انهم يقتلون مستقبل العراق |
مرة اخرى يضرب الفساد ضربته ولكن هذه المره يستهدف اعز مايملك العراق الا وهو اطفاله فقد خرجت علينا وسائل الاعلام بخبر مرعب وهو جريمة يندى لها جبين كل شريف كونها تستهدف ملائكة الجنة مستقبل العراق وفلذات اكباد العراقيين . ومما يزيد الوضع مأساوية ان تشترك في هذه الجريمة منظمة دولية تمثل الامم المتحده ووزارة تحمل عنوان وزارة التربية وهي جريمة الغش في تاريخ صلاحية البسكويت الذي من المفروض ان يوزع على الاطفال في المدارس في اكثر مناطق العراق فقرا ويقدم لهم تحت عنوان غذاء مدعم بالبروتين اي من المفترض ان يكون هذا البسكويت غذاء ودواء للفقراء من اطفال العراق . بطبيعة الحال لايجوز القفز على النتائج وتوزيع الاتهامات ولكن ماحصل من تجاهل لهذه الجريمة رسميا واعلاميا يثير الاشمئزاز والتعجب فهل وصلنا الى هذه الدرجة من التعود على الفساد بحيث اصبحت حتى ارواح اطفالنا غير ذات قيمة ولاتستحق ولو خمسة دقائق من البث الحي او حتى التعليق من قبل القائمين على قيادة البلد ويضاف الى ذلك ماحصل من مهزلة اللجان التحقيقية التي سارع البعض بتشكيلها لتقوم بالاعتماد على ثغرات ادارية لتمييع القضية في محاولة لانقاذ بعض المحاسيب وكأن اطفال العراق لم يعد يكفيهم معاناة فقدان الخدمات وانقطاع الكهرباء وتلوث البيئة والانفجارات والمفخخات لتزيدهم الامم المتحدة ووزارة التربية بتقديم الغذاء الفاسد . مما ظهر على وسائل الاعلام وما ابرزه البرلمان الاردني فان السيد وكيل وزارة التربية قد وقع كتابا رسميا يوافق فيه على قيام برنامج الغذاء العالمي بتغيير تاريخ صلاحية المنتج وقد اعتمدت اللجنة التحقيقية التي شكلتها احدى القوى السياسية والتي ضمت في عضويتها محامي وقاضي من اعضاء مجلس النواب وكما جاء في تقريرها الذي نشر على صفحات الشبكة العنكبوتية على وجود اختلاف بين المواصفة العراقية للمواد الغذائية والمواصفة الخاصة بالمواد الصيدلانية لتبرير الفعل ولنتوقف عند هذه النقطة بدون توجيه اي اتهامات ولكن نظرة الى واقعه معينه تثير من القلق والاستغراب حول تناول هذه الواقعه بهذه الطريقة حيث يبدو ان السادة اعضاء اللجنة قد فات عليهم إن هذه الحادثة تعد مخالفة صريحة للمادة رقم 9 من القانون رقم 1 لسنة 2010 الخاص بحماية المستهلك، والتي تنص على (يحظر على المجهز والمعلن ما يأتي : أولاً : ممارسة الغش والتضليل والتدليس وإخفاء حقيقة المواد المكونة للمواصفات المعتمدة في السلع والخدمات كافة . ثانياً : استعمال القوة أو الممانعة مع لجان التفتيش وممثلي الجهات الرسمية ذوات العلاقة ومنعهم من القيام بواجباتهم المناطة بهم أو عرقلتها بأية وسيلة كانت . ثالثاً : إنتاج أو بيع أو عرض أو الإعلان عن :-
رابعاً : إخفاء أو تغيير أو إزالة أو تحريف تاريخ الصلاحية . خامساً : إعادة تغليف المنتجات التالفة أو المنتهية الصلاحية بعبوات , وأغلفة تحمل صلاحية مغايرة للحقيقة ومضللة للمستهلك وقد جاءت المادة 10 من نفس القانون في الفقرة اولا لتعاقب من خالف احكام المادة 9 بالحبس مدة لاتقل عن ثلاثة اشهر او بغرامة لاتقل عن مليون دولار او بهما معا . اي ان اصدار ذلك الكتاب فقط بدون النظر الى اي من الافعال الاخرى التي شكلت تلك الجريمة يجعل الفعل يقع ضمن نطاق الفعل الجرمي هذا بغض النظر عن جسامة الفعل والنتائج التي تترتب عنه. كما يبدو ان اللجنة الموقرة قد فاتها ان غش المواد الغذائية بعدم مطابقتها للمواصفات أو انتهاء صلاحيتها أو عدم وضع البيانات السليمة عليها أو الإخلال الجوهري في العوامل المكونة لتلك المادة يجعل كل من المنتج والعارض والمسوق وكل من يوافق على القيام بهذا الفعل خاضعا للعقاب لأن القانون يفترض فيه العلم بأن هذا الفعل يشكل الجريمة يعاقب عليها القانون . ثم عادت اللجنة الموقرة لتلقي باللوم على برنامج الغذاء العالمي والذي لاينكر دوره في هذه الجريمة ولكن اللجنة الموقرة تناست المبدأ الذي يقول ان الجريمة قد ترتكب بفعل شخص واحد ، كما هو الحال في صورتها العادية ,وقد يتعاون عدد من الأشخاص في ارتكابها . وهؤلاء الأشخاص قد يساهمون كلهم قصدا في إتيان الأفعال المادية المكونة للجريمة , وعندئذ يسأل الواحد منهم كما لو كان قد ارتكب الجريمة بمفرده، إذ أن كلا منهم يعد فاعلا اصليا في الجريمة طالما توافر لديهم جميعا قصد الاشتراك فيها بهدف ابرازهاإلى حيز الوجود،وقد يقوم أشخاص – عن قصد – بإتيان أفعال لا تعتبر في حد ذاتها من الأفعال المكونة للركن المادي للجريمة، ولكنها على جانب من الخطورة والأهمية بحيث لولاها، لما أمكن للفاعل الأصلي أن يرتكب جريمته، كما لو تدخل شخص وقدم للفاعل الأصلي سلاحا أو أدوات أو إرشادات مما يساعد على ارتكاب الجريمة . وبهذه الحاله تكون الجهات العراقية الحكومية قد ساهمت في الفعل الجرمي . ان هذا التحليل يقودنا الى السؤال عن امكانية الحكومة العراقية مقاضاة برنامج الغذاء العالمي حسب قرار مجلس الوزراء بتاريخ 15 كانون الثاني 2014 ؟ وللاجابة على هذا السؤال يجب الرجوع الى الوثائق المتوفرة حاليا حيث ان قيام جهات حكومية عراقية تتمثل في وزارتي التربية والتخطيط بالموافقة على ادخال البضائع موضوع البحث مع علمها بكون تلك المواد منتهية الصلاحية وموافقة تلك الجهات على قيام برنامج الاغذية العالمي بتغيير تاريخ الصلاحية يجعل من الحكومة العراقية شريكا في الفعل الجرمي مالم تثبت الجهات الحكومية ان تلك الموافقات قد صدرت عن طريق افساد المسؤولين الذين قاموا باصدار تلك الموافقات وقيام البرنامج العالمي بهذا الافساد او ان تقوم الحكومة اولا بتوجيه تهمة الفساد الاداري الى المسؤولين الذين قاموا باصدار تلك الموافقات وادانتهم واثبات الصلة بين البرنامج والمسؤولين الذين تثبت ضدهم جريمة الفساد الاداري . اذن على الحكومة العراقية وفي سبيل ان تحقق العدالة لاطفال العراق اتاحت المجال امام نقابة المحامين العراقيين للقيام بواجبها في تمثيل عوائل الاطفال العراقيين ورفع دعاوى ضد البرنامج الدولي وعدم التدخل من قبل الحكومة التي من الممكن ان يؤدي تدخلها الى تمييع القضية وجعلها تدور في اروقة الشكليات القانونية التي تؤدي الى ضياع حقوق الاطفال العراقيين وخصوصا مع الفقرة الاخيرة التي وردت في تقرير اللجنة التحقيقة التي تؤكد على عدم وقوع اي ضرر باطفال العراق وكأن تعريض صحة الاطفال العراقيين للخطر من احتمال استهلاك ذلك البسكويت لاتعتبر جريمة من وجهة نظر اللجنة الموقرة . كما ندعو نقابة المحاميين العراقيين الى القيام بدورها الرئيسي في الدفاع عن حقوق المواطنين العراقيين وخصوصا الاطفال وعليهم جمع التوكيلات من العوائل لرفع الدعاوى المدنية والجزائية ضد كل من يثبت اشتراكه في هذه الجريمة سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة وكذلك دعوة الى جهاز الادعاء العام سيف الشعب العراقي للمباشرة بالتحقيق والقيام بالاجراءات القضائية . وعلى الحكومة العراقية الشروع منذ الان بالإعداد لتطبيق النظام الدولي الذي تم إقراره في منظمة "الايزو" العالمية تحت اسم كود الممارسات الأخلاقية الذي يمكن أن يسهم بدور كبير في التعامل مع هذه الحالات مستقبلا بحيث يقوم الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية بوضع قواعد وآليات تطبيق هذا النظام طبقا لظروف واحتياجات الاستثمار والصناعة في كل دولة بما يحقق في النهاية النتائج التي يستهدفها. أن الكود الأخلاقي الذي يمنع الفساد الاقتصادي يجب ألا يقتصر على الأفراد بل يشمل الجهات والهيئات بالدول المختلفة ويلزمها بضرورة اتباع النظم الدولية في إصدار المواصفات ومنح الشهادات، وأن يتم مراعاة الشفافية ومشاركة كل المعنيين بما فيهم المستهلكون في هذه الأنشطة من دون القيام بأعمال متعارضة.
|