العراق: أمة تحترق وشعب ينتحب
" "ومنا من يعشق قرع طبول الحروب 
 في مقالي هذا، لستُ بصدد أجراء مقارنات بين أمم وشعوب تختلف في تقاليدها وقيمها وثقافتها وعلومها وتقدمها الحضاري عن عالمنا العربي وبالأخص عالمنا العراقي الفدرالي الجديد وأنما الغرض هو ما أوصلتنا أليه شعوبنا من بعثرة بتاريخنا وحضارتنا وثقافاتنا وميولها لثورات ربيعية عقيمة لمحاسبة قادة وحكام ونواب وأحلالهم بالقابعين في مجالس التشريعات الوثنية الكاذبة والمتاجرين بما يفقهون ويعشقون من الجهاد لأصلاح الأمة بقتل أبناءها وبيع نساءها، وهو ماتراه جميع القوى الأنسانية الطابع، تراجع مهين ومغلف بكل صفات الجهل والتعنت العنصري والصراخ والعويل والصراع المذهبي والقومي في أرض أمم أسلامية تنتحب وتلتحف الخيام. 
 
كما أني لستُ بصدد تلخيص فشل حكومات مصرية سورية ليبية تونسية ويمنية لم تُحقق لشعوبها وجماهيرها أنجاز يُذكر والتي أعتبرها،وبكل بساطة، على أنها أدت الى تراجع فكري أجتماعي وأرهاب ثقافي وظهور موجات من الحركات،مشابهة ومماثلة لمنظمة القاعدة وطالبان في العقيدة والفكر و المنهج ويتزعمها أمراء وخلفاء وهميون أبهرهم ماحققه الخلفاء الراشدين بنبوغهم الفكري والأجتماعي في مرحلة مهمة من تاريخ الفكر العربي الأسلامي، فأنتعشت تعاليم الحركات الشاذة الحالية وألبسوا أنفسهم عقائد الخلافة وأعادوا نشرها بين الدول العربية و ألاسلامية وعمموا فيها مفاهيم عشائرية وسلفية وأحقيات مذهبية داخل جسد الدولة. 
 
 وكان على حكومة العراق الحالية وممثليها البرلمانيين الأنتباه الى هذه الظاهرة وعدم الأندماج أو بالأحرى التحاق بعضهم المؤيد لهذه الزمر الأرهابية والتظاهر معها وأحتضانها. 
فظاهرة هذه الحركات أنها تعشق قرع طبول الحرب والجهاد والصراع المذهبي الداخلي، وتقتني السلاح لتقتل بأسم ألوان عديدة من مسميات الأسلام السياسي (ورؤوسنا يارب فوق أَكفنا....نرجو ثواباً مُغنماً وجوارا ) والتسلل داخل الإنتفاضات الشعبية وتحارب في الخفاء بممثلين وملثمين أغرقوا العالم العربي، بترويج من صحافة وكُتاب الأُجرة وصحافة الأثارة، والعراق على الأخص، بالدماء بسيوفهم للوصول الى السلطة والنفوذ. وكانت ألآيات القرأنية دليلهم الروحي تماماً كسورة ألأنفال " أِذ يوحي رَبك الى الملائكة أني معكم، فثبتوا الذين آمنوا، وسألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فأضربوا فوق الأعناق وأضربوا منهم كُلَّ بنان ". 
 
عاصرنا في العراق هذه الحركات التي ساهمت في الحرق والتخريب والأرهاب والتفجير والتدمير لصرح الحضارة العربية،و تعيش الكذبة الكبرى بأنها تحمل راية رسول الأنسانية الأعظم محمد (ص) بترديد اسم الله ويقودها معتوهو المذاهب الأسلامية، فهي من أرتأت الموساد ألأسرائيلية والمخابرات الغربية أسنادها وأنماءها لأنها خير الحركات المُرشحة لتدمير العالم العربي وقتل شعوبها، ولكون هذه الحركات فقيرة الفكر والثقافة والتمدن ولاتعرف بما يجري في العالم من حولها، فقد تم تغذيتها بوسائل توصيل ستلايت الفضاء وشاشات التلفزيون وأجهزة الصحافة اليومية لتكون مرآة الدعوة والدعاة للرجعية والعشائرية والمرائين من سياسي الساعة ونقل آرائهم الفكرية المريضة على " يوتوب" للحديث عن القتل والجهاد والزواج من القاصرات وسبايا النساء بطرق تنتقص من التربية الأجتماعية والتعاليم الأسلامية النقية، وفتحت الطريق بأراء وثنية حلالية قتال المسلم للمسلم وتحويل الهيئات الدينية الخيرية الى مستودعات للسلاح وتجهيز الشباب للجهاد والموت والوقوف مع جموع المعاقين مذهبياً لمساندة عقائدهم الجهادية. ولاشك أن في أستطاعة هذه الحركات أشاعة الخراب وشرذمة العالم العربي بنشر ثقافة الكراهية و ترك أجيال عربية وأسلامية جديدة تقاتل بعضها البعض وتشريد عوائلهم وتهجيرهم للعيش في الخيام. هذا الحركات وكراساتها وتشريعاتها للشرعية على القنوات الفضائية هي في قمة المرض العنصري والقومي والردة على الأسلام ولاتشكل هياكلها التنظيمية اي أرتباط أوتحالف فكري،علمي، سياسي، أجتماعي،، مع أي جهة ذات صفة خيرية أنسانية أو صحية معروفة ولاتشترك مع أي فرق بناء شعبية أومنظمات حماية المجتمع ولاتشارك في خدمة الدولة وزج متطوعينها في خدمات شعبية. والأهم هي أنها لاتُشكل أي خطر مباشر على أمن أسرائيل وسلامة المستوطنات اليهودية، لأنها ( أحصائياً ) لم تقم بأي عمل عسكري جهادي يستحق الذكر داخل أسرائيل كما يعرفه أخواننا في غزة والضفة، كما أن خط جهادها يسير بأتجاه مناسب مع ماهو مُخطط لها في قتل الروح العربية نحو القدس والأرض المسروقة ولايتسائل أمراءها لماذا تحصل حكومات دول عربية على المساعدات المالية الأمريكية وترفع علم الصهيونية في عواصمها.
 
أصبح الواضح للعيان أن العراق أجتاز مرحلة الصراع ضد الدكتاتورية ولم يتجاوز فترة الوقوع الحالي في أحضان الفتنة الطائفية والنزعة القومية وأرتشاف سموم التقسيم والتفتيت الاداري والأنتماء الى كفة أسلامية ضد كفة أسلامية أخرى، أن القادة المنتخبون ليمثلوا العراق كانوا في صراع مستديم ومهمة تسقيط وأنتماء أخذونها على عاتقهم بغباء لاحدود له ( لتمثيل أيران كدولة مسلمة وتمثيل تركيا كدولة مسلمة من جهة أخرى ). و يرى أهل العراق خضوع قادة الاطراف لفتن متنقلة ينقلوها كالعبيد والخدم الى الدول التي أستعبدتهم تاريخياً و يقومون بجهود مبعثرة، منها، طلب الأستشارة من طهران أو أنقرة أو واشنطن وعواصم أخرى في فوضى المباحثات والتصريحات الغير المسؤولة التي تضع أرادة الدولة في كف الشيطان. عجباً للذين فهموا السياسة على أنها تحرير العقول بتخديرها أولاً أو نقل اخبار الكراهية ومد يد التعاون ومباحثات متممة (للسلام عليكم وأرجو لكم النجاح والموفقية في مسعاكم ) وعجباً لمن يتبجحون بخصائص ومزايا الديمقراطية والتحرر الوطني والتكافل الأجتماعي وهم لايملكونها. وتقف على حدود سوريا والعراق قوى الظلام المُسلحة بكل وسائل التخريب بعد أن تخلت عن أعمالها الخيرية وتربية فرق أنسانية يهمها بناء لبنة المساعدة وأصبح شعارها أغاني التهييج كتبها لهم الظواهري وبن لادن (ورؤوسنا يارب فوق أَكفنا....نرجو ثواباً مُغنماً وجوارا ). ويستطيع المواطن الواعي أن يدرج قائمة بأنجازاتهم التخريبية والقتل والغدر بمشاهدة ما أتموه من شريعتهم في جلب الدمار لمدينة حلب كما دمروا بغداد قبلها. والطامة الكبرى أن معظمهم يأكل ويشرب بمعرفته وأرادته، لكنه يفكر بمعرفة الآخرين وقيادات قبلية وثنية تتسيد الموقف ويؤجج قياديها في السر والعلن الأصلاح الجهادي بالطرق البدائية. 
 
أعود الى أزمة العراق وتحديد دور مسؤولية المالكي وحكومته الحالية وأقول بأن تصريحات نوري المالكي الأخيرة والخيارات الأربع التي قدمها على قناة السومرية، كحلول لأنقاذ العراق من الدمار اليومي، تنقصها ضعف النية الحقة لمكافحة الأرهاب والفساد ومعتوهي ثقافة المذاهب الذين يحثون على تهييج الشارع وزيادة الفوضى. خيارات المالكي المطروحة لاتفي بما يتطلب أتخاذه قبل تأطيرها وجعلها الهدف والغاية للمباحثات مع الأطراف المتنازعة. ويتركز نقدي للمالكي أنها لاتواجه بؤر الأرهاب الفكري والمسلح وتقييد نشاطها الأجرامي في أستمرار ارهابهم وتفجيراتهم كما أنها أنتقاص لكرامة ذوي القتلى من العراقيين، ثم أن لها رائحة رفع الكف عن أحالة الأرهابين ومليشيات العابثين بالأمن وتوثيق صلاتهم بالأرهاب الذي مارسوه وتقديمهم للعدالة حسب ما أشار اليه الدستور والسيادة الحقوقية للقوات المسلحة في فرض الأمن، والتأكد من فك أرتباط المليشات وخضوعها الى أشخاص دون أي وجه قانوني. لااأشكُ بوطنية المالكي ورغبته خدمة الوطن ولكنه لم يُدرك أِلا مؤخراً حقيقة شركاءه في المحاصصة وميولهم الفكرية لسحب السلطة منه والتحكم بأمر العراق بطريقة ترضي مصالحهم ومصالح دول مجاورة شيعية وسنية. وربما هذه هي الفرصة المناسبة أن يأخذ بأقتراح السيد بكر حمه صديق،عضو مجلس النواب الحالي عن الاتحاد الاسلامي الكردستاني الذي صرح مؤخراً (أن الحل الافضل لأنهاء الأزمات السياسية التي تعصف بالعراق هي استجواب رئيس الوزراء نوري المالكي وسحب الثقة عنه وعن حكومته). أنها مناسبة تاريخية ثمينة للمالكي ان يجمع المجلس النيابي لأستجوابه وأستجواب المستجوبين بطرق دستورية برلمانية دييمقراطية قبل سحب الثقة من حكومته الحالية أذا ماقررت الأعلبية النيابية ذلك وهي فرصة لاتعوض لكشف ملفات المُدعين ( علاوي والهاشمي والصدر وبارزاني والعيساوي والمطلك ) وأدوارهم التي أظهرها التحقيق بعضها والأعلان عن كل من شارك في عمليات الأرهاب والسرقة والتخريب وأطلاق "يده المكبلة " لتكون بداية نقية لطرد المُدعين والمُستفزين ومعتوهي المذاهب الأسلامية من المُتاجرين بها وتحديد مسؤولية من يحاسب ويعاقب سواء أكان من حزب الدعوة أو الأحزاب الأخرى، وكشف ما جرى خلال فترة رئاسته للوزارة. الشفافية وخيار المشروع الديمقراطي المحافظ على الهوية العراقية تستدعي منه (بالذات وبصفته الرسمية الحالية) مكاشفة أعضاء مجلس النواب بصراحة، كما أن أنتقاد دولة القانون للكتل المتنفذة ينبغي أن يشمل جميع الكتل الشيعية المشاركة في الأعمال الطائفية المقيتة وأستنكار تصرفاتها المعيبة. فالمالكي مُطالَب (بفتح اللام) بوضع أسماء المشاركين في أرتكاب جرائم وسرقة وأرهاب أمام سلطة المجلس التشريعية و تحديداً أمام السلطة القضائية كما ينص دستور الدولة للوصول الى حقيقة الأطراف المشاركة في السلطة. 
 
ضياء الحكيم 
باحث وكاتب سياسي