في عالمنا اليوم يصدق المثل القائل "ألف صديق ولا عدو واحد"، وقد يجتمع في حوزتك عشرات بل مئات الآلاف من الأصدقاء ممن لم تتوفر الفرصة للقائهم المباشر بل تصادقهم من خلال صورهم وافكارهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من أن هذه الثروة الكبيرة من الأصدقاء تعد للوهلة الأولى امتيازا فانها من وجهة أخرى ليست كذلك، فالبعد المكاني والتعرف الجديد على سيرة صديق ما قد تضع ما يدعيه لك في خانة الكذب أو في الأقل يضعه المتلقي في حقل الشك أو سوء الظن.
في بحث مترجم نشر بجريدة الصباح يقول ان الكذب آخذ في التوسع بأساليبه ويعادل من آثار هذا التوسع تصاعد القدرات على اكتشافه والإمساك بالكاذبين. وما يعد أكبر برهان على ذلك أن القائد العسكري ورجل المخابرات المركزية الأميركية الجنرال بترايوس كانت بعض بياناته في بريده الالكتروني من بين أسباب افتضاح علاقته الغرامية مع كاتبة سيرته. وتعلق الجريدة على ذلك بأنه إن كان مدير للوكالة المركزية الأميركية لم يفلت من ملاحقة خصوصياته وفضح كذبته فلا بد أن انكشاف كذبات الآخرين من أمثالنا أيسر بكثير.
كثيرة هي التوجيهات من منابر السياسيين ومن منصات الخطابة دينية وعامة وحتى ثقافية باتجاه دعم الانتخابات وحث المواطنين على المشاركة والاستفادة من حقهم الديمقراطي في الحياة، في المقابل قليلة هي الخطابات الموجهة للتكوينات السياسية التي تطرح مرشحيها أمام الناخبين. ففي هذه الأيام تطرح في الأخبار أسماء كتل وتنظيمات وتجمعات استعدادا لخوض الانتخابات وتبدأ الدعايات الانتخابية رسميا في غضون الشهرين المقبلين.
ما يستحب هنا أن لا تكون الدعايات مجافية للواقع ولحقائق الأرض وأتمنى أن يجاهد السياسيون ضد الوعود المضللة والادعاءات الكاذبة، وأعتقد أن لا أحد يحب أن يوصف بالكذب، إن كان بالفعل يريد أن يكسب ثقة الجمهور.
في استبانة أجريت أعطي المشاركون 555 صفة من الصفات الشخصية وطلب منهم ترتيبها من الأحب الى الأذم كانت الصفة السفلى في سلم الاستبانة صفة كاذب. وهي نتيجة تلتقي وثقافتنا الاسلامية إذ كثيرا ما نذكر في تنظيراتنا بواحدة من قيم السماء وهي ان المؤمن قد يقدم على معصية ما، لكنه لا يكذب، وهو ما نأمله ممن يرشح نفسه لموقع المسؤولية في تمثيل الشعب.
في وسائل الاعلام نسمع تصريحات الكثيرين عن مسؤولية المواطن كناخب في اختيار العناصر الكفوءة الموصوفة بكذا وكذا وتثير الدعايات العامة الحماس للمواطن كي يشارك في الانتخابات لكن القليل من تصريحات أولئك يثقف المرشح لاقتفاء الصدق في دعايته الانتخابية والبعد عن تضليل الناخبين بالتوصيف المزيف والسير الذانتية المزيفة والشهادات الأكاديمية التي لا تعني الكثير في القياسات الديمقراطية للعالم المتمدن، بل الأهم من كل ذلك توفر المرشح على خبرة وثقافة واسعة تؤهله للوصول الى المؤسسة التشريعية. وصدق أمير المؤمنين ع حين قال: رحم الله امرءا ً عرف قدر نفسه.