مدينة الكرم والمضايف أفقر محافظات الوطن

 

مدينة صنفها تقرير وزراة التخطيط أفقر مدن العراق , وكرم أهلها يضعها على خط الكرم.
مدينة,,, يبكي من يدخلها أول مرة , ويبكي حين يخرج منها , هكذا وصفها ضيوفها من موظفي الدولة من باقي محافظات الوطن لمن يكون لهم نصيب العمل فيها, بعدها وغوصها في الصحراء   يبكيان من يدخلها أول مرة, وطيبة أهلها وكرمهم وألفتهم يبكيانه حين يفارقها ويفارق أهلها الطيبين.

 تحضرني شهادة بكرم وحسن الضيافة والجزالة  لآهل المثنى لتكون مقدمة تعريف  , شهادة كتبها شخص لتحفظها ذاكرة التاريخ  , ذكر السير جون ياغوت غلوب الملقب أبو حنيك القائد البريطاني في الجيش العراقي أبان الآنتداب   في كتابه حرب في الصحراء, قال عندما كنت مكلف في واجب لصد هجمات ناصر الدويش وأبو حثلين قيادة  الحرب الوهابية على أبناء الجنوب العراقي   ,وفي أحد الآيام ولم يكن معي من العدة والعدد  ما يكفي لكي أدافع عن كل العراقيين المنتشرين على مساحات شاسعة من البادية وكل ما  كان معي غير دبابة واحدة وطائرة لم يكن فيها من الوقود مايكفي التحليق وقد احتفظنا بقوتها للمهمات القتالية, فوجب علي أن أجد طريقة أحمي القبائل العراقية من بطش وجرائم فلول أبن سعود, فأستقر الآمر على أن أطلب من العراقيين أن يهربوا ويبتعدوا عن شر القتله , ونبقى أنا والقوة المقاتلة  وراء القوم لضرب هجانة الدويش  , وفي أحدى الليالي وبعدما اطمئنا بأن العدو يحتاج الى يومين للوصول الينا , أمرت من الشخص الذي يقوم بخدمتي ومن الصدف أن يكون هذا الشخص هو خادم أبن رشيد الذي نجى بنفسه ولجأ الى الجانب العراقي , فقلت له هل لديكم من الطعام ,فقال بحسه العربي البدوي , سوف يزعل العرب العراقيين  عندما يشاهدون النار في مخيمنا , فقلت له ما سبب زعلهم فقال نحن العرب نكرم من يقوم بحمايتنا , وبالفعل لم يمضي من الوقت حتى طل علينا شاب وقال بلهجة العرب , (عشاكم جاهز ) , فذهبنا انا وقوتي , فوجدت العشاء يدل على كرم وضيافة واستقرار النفس ورباطة الجأش , وجدنا ذبيحة كاملة , فضولي وحس العسكري دفعني للتعرف كم يمتلك هذا الرجل الكريم من المال حتى يقدم لنا هذة الوليمة, فوجدت ما أدهشني بأن الرجل لا يمتلك غير ستة رؤس  من الماشية لا غير , عجبت كثيرا لآمر هذا الرجل الكريم لقد أكرمنا بثلث ثروته, ويذكر أبو حنيك ان الرجل  الكريم   أحد أبناء عشيرة الجوابر من بني حجيم.

 مدينة المضايف والجود  نالت من التهميش والحرمان بحجم تضحياتها وانتماء أهلها للوطن ,فعاقبها النظام لتاريخها, انها مهد الثورة والرفض لكل طاغي وظالم ,هذا التاريخ المشرف والمطرز بالتضحيات جعل من رأس السلطة أن يمعن بالظلم والتهميش وعدم الآهتمام بالواقع المعاشي والصحي والصناعي والزراعي, أهمال لكل مناحي الحياة ,مدينة كل شئ فيه قريب من العدم , ان لم يكن العدم بعينه.

 الآرث الهائل من التخلف والدمار وفقدانها للبنى التحتية  أوجد عبئا كبيرا على ادارات المحافظة المتعاقبة ما بعد التغيير فقد أربكهم  وأفقدهم الكيفية بالنهوض بواقع المدينة ليعنكس خيرا على أبناء المحافظة ,  لم  يكن هذا السبب الوحيد ببقاء عجلة التطور والتنمية ترواح في محلها أو يكون الفشل نتيجة طبعية لكل مشروع خدمي  لفقدان العقلية العلمية والآدارية والمهنية لوضع الخطط والدراسات الناجعة وتنفيذها بسقف زمني يمنحها فرص النجاح اكثر من فرص الفشل , وقد اشترك أبن المحافظة  في صناعة الفشل  بأنتخابه الشخص الغير مناسب  والغير كفوء لآدارة وقيادة ورسم مستقبل مدينته ,كلما اهتم الناخب بصوته ويقيمه على انه قوة وارادة  تغيير ومسؤولية   توفرت فرص  الرقي, وان لا يقلل من حظورة في القرار من خلال صوته.

فقد عجز الصوت الجماهيري الواعي والمثقف والمدرك المستقل والغير مسيس من ايصال الآجدر والآصلح الى مجلس المحافظة وبرلمان الدولة لتحقيق طموحات وأمال أبناء المدينة , عجز أمام الصوت المسيس والحزبية والتبعية والمحسوبية ورأس المال ,فهذا لا ييعني انقطاع السبل وانحسار الفرص من أمام  الطبقة الواعية ومنظمات المجتمع المدني من ممارسة عملهم وواجبهم ,بل هناك طرق عديدة لآيصال مظلومية المحافظة وواقعها المأساوي للحكومة المركزية  والمطالبة  بأعطاء محافظة المثنى  وضع خاص  نظرا للضروف الآستثنائية التي تعيشها المدينة والآنتكاسات  التي تمر بها سير عملية البناء والآعمار والتنمية  والمطالبة بزيادة حصتها من ميزانية تنمية الآقاليم ومن المشاريع الآستراتجية الكبرى  التي توفر فرص العمل لآبناء المدينة والآهتمام المباشر من حكومة المركز بالقطاع السياحي  والآستفادة من الآرث الحضاري لآثار الوركاء  والجغرافي لبحيرة ساوة  وبناء المرافق السياحية العصرية وتشجيع شركات السياحة العالمية والآستفادة من خبرتها وأصدار دليل سياحي وموقع ألكتروني لهذين الموقعين لكي يتعرف عليها المستثمر من الشركات ورجال الآعمال,  وجعل مهمة تطويرهما مهمة وطنية  .

 للآسف مازالت الخبرة والآبداع وتقديم الآفكار  بعيدة عن عقلية من  يتصدى لمهمة التخطيط وأدارة عجلة التنمية وعلى أساس علمي ممنهج وفق متطلبات العصر ومستجداته .عملية البناء والتخطيط التي تشهدها المدينة أسيرة رغبة الماضي ,فلم يشاهد أي لمسة علمية وحضارية لكل منجز ,حصر الآعمار وبناء مرافق الدولة الخدمية  في مساحة محددة  يفقدها المسحة الجمالية  لآنها أساسا مقيدة بعنصر  المساحة , بناء المدينة وأعماراها ورفع المستوى المعاشي لآبنائها   مهمة الجميع وبتظافر الجهود, ومشواره طويل بدايته   اختيار الآفضل والآكفئ  .