السياسة والدين وشهوة السلطة:


لقد كان مبنى الإمام علي علية السلام السياسي، في اختيار الولاة هو الحرص أشد الحرص على أن لا يكونوا من الذين لهم أطماع سياسية، أو حرص على السلطة وأن لا يكونوا من طلابها. في بداية خلافته أٌبٌتلي (بطلحة والزبير)،الطامعين بالسلطة والجاه، وكانا طامعين بالبصرة والكوفة، فقد سألاه توليتهما فلم يجيبهما إلى ذلك. فأظهرا ما كانا يضمران له من حسداً وغي، وأستشار عبد الله بن العباس فقال:(له بلغك قول هذين الرجلين) قال(نعم) قال الإمام ما ( ترى ) أجاب أبن عباس (أرى إنهما أحبا الولاية، فول الزبير البصرة،وول طلحة الكوفة) فرد علية الإمام قائلاً: (ويحك!! إن العراقيين بهما الرجال والأموال، ومتى تملكا رقاب الناس يستميلا السفيه بالطمع، ويضربا الضعيف بالبلاء، ويقويا على القوي بالسلطان، ولو كنت مستعملاً أحد لضره ونفعه لاستعملت معاوية على الشام، ولولا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي). هناك عاملان أساسيان للانحراف السياسي، في الأمة لم ينج منة حتى من كان مع رسول الله صلى الله علية وآله، وسمع منة وتزود من منهله وقاتل بين يديه. الابتعاد عن ذكر الله والذي يتجسد في الصلاة والعبادة والأمر بالمعروف نهي عن المنكر، والابتعاد ارتكاب الكبائر والفواحش. و إتباع شهوة السلطة والملك والسعي وراء الرئاسة وجمع المال وحب الجاه واعتبار ذلك مبادئ أساسية في الحياة . فحين يكون مثل علي بن أبي طالب علية السلام خليفة للمسلمين، شخصية مرموقة وذا السابقة والجهاد والقرابة والتضحية. تتجسد فيه معاير كثيرة منها التقوى والعلم والأمانة والعدل والصدق، والإعراض عن طلب السلطة وحب الرئاسة. فان الذين تتمثل فيهم هذه المعاير، هم يقلدون الأمر بأيديهم ويصبح المجتمع إسلاميا وتكون السياسة حقه وصادقة وغير ظالمة. ولكن حين تتبدل المعاير فسوف يستلم السلطة، كل من هو احرص على الدنيا واشد في حب شهوة السلطة، والرئاسة والملك، والتحكم في مقدرات الناس وتحصيل المنافع الشخصية. حينذاك تكون مقاليد الأمور بيد أمثال عمر بن سعد، وأبن مرجانه أمراء على مقدرات الأمة ويستشهد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام على مسرح الشهادة في كربلاء. عند ما تتغير المعايير في المجتمع فلاشك أن تراق الدماء ويراق مثل دم الإمام الحسين علية السلام. ولو أن الدهاء والانغماس في السياسات الباطلة وأتباع الشهوات والدجل والتسلط وعدم الاهتمام بالقيم الإنسانية والإسلامية واعتبرت هي المعايير. فان شخصاً كصدام، أو يزيد، أو عبيد الله بن زياد، يجب إن يكون على رأس هرم السلطة والسياسة ويجب إن يصبح الأول في العراق. لقد عمل الإسلام على تغيير هذه المقاييس والمعايير السلطوية التي لا هم لها الآ السيطرة على مقدرات الناس والمسلمين بشتى الشعارات، وحتى لو كان ثمنها دم الإمام الحسين علية السلام .