كرامة مثقف... كرامة وطن

 

لم يمض يوم واحد على اعلان رسالة الشخصية الديمقراطية الصديق الشاعر عبد الزهرة زكي، المثقف المتلزم بقضايا شعبه، المهموم كأي مثقف عضوي بألم العراق وفجيعته، وإعلان توقفه عن الكتابة واعتكافه في البيت منتظرا الموت او مغادرة العراق، وهو بمثابة اضراب للتعبير بمعنى معين عن موقف وفعل، اثر تعرضه (إلى اعتداء سخيف من قبل شرطة يعملون ضمن دورية مشتركة في شارع ابي نواس) كما جاء في الرسالة التي نشرها على صفحته الشخصية في صفحة التواصل الاجتماعي ( فيس بوك).
 لقد حظيت هذه الرسالة باهتمام واسع من لدن جمهرة كبيرة من المثقفين والاعلاميين ونشطاء المجتمع المدني والمدونين الشباب، اذ عبروا عن تضامنهم مع الشاعر، وسخطهم على الاساليب التي يلجأ اليها الامنيون في السيطرات.
 
لم يمض يوم واحد على ذلك حتى صرح السيد عقيل المسعودي، رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة كربلاء، إلى (المدى برس)، عن اقتحام قوة من جهاز مكافحة الارهاب مستشفى الحسين وسط كربلاء وقيام عناصرها بالاعتداء على موظفي المستشفى بالضرب. ويبدو ان مداهمة المؤسسات الحكومية هي ليست الاولى فقد حدثت في المحافظة عدة مرات سابقا دون علم قيادة العمليات والحكومة المحلية، كما بين السيد محمد الموسوي، رئيس لجنة الثقافة والاعلام في مجلس محافظة كربلاء، للمصدر ذاته.
ومن الضروري الاشارة هنا الى ان الشاعر عبد الزهرة زكي ليس هو المثقف الوحيد الذي تعرض الى سوء معاملة في احدى سيطرات بغداد، بل تعرض غيره عشرات المثقفين الى المس في الكرامة وعلى مدار هذه السنوات، كما يتعرض الى صنوف الاذلال اعداد غير قليلة من المواطنين، هذا الى جانب سد الطرق والتأخير غير المبرر عند السيطرات، اذ نشهد احيانا تأخيراً لا يرافقه تفتيش او اجراءات بل تعطيل سير مفتعل.
ان كانت الحادثة التي مرت على الشاعر عبد الزهرة زكي هي ليست الاولى، كما ان اقتحام قوة من جهاز مكافحة الارهاب مستشفى الحسين وسط كربلاء، هي ليست الانتهاك الوحيد الذي حدث في كربلاء، فمازالت الذاكرة تراودها مشاعر الالم والمرارة والسخط على ما جرى للكابتن محمد عباس مدرب نادي كربلاء الرياضي، على يد القوات الامنية، ثم اعلان وفاته يوم 30-6-2013.
 
والسؤال متى يمتثل بعض عناصر القوات الامنية الى احترام حقوق الانسان، وكيف يفهم العنصر الامني الذي يسيء للمواطن ان واجبه الاساس يكمن في حماية المواطن وحفظ كرامته؟ وهل يعرف عناصر المفرزة التي ضربت المدرب محمد عباس، ان حب العراق هو الذي جاء به من هولندا الامنية الآمنة والمستقرة، متطوعا لرفع شان الرياضة في العراق؟.
 وكيف يفهم العنصر الامني ما قاله  الشاعر عبد الزهرة لوفد من وزارة الداخلية قدم له الاعتذار في بيته: (ما كان لي أن اتخذ الموقف الذي اتخذته إلا إصرارا من أجل الكرامة، والذي لا يستطيع الدفاع عن كرامته لن يقوى على الدفاع عن كرامات الآخرين وحقوقهم وحرياتهم.)!