في هذه الايام، خلال التحضير للانتخابات، يتحول العراق الى ورشة عمل كبيرة، كانك في كرنفال موسمي، او احتفالات مولد، يتحول السياسيون فيها الى حواة وسحرة، يحاولون ارضاء المارة، وابتزازهم، على طريقة مهرجي السيرك.
تكثر زيارات المرضى وتفقد المستشفيات، وتنفذ المشاريع التي كانت اضابيرها مخلله في ادراج المكاتب لسنين طويلة، ويصل الامر في هذه الايام، ومن اجل راحة المواطن الى تجييش العساكر والدخول بحروب داعشية من اجل التظاهر بتوفير الامن سواء لابناء قضاء معين، او ناحية مجاورة فقط ليقال ان في العراق امان.
بناءا على طلب شخصي من السيد محمد تقى المولى فقد وافق مجلس الوزراء على تحويل كل من قضائي طوزخورماتو وتلعفر الى محافظة، وهذا ما شجع احد شيوخ الفلوجة، فتقدم بطلب مشابه فتمت الموافقة، واعلن مجلس ديالى على عدم ممانعته ترقية خانقين لمحافظة بعد ان سمع بان مجموعة من الاشخاص تظاهرت في القضاء، الامر الذي كان مرفوضا بعنف قبل ايام قليلة!!!
بناءا على طلب من التلاميذ؟؟ فقد وافق نائب رئيس الجمهورية على قرار منحة التلاميذ والطلبة، ولو تقدمت رياض الاطفال بطلب تحويلها الى جامعات، هذه الايام، في فان مجلس الوزراء سيوافق بدون مناقشة.
هذه الايام المفترجة اذا هي نقطة ضعف الحكومة، ففيها يفتح المسؤولون "طاقة" في سماواتهم ويلبون دعاء كل محتاج. وبغير هذه الايام فان الحكومة تغلق بوجة المحتاجين كل نوافذ الدعاء، بل تجابه المطاليب بهراوات الشرطة، والمظاهرات بالهليكوبتر والاعتصامات بـ"شبيحة" تنقلهم على عجل من محافظات معينة لمحافظات معينة.
هكذا كانت ردة فعل الحكومة نفسها على مظاهرات الناصرية المطالبة بتوفير الكهرباء، وهكذا قمعت مظاهرات البصرة التي تزامنت معها، وقبلها اعتصامات شباب شباط التي تناغمت مع مظاهرات الربيع العربي، لمن يتذكر تلك الايام فقط.
نقطة ضعف الحكومة اذا هي هذه الايام "العسيرة" على المسؤولين في السطلة، وهي التوقيت الانسب لعرض المطاليب والتظلم، فحين يزدحم المولد بالحواة والسحرة، ممن ستغطي ابتساماتهم واجهات المباني والعلامات المرورية، فان المواطن تصبح له قيمة، فقط في هذه الايام.
الان، ونحن نعيش بركتها، هذه الايام، يجب طرح المطاليب، الان تجب المطالبة بتوفير الكهرباء، وتحسين الخدمات التي اصبحت كالحلم للمواطن، المطالبة بتطوير التعليم والصحة، تعبيد الطرق بعد مد شبكات الصرف الصحي، بناء المساكن للمحتاجين، حل ازمات النقل توفير فرص العمل، وكل ما يهم الانسان الفقير، فالفقير لا واسطة له الا صوته الانتخابي. هذه الورقة التي لا يستطيع طرحها على الطاولة الا هذه الايام.
فهل تجيد الاغلبية من الناخبين العراقيين فن السياسة، وتطرح مطاليبها قبل طرح اوراقها الانتخابية، ام تكتفي هذه الايام بالتفرج على الحواة والسحرة، وهم يلعبون على حبال الطائفية، ليمر هذا المولد ايضا على العراقيين بدون حمص؟
|