العراق تايمز: كتب غسان العزاوي...
قد تكون هناك حقيقة خفية مغايرة لما هي عليه أمام الملأ فمجتمعنا المتزمت قد يمنح البعض الضوء الأخضر للتلاعب بمصير الآخرين ويجبر البعض على غض النظر والتزام الصمت إزاء من يتطاول او يعتدي وان كان الاعتداء دون سلاح فاللسان سلاح ذو ألفِ حد . قضية غيرت مصير الكثير من المحصنات بعد ان حاولن إصلاح نصفهن الآخر وأصبحن منبوذات في مجتمعنا لأنهن اخترن الانفصال عن أشخاص ربما كانوا غير كفوئين اجتماعيا ولم يحلموا بحياة مستقرة وهادئة مبنية على الحب والاحترام المتبادل ولم يكونوا أهلا لحياة زوجية مثالية . ولا يستطيع الإنسان أي كان جنسه تحمل ما لا يستطاع احتماله وخصوصا شريك لا يفهم او لا يتقبل رأي الآخر او ربما يدرك خطأه وهو بحاجة الى المساعدة فيرفض مساعدة شريكته وان كانت إنسانة مثالية ليترجم هذه المساعدة على أنها استصغار وعدوانية ولتكون ردة الفعل غير متوقعة إطلاقا وبعد ان تنفصل الزوجة بعد إصابتها باليأس ممن معها فـ ( للصبر حدود ) تسمى مطلقة والمطلقة هي من اختارت الانفصال عن شريك حياتها تحت أي سبب من الأسباب وان لم تخطيء فللإنسان حرية الاختيار مع من يقضي حياته وان الحياة الزوجية هي حياة شبه أبدية أي إنها ترافق الإنسان حتى مماته لذا فلا بد من اختيار الشريك المناسب لهذه الحقبة المهمة من حياة أي شخص تطرقنا في تحقيقات سابقة إلى نسب الطلاق التي فاقت المتوقع والتي أدت إلى انفصال الكثير من الأزواج عن زوجاتهن لكننا لم نذكر تفاصيل وأسباب حالات الطلاق التي عصفت بأعشاش الزوجية وان لم تكن مستقرة وفيها نوع من التذبذب .في اغلب حالات الطلاق تعتبر المرأة هي المذنبة وان لم تكن كذلك فهي منبوذة لأنها طالبت بحقها وحريتها واختارت الانفصال عن زوجها حتى وان كان غير أنساني او جاهل فكريا او مريض نفسيا وهذه هي النظرة التي أجبرت الكثيرات على تحمل أخطاء شركائهن والسكوت عن الجرائم التي ترتكب بحقهن وأنواع التعنيف الجسدي والنفسي الذي يتعرضن له على ابدي أشخاص يسمون أزواج وهم بعيدون كل البعد عن الزوجية وحياتها النقية والبيضاء . وان كنا رجالا فهذا لا يعنى إننا لا نحس بالنصف الآخر وما يعانيه أو نقلل من شانه بل إننا نحرص على أن ينال حقه اجتماعيا . واقع حال
إن اغلب المشاكل التي تحدث بين الزوج والزوجة سببها الظروف المعيشية وتفاصيلها المتعددة لا سيما مع انتشار البطالة والعوز وأزمة السكن وغيرها من الأمور التي تعاني منها شريحة كبيرة من أبناء شعبنا وخصوصا الشباب الذين نراهم كل يوم في ساحات العمال التي تكتظ بهم منذ ساعات الفجر الأولى وهم يتبعون السيارات بهرولة يتدافعون باحثين عمن يعملون لديه ليوم او اثنين والهدف تامين لقمة العيش التي يحتاجها أبنائهم . ان هذه الساعات التي تقضى في هياكل العمل تؤدي إلى ضغط نفسي كبير يشكوه العامل في ظل ساعات العمل الطويلة وما يتبعها من جهد عضلي ونفسي وصراخ رب العمل وأصوات المعدات الثقيلة التي تستخدم حينها ونتيجة كل تلك الضغوطات إنسان منهك جسديا منفعل نفسيا لتكون الزوجة أداة لامتصاص ردة الفعل لكل تلك الضغوطات وما يتبعها من غضب وعواقب أخرى حيث يتوقع الزوج ان الزوجة والأطفال هم السبب الذي يدفعه الى تحمل كل هذا التعب والإرهاق وان لم يجد العمل فالمصيبة اكبر والعائلة بحاجة إلى مصاريف يومية ودخل ثابت لتامين المأكل والإيجار وفاتورات المواد الأخرى والتي تحتاجها العائلة . لذلك يضطر الزوج إلى صب جام غضبه على زوجته فتقوم المشاكل بينهما ويوم بعد أخر تتضاعف هذه المشاكل لتكون سببا في الكثير من حالات الانفصال بين الزوجين . وتعد السنوات الأخيرة أي بعد 2003 تفاقمت حالات الطلاق ولأسباب ذكرناها ومنها لم نذكرها كالمسلسلات المدبلجة والتي تحرض على الخيانة الزوجية والطلاق والأسلوب اللااخلاقي في المعاشرات والعلاقات العاطفية ومنها أيضا توفر أجهزة الاتصال كالهواتف المحمولة والانترنت والتي تنشر وترسل مقاطع وصور تحفز الأعضاء الجنسية على ارتكاب الموبقات بأنواعها وهذا ما كان السبب وراء الخيانة التي هي سبب أساس في افتراق الكثيرين .
الفضولية والثرثرة أحيانا أن المجتمع الشرقي بصورة عامة لا يبدي أي احترام للمارة الثرثارة وهناك الكثير من النساء يجبرن أزواجهن على ضربهن او الإساءة إليهن بأي شكل من الأشكال ليست كل من انفصلت عن زوجها على حق حيث ان الكثير من النساء يقدمن على فعل أشياء تثير غضب أزواجهن كزيارة الجيران دون إذن او الإسراف الكثير في المال الذي يشقى به الزوج او الوقوف إلى جانب أبنائهن ان ارتكبوا خطا و الخ ... لذلك يكون الزوج مجبرا على إيقاف هذا النوع من الاستصغار لرب الأسرة الذي يعتبر صاحب القرار والمسؤولية فيه . وللأسف ان غض الزوج نظره عن هذه الحالات مرة واثنتين تعتاد الزوجة على ذلك وتكون محط استصغار للآخرين مؤثرة على زوجها وأبنائها لكونها فضولية وهو واقع ذكره أفراد من خلال تجاربهم الاجتماعية المتواصلة لذلك تكون الثرثارة والفضولية تستحق الطلاق أحيانا.
مطلقتين في منزل تروي أحداهن روايتها مع زوجها حيث بدأت حياتها معه منذ أكثر من عشر سنوات وحين اشتد الحصار الاقتصادي على العراق فيما مضى وانفصال شقيقتها عن زوجها وهي تتحمل أنواع الشتم والضرب والاهانات من زوجها الذي كان لا يحترم شيء اسمه زوجه وكان يقضي أيامه عند أهله تاركا إياها في بيت شقيقها مع طفلتين وهو لا يملك ثمن علبة سكائر . تقول (ص .م) " أنها تحملت منه أنواع الإساءة فكان يضربها ويشتمها وأهلها وهي لا حول لها ولا قوة ألا ان تصبر " وتكمل " حين كنت اطلب منه ان يعمل او يجلب القوت لي ولطفلتي كان يغضب كثيرا ويهددني بان يطلقني ومرت ليالي وأنا أنام دون عشاء وطفلتيَّ يبكين من شدة الجوع وهو يتركنا دون ان يهتم لنا وبعض الأحيان كانت زوجة اخي تطعم الطفلتين وتجلب لي العشاء لأنها كانت تسمع بكائهن وهي امرأة طيبة وكانت تسكنني دون مقابل وأكثر من مرة هددتْ زوجي بان تعاقبه قانونيا لعدم مسؤوليته وهذا ما جعله يترك موضوع الطلاق كونها كانت تسكننا معها دون مقابل فيما كانت تسكن دارا مستأجرة وتدفعه لوحدها حيث كانت تكد وتعمل كعاملة باجرة يومية أي أنها تحملت مسؤوليتي مع الطفلتين وزوجي يهددني بالطلاق وكل ما اطـــلب منه يكـــــــــرر " سوف اراصفك بشقيقتك " وكنت أخشى على سمعة اهلي فبنتين مطلقتين يعنى ان الخلل من العائلة . ومررت بايام لن أنساها لما كانت تتسم به من قساوة ومرار لكني تحملتها خشية ان يساء لسمعة أهلي فالمطلقة كلمة كبيرة ولها أكثر من معنى .
يستهزئ بها أثناء الصلاة وتقول ( شيماء عبدالرزاق ) وهي موظفة " عندما اتجه صباحا الى الدوام اشعر بإحساس غريب بداخلي فانا مطلقة منذ سنتين ومن ذلك الحين وانا اواجه ازمة نفسية فحين أسير في الشارع مثلا أحس ان هناك من يتكلم عني وعندما ينظر الي احدهم أحس بانه يذمني بعينه ولذلك لم اعد اضع المكياج وانا ارتدي الرداء الاسود غالبا وعلى الرغم من اني ارتدي الحجاب والعباءة لكني أحس ان في نقص ما في وضعي الاجتماعي فمجتمعنا لا يرحم والمطلقة فيه مذنبة وان كانت هي من تعرض للانتهاك وفصلت نفسها عن إنسان ناقص فكريا ومهنيا واجتماعيا " وحين سألناها عن سبب الانفصال اجابت " كانت زوجي سائق وهو على علاقات مستمرة مع نساء اغلبهن من بنات الهوى وهي يتصل عبر هاتفه حتى الصباح مع مشبوهات ولا ينفك عن خيانتي حتى ان الدرجة وصلت به الى ان يستهزئ بي أثناء صلاتي ويقلد على حركاتي الركوع والسجود وحين اكلمه يوجه لي الاهانات بأنواعها وحين وصلت الى درجة الصفر من الأمل بإصلاحه قررت رفع دعوى ضده وتركت كل مالي من حقوق لكي انتهي من الكابوس " والان ماهو وضعك الاجتماعي " وضعي الاجتماعي الأسري ممتاز فلم تعد هناك مضايقات انا اعيش مع امي وشقيقي ولي كل الاحترام والحنان في المنزل لكني اكمر بازمة نفسية من اسم مطلقة وهي شعور ذاتي وإحساس غريب.
خيانة انترنيتية في المحكمة وأثناء تواجدنا مع القاضية زينب محمد المهتمة بالشؤون المدنية ذكرت حالة ربما مثيرة للدهشة . وهي ان هناك سيدة طالبت المفارقة الزوجية بعد ان اكتشفت خيانة زوجها . ولان الخيانة أصبحت من الأمور الطبيعية في مجتمعنا من أي طرف كان فالحالات الشاذة كثيرة منها نفسية وأخرى أخلاقية . لكن حين تكون الخيانة عبر الأقمار الصناعية فهي من الغرائب وذكر في محضر الدعوى " أن الزوجة لاحظت انعزال زوجها عن المنزل في غرفة منفصلة وجهزها بمحتوياتها وكناه يروم الاعتكاف وحين يقترب منه احد أطفاله يغضب ويصرخ ويطرده من تلك الغرفة ليوصد الباب لساعات واستمرت الحالة لأشهر حتى أيقض احد الأطفال أمه ليلا لترى أن زوجها نسي غلق الباب وقد تعرى تماما أمام جهاز الكومبيوتر ومقابله امرأة لا تعرفها بدالته نفس المنظر " وعلى ذلك طلبت الزوجة الطلاق من زوجها رغم ارتباطهم بثلاثة أطفال لما أقدم عليه وهو قد بلغ الأربعين عام .
المطلقة أم الأرملة وحين اتخذنا الموضوع باهتمام أكثر ولان ننصف القضية سألنا أكثر من رجل وشاب عن رؤيته للمرأة المطلقة لاعتباره استبيان متواضع لأدراك حقيقة ما يقال وما يجرى وسألنا أيهما تختار الأرملة ام المطلقة كزوجة لك ولكن الأغلب قد أجاب " الأرملة " ومنهم من قال " المطلقة أو الأرملة " لا فرق بينهما. وعن سبب اختيار الأرملة أجابنا احدهم " ان الأرملة هي امراة فقدت زوجها رغما عنها أي إنهما وان كانا منسجمين او على حب فالقدر كان اقوى وتركها وحيدة دون زوج لكن المطلقة هي من كانت على خلاف مع شريكها و تطلقت منه لأسباب وربما تكون هذه الأسباب خلل في الزوجة ذاتها " .
وفعلا هناك الكثيرات تطلقن لأسباب متعددة منها ( الاسترجال وعدم إطاعة الزوج ) وأيضا ( سذاجة الزوجة ) أي ان هناك فئة من النساء تطمع برجل غير الذي بين ذراعيها وهي تعتبر من أبواب الخيانة الزوجية كما يحدث لبعض الرجال ومن الأسباب أيضا (الإسراف في المال ) وعدم الاكتراث لتعب الزوج ... وطبعا هذا على لسان الزوج والذي تنفيه الزوجة وتعتبره غطاءا على اسلوبه العنيف والغير منطقي وتعتبر المشاكل الاقتصادية السبب الأكبر في الكثير من حالات الانفصال بين الزوجين .
مختصر مفيد قال تعالى ( وان يفترقا يغن الله كلا من سعته ) سورة النساء (130) . ان الطلاق جائز شرعا وقانونا وهو افتراق بالمعروف . ويتم إذا لم يكن هناك خيارا مناسبا للتوافق وهو حل لزوجين لم يتوافقان لأسباب مقنعة لكن ما يحدث اليوم في المحاكم هي معضلة اجتماعية كبرى لمجرد تقليد لما تبثه شاشات التلفزة وما تقوم بإحداثه المكالمات الهاتفية العشوائية والتي تربط بين اثنين بوعود زائفة وكلمات خالية من أي مصداقية لتتم العلاقة الوهمية بين شخصين لم يشاهد بعضها الآخر بل يقوم الطرف بتوزيع رقم المخدوعة بالوعود الزائفة إلى كل من يعرف من رجال لغرض المتعة والتلاعب والفضائح وغيرها من أساليب الانحطاط الأخلاقي . ان البرامج التي تدعم الطلاق بمختلف أشكاله أصبحت كثيرة وعدم وجود رقابة وسلطة تهتم بهذا الشأن شجع على الاستمرار بإعداد هكذا عوامل لتحفيز المرأة خصوصا بطلب الطلاق لأتفه الأشياء وذلك بعد إن جعلت من الطلاق أمرا لا عيب فيه ولا سلبيات له . والمجتمع العراقي بلغ أعلى نسبة طلاق له في 2009 بعد ان أكن ضئيلا جدا قبل 2003 أي ان السنوات المحصورة بين هذين العامين هي فترة نمو لهذه الظاهرة التي تهدد الأجيال القادمة . وان الملفت أكثر ان عدد كبير من حالات الطلاق هذه تتم بين زوجين شابين لم يبلغوا العشرينات ففي الوقت الذي تعاني منها شريحة كبيرة من المواطنين نقصا كبيرا في المال يدفعه الى طلاق زوجاتهم وترك أطفالهم والهرب من المسؤولية هناك نسبة كبيرة ممن طغت اموالهم على نفوسهم ودعتهم للافتراق عن الشريك زوجا كان ام زوجة فالموظفات اللواتي طلبن الطلاق كثيرات بعد ان حفزتهن رواتبهن على ترك الزوج الذي تذكره بين الحين والأخر بأنها مصدر قوت البيت وإنها ( صاحبة راتب ) وليس جميعهن . أما الرجال حين توفر وارده وأصبح مبلغا معتبرا هدد زوجته ( أطلقك وأتزوج غيرك ) وهذا ما عصف بالبيت العراقي وشتت أفراده . والطلاق في العراق أصبح أسهل من شرب قدح ماء لما تحول اليه بفعل الظروف وهنا لابد اخذ الموضوع بالاعتبار لأنه يأتي في وقت عزوف الكثير من الشباب عن الزواج للظروف التي يتم بسببها الطلاق والاهتمام والتركيز هو مطلب موجه للبرلمان ورئاساته ووزارتي العدل والعمل والشؤون الاجتماعية ولإنشاء دور للإصلاح الأسري يهتم بالزوجين وترشيدهم لكون دور الباحثة الاجتماعية اليوم شبه معدوم على عكس المحاميين والمحاميات الذين يشهدون نشاط عملي ممتاز بسبب كثرة حالات الطلاق ولا حل للقضية سوى دراسته جيدا ومن مختلف جوانبه وسن قانون خاص باقتران الزوجين وتقليص حالات الافتراق بنقاط يضعها أساتذة مختصون بهذا الشأن وإلا فان الأعوام العشرة القادمة لا تعد فيها أسرة عراقية واحدة
|