الرقم اعلاه انذاك لن تجد سيوى بضعة عشرات من الصحفيين الحقيقيين من جانب اخر سوف تقف انذاك على حقيقة مرة الا وهي إن معظم اعضائها يمارسون مهنا رئيسية غير مهنة الصحافة والذي أدى ويؤدي الى خلق إشكالات كثيرة بوجه العمل النقابي والصحفي ومن المشاكل أن تزداد. وفوق هذا من الممكن تلافي التورط في أمور لا تتصل بالصحافة، وأمام الصحفيين الكورد مهمة آنية كبيرة في المرحلة الراهنة التي يمر بها الشعب الكوردستاني ووطنه، فمؤامرات ومكائد الدول التي تتقاسم كوردستان الكبرى فيما بينها وتحتلها تتواصل وتشتد وتتزامن مع تحركات عسكرية مريبة في (المناطق المتنازع عليها) ثم ان نضال الكورد في أجزاء كوردستان الكبرى يتنامى ويتسع، في سوريا مثلا طرأ تطور هام على وضع الكورد، وفي تركيا يتقدم الكفاح السلمي والمسلح للكورد بوتائر سريعة، أما في كوردستان إيران فإن توحيد جناحي الحركة القومية الكوردية (الحزبان الكورديان الرئيسيان) يعد بحد ذاته تطورا هاما يبعث على التفاؤل، ان توحيد كلمة الصحفيين في تلك الأجزاء من كوردستان، واجب صحفيي كوردستان العراق بدرجة أولى، وعلى نقابة صحفيي كوردستان التي تقود نحو 7000 (صحفي)، العمل باتجاه ترسيخ العمل النقابي والمهني، ونصرة الحق العادل للكورد أينما كانوا ووجدوا، وبشكل يلفت أنظار العالم إليه.
هل قام الصحفيون الكورد بتفقد المشردين من مناطق السعدية وجلولاء، أو اللاجئون الكورد السوريون، وكذلك اللاجئون الكورد في مخيم مخمور؟ إننا نسمع بشكل يومي أنباء عن اعتقال وتعذيب وقتل صحفيين أجانب وغير أجانب في جبهات القتال والمناطق المضطربة في العالم، في وقت تكاد تكون جميع أجزاء كوردستان مضطربة، ولا من تحرك صحفي كوردي فيها.
Al_botani2008@yahoo.com