خارطة الربيع العربي ... ما بعد سوريا الى أين ؟؟؟

 

 

إن المتتبع لربيع الثورات العربية يُدرك تماماً أنها تأخرت في حسم الأمر في سوريا وتلكأت مما انعكس وبالاً في إزهاق الكثير من الأرواح والمهج فمنذ إنطلاق ثورة الشعب السوري السلمية ثم تحولها إلى كفاح مُسلح والدماء تسيل واستغاثات الشعب المنكوب بلغت عنان السماء ولكن ذهبت أدراج الرياح فما من مجيب حتى اقتصر ترديد الشعار التالي في مظاهراتهم (مالنا غيرك يا الله ) ، حيث تجاوز حجم التضحيات أكثر من 250 ألف شهيد مابين طفل وشيخ وشاب وامرأة ناهيك عن الجرحى الذين تجاوز عددهم 500 ألف جريح أما المفقودين فقد تجاوز عددهم 70 ألف مفقود وعدد النازحين والمهجرين والمهاجرين واللآجئين أكثر من ستة ملايين وحجم الدمار في البيوت والمساكن لا يعلمه إلا الله ... وللوقوف على أسباب عدم حسم الأمر في سوريا أسوة بباقي ثورات الربيع في دول العالم العربي تبرز لنا حقيقة ساطعة كالشمس في رابعة النهار وهي أن النظام السوري يمثل الذراع أو الركيزة الأساسية التي يستند عليها النظام الحاكم في إيران لذا كان لزاماً عليه أن يقف بكل ثقله لمؤازرة النظام السوري لأسباب آيدلوجية عقائدية ووحدة الوجود والمصير ، الأمر الذي حتّم انقياد الدول الخاضعة لهيمنة السياسة الإيرانية أن تحذوا بذات المنحى لتقف مع النظام القمعي في سوريا بشرياً مادياً ومعنوياً بكل ما تحمله الكلمة من معاني ...

ولو تأملنا خارطة التحالفات الحاصلة على ارض الواقع لبرز لنا معسكرين متناقضين الأول معسكر شيوعي إلحادي وعلماني ونظام حزب البعث العربي الإشتراكي والمفارقة أن ذات الحزب هو محضور ومجتثٌ في العراق لكن كون قيادة الحزب نـُصيرية في سوريا يُزيل اللبس والغموض في الأمر .. تنضوي تحت رايته روسيا والصين وإيران والعراق إضافة ً إلى الدول والأحزاب المؤمنة بنهج ولاية الفقيه كما هو الحال مع (حزب الله ) في لبنان والمليشيات العراقية التي تقاتل في سوريا ، أضف الى ذلك رأس النفيضة النظام الحاكم في سوريا بكل قطعاته العسكرية وأجهزته القمعية ومعسكر ثاني على النقيض تماماً يدعم انتفاضة الشعب السوري لنيل حريته ولابد من الإشارة الى الدعم الخجول ومن تحت الطاولة لبعض الأنظمة العربية كالسعودية وقطر والدعم التركي يرافقه تناغم مع طرح بعض دول الاتحاد الأوربي ومنها أميركا ذات الموقف المتأرجح وقد علمتنا التجارب أن موقف أميركا دائما مع القوي الذي تكون الغلبة لصالحه وهذا ما يفسر تناقضها في المواقف وتذبذبها بين الفينة والأخرى فهل يا ترى هذا بداية لتحالف أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه القائل ( تصالحون الروم صلحاً آمناً وتغزون عدواً مشتركاً من ورائهم فتكون لكم الغلبة .....) ما يعنينا هنا أن إرادة الشعب السوري وطموحه لابد وان يتحقق فكما قال الشاعر : إذا الشعب يوماً أراد الحياة  ... فلا بد للحق أن ينتصر ... ولابد لليل أن ينجلي     .... ولابد للقيد أن ينكسر  ..

وهل أن سوريا اليوم ستشهد مثل ما جرى في العراق إبّان إحتلاله عام 2003م لتكون ساحة تستقطب كل الأضداد المتصارعة عقائدياً وآيدلوجياً لتتم تصفيتها هناك كي تنام إسرائيل وكيانها الصهيوني قريرة العين لتكون الرابح الأكبر وتنفذ حلمها بدولة إسرائيل الكبرى ، ثم ماذا بعد سوريا ونظامها الدموي؟ والتي لا نعتقد صمود النظام فيها لأكثر من بضعة أشهر إذ لو استمر الحال على ما هو عليه فلن يكون هناك شعب اسمه الشعب السوري حيث سيمسي بين قتيل وأسير ومهّجر ومهاجر ولاجئ و ..!! أما ما بعد سوريا فسيكون العراق هو خط الدفاع الأول للحفاظ على النظام الحاكم في إيران , وسؤالنا ماذا سيحل بشعب العراق ؟ هل هي عودة الى تخندق الشعب العراقي بين لواءين الأول سني والثاني شيعي ؟ وهل ستندلع المعارك بين لواء الكاظمية ولواء أبو حنيفة النعمان ؟ وهل سترّوج آلة الإعلام عن الإقتتال بين أتباع الحُسين (عليه السلام) وأتباع يزيد ؟ عندها سيكون الشعب العراقي ضحية وبين فكي رحى ؟ وفي مرحلة سوداوية تأتي على الأخضر قبل اليابس ؟ وتعصف بالغظ والقضيض ؟

ولو أمعنا النظر وحاولنا أن ننظر الى قابل الأيام في رؤية استشرافية سنرى أن الربيع سيجتاح وبوتيرة متناسقة دول عدة عربية وغير عربية ؟ إذ سيبدأ في العراق ولبنان انطلاقاً من طرابلس متزامناً الربيع العربي السعودي الذي سينطلق من المنطقة الشرقية يعقبه الربيع الثوري الإيراني الذي سنعرج على جانب يسير من معطياته على أرض الواقع ، فقيام الإدارة الأميركية برفع اسم حركة مجاهدي خلق الإيرانية من قائمة المنظمات الإرهابية خطوة سياسية متقدمة للغاية وكأنها تعد العدة لربيع فارسي خاصة وأن المنظار العالمي الى السياسة الإيرانية أنها مصدراً نسبياً لكل أزمات المنطقة الدموية العاصفة كون النظام الحاكم في إيران نظام متأزم لا يعيش إلا من خلال الأزمات أو الحروب أو تصدير الثورات ومما يعزز وجهة النظر الافتراضية هذه وجود الكثير من الأوراق التي بالإمكان تحريكها مثلاً عرب الأحواز الشيعة الذين لم يشفع لهم المذهب هناك فكونهم عرب يكفي هذا لإضطهادهم وتجويعهم ومحاولة تركيعهم وخير شاهد كثرة حالات الإعدام التي تتنافى وطموحات العالم الذي يسعى لإلغاء أحكام الإعدام  التي تدندن حولها المنظمات الحقوقية الناشطة ونرى اليوم تسليط الضوء على أبراج المشانق التي قصمت رقاب عرب الأحواز الشيعة وغيرهم من الأكراد السُنّة والبلوش والتركمان و...!!!؟؟؟  

عليه نتوقع أن يتم فتح ملف البلوش .... ملف الآذريين ....ملف الأكراد وحركاتهم المناوئة للنظام الإيراني مثل البيجاك ذو الطابع القومي والحركات الكردية الإسلامية السُنيّة وغيرها خاصة مع تنامي الدور الذي تلعبه داعش وماعش التي تصول وتجول في العالمين العربي والإسلامي فمن زرع لا بد وأن يحصد ... ولا يخفى علينا إذا ما تم العزف على وتر الإصلاحيين ...!!!؟؟؟

نسأل الله أن تعم السكينة والأمن والأمان

حفظ الله العراق وأهل العراق من كيد الكائدين