المغتربين العراقيين ثروة مهدورة بإنتظار تشريع وزارة المغتربين


يقدر عدد المغتربين العراقيين الذين تركوا العراق وقصدوا المنافي في صقاع المعمورة  طوعاً او كرها ً, وعلى شكل موجات بدأت منذ ستينيات القرن المنصرم وليومنا هذا, بقرابة الخمسة ملايين عراقي, اي انهم يشكلون حالياً مانسبته سدس الشعب العراقي. ولقد استطاع عدد كبير منهم تطوير انفسهم علمياً واكاديمياً ومهنياً وأقتصادياً بحصولهم على شهادات في اختصاصات مختلفة من ارقى الجامعات العالمية والمعاهد الشهيرة, ونجح عدد غير قليل منهم في كسب خبرات عملية من خلال  نزوله الى سوق العمل وفي المجالات المختلفة, بل اكثر من ذلك ان عدداً لابأس به منهم استطاع بمثابرته الوصول الى مناصب عليا كخبراء في مؤسسات عالمية حساسة كالأمم المتحدة او حتى وكالة ناسا الامريكية الشهيرة. ويقيناً ان هناك الكثير من الكفاءات والطاقات التي يزخر بها المغتربون العراقيون في المملكة المتحدة والدول الاسكندنافية والمانيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبقية المنافي. 
إن الكثيرمن المغتربين العراقيين كانوا ومازالوا يتطلعون للعودة الى بلدهم الأم العراق للمساهمة في اعادة اعماره وبناءه وتوظيف الخبرة الواسعة التي اكتسبوها خلال حياة المنفى, لكن ومن المؤسف له حقاً أن العراق الجديد الذي ناضل وجاهد الكثير منهم في سبيله لم يستطع ان يستقبلهم, وظلت ابوابه مغلقه بوجوههم بسبب البيروقراطية التي تتحكم بمؤسساته حتى بات العراق من الدول الطاردة للكفاءات. 
إن دولاً اخرى في المنطقة نجحت في الاستفادة من طاقات وكفاءات ابنائها المغتربين واضرب  لذلك مثلاً كل من لبنان وسورية قبل حدوث الازمة فيها. ان هاتين الدولتان نجحتا في  ادامة التواصل مع مغتربيهما من خلال اجتراحهم لوزارة تعني بهم الا وهي وزارة الخارجية والمغتربين. ففي كل من سورية ولبنان لايقتصرعمل وزارة الخارجية على الشؤون الديبلوماسية والقنصلية واقامة العلاقات مع الدول وتطويرها فقط, بل تعداه الى التواصل المباشر مع المغتربين وجعل ذلك جزءاً اساسياً من عمل هذه الوزارة لذا سُميت بوزارة الخارجية والمغتربين, ولانبالغ اذا ما قلنا ان اقتصاد لبنان وسورية الى حد ما يعتمد بشكل  اساسي على مايقدمه المغتربون من حوالات واستثمارات, وكذلك مساهمتهم الفاعلة في نشاط مؤسسات الدولة. 
وفي اعتقادي إن ادامة التواصل مع المغتربين العراقيين يُعد الخطوة الاساسية للإستفادة من طاقاتهم, ومن ثم إشراكهم في عملية اعادة تأهيل العراق, ولأجل ذلك اقترح أن يصار الى توسيع عمل وزارة الخارجية العراقية ليشمل المغتربين إسوةً بوزارة الخارجية والمغتربين في كل من سورية ولبنان, أو انشاء وزارة خاصة بإسم وزارة المغتربين تعتني بشؤونهم. ان الثمرة من ذلك ستظهر حينما يقرر المغترب العراقي العودة الى احضان الوطن فبدلاً من دخوله معمعة مراجعة دوائر الدولة واصطدامه بالروتين الممل والبيروقراطية القاتلة, يكون تعامله مباشرة مع وزارة المغتربين والتي بدورها تكون قد أنجزت مهمة الاستفادة من كفاءة المغترب من خلال التواصل معه ومن ثم مع مؤسسات الدولة  العراقية ذات الصلة بإختصاص المغترب كأن يكون طبيباً او خبيراً ماليا, او مصرفياً او مهنياً او رجل اعمال ناجحا, او استاذا جامعياً او عالماً وهكذا.
يُفترض بمجلس النواب القادم ان يعمل على تشريع قانون وزارة المغتربين وبالطريقة التي  تمكن الدولة العراقية من الاستفادة من كفاءات وطاقات المغتربين العراقيين كونهم ثروة وطنية مهدورة. ولو قُدر لي أن اكون عضواً في مجلس النواب القادم لما ترددت لحظة في تبني قضية ألمغتربين العراقيين, وخلق لوبي داخل مجلس النواب يأخذ على عاتقه وبالتعاون مع الحكومة القادمة تشريع قانون يلزم الدولة العراقية بإستثمار هذه الثروة المهدورة اعني بهم المغتربين وتوفير الارضية المناسبة لعودتهم, لأن مستقبل العراق مسؤولية أبنائه جميعاً على حد سواء من كان منهم في الخارج او في  الداخل, وبعضهم يكمل  بعضا. إن عودة المغتربين ستكون مكسباً كبيراً لبلدنا الحبيب العراق, والتفريط بهم كبيرة لاتغتفر