قضية عبدالزهرة زكي


لا شكّ عندي في ما أعلنه الناطق باسم وزارة الداخلية وعمليات بغداد العميد سعد معن. وما أعلنه هو ان وزارته ستحقق في ما تعرّض له الشاعر والكاتب المعروف عبد الزهرة زكي منذ ثلاثة أيام في عرض شارع ابو نواس وفي عزّ النهار على يد قوة أمنية. لكنّ الشك في النتيجة.
من المرجح أن تعلن وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع أو كلتاهما معاً ان التحقيق أسفر عن النتيجة التالية:تصرف فردي لا يجب تعميمه! هذا مرجح تماماً، فليس ما يُمكن له أن يحفظ ماء الوجه، بحسب تفكير الوزارتين، غير كلام من هذا النوع، لكننا نعرف ان هذا غير حقيقي.
الاهانة غير المبررة التي تلقّاها عبدالزهرة زكي ودفعته لاعلان اعتكافه في البيت والتوقف عن الكتابة وعن العمل في مؤسسته (اعلام رئاسة الجمهورية) ليست حالة فردية، وليست خطأ منعزلاً .. انها ممارسة منتظمة يحدث العشرات منها يومياً عند العديد من نقاط التفتيش الدائمة والمؤقتة، وبعيداً عنها أيضاً عند نقاط الحراسة الخاصة بالوزارات والمؤسسات الحكومية، واثناء عمليات الدهم والتفتيش، أي حيثما توجد قوة عسكرية أو أمنية كبيرة أو صغيرة.
قد نجد من يبحث عن ذريعة تبرر لرجال الأمن ارتكاب أخطاء شنيعة من قبيل اهانة المواطنين من دون أي مسوّغ، بالقول ان الحال الأمنية المتوترة بسبب الارهاب تضع رجال الأمن في موضع الوقوع في الخطأ. لكن هذا بالذات ما يُفترض أن يجعل أجهزة الأمن أكثر تحوطاً لارتكاب الاخطاء، فالشرط الرئيس لنجاح هذه الاجهزة في عملها أن تكتسب احترام الناس لها لا نقمتهم عليها .. الاحترام النابع عن الحب لا الناجم عن الخوف.
المعركة ضد الارهاب والجريمة المنظمة،لا يُمكن كسبها من دون تعاون المواطن المدني.. هذا المواطن لا يُمكن له أن يتعاون مع أجهزة لا تحترمه، ولا تحفظ كرامته .. وبكل صراحة فاننا لم نشعر حتى الآن بان أجهزة الأمن لنظامنا الجديد تختلف في شيء عما كانت عليه أجهزة نظام صدام من عدم احترامها المواطن المدني ... معظم رجال هذه الاجهزة، سواء التابعة للدفاع أم للداخلية، يبدون غلاظاً في تعاملهم اليومي، بل ان بعضهم يبدو في منتهى الجلافة. (للحق هناك من يتصرف بخلاف هذا، لكنه الاستثناء).
ليست هذه هي الأجهزة العسكرية والأمنية التي ناضلنا وعملنا طويلاً من أجلها لتكون بديلاً عن أجهزة صدام وسواه القمعية.
قضية عبدالزهرة زكي ليست قضية فردية أو حالة منعزلة وليست قضيته وحده.. انها قضية كل مواطن مدني يجد ان الود مفقود بينه وبين العسكري ورجل الامن.
وزارة الداخلية ووزارة الدفاع مطلوب منهما بالحاح إعادة تربية رجالهما، ضباطاً ومراتب، بما يتوافق مع احكام الدستور الذي ألزم الدولة وأجهزتها بكفالة كرامة المواطن، المدني كما العسكري، وبما ينسجم مع مباديء حقوق الانسان... لابدّ أن تدرك الوزارتان ان رجالهما، بمن فيهما الوزيران، موظفون لدى الشعب وليس عليه.